اتجاهات

«من أجل تعزيز الأخـــــوة بين الجزائريين»

عبد العزيز كحيل/

تمنيت أن يكون هذا شعار حملة دعوية تجوب أطراف البلاد انطلاقا من منطقة القبائل تقودها الرموز الوطنية والمحلية ذات المصداقية لرأب الصدع والجهر بكلمة الحق وتأليف القلوب وتعرية أي جهة تعكر الصفو بين أبناء الوطن الواحد.
• ألا يعلم إخواننا القبائل؟
ألا يعلمون أننا لا نحمل أي مشاعر عدائية ضدهم إطلاقا؟ بل هم منا ونحن منهم، لا ننسى احتضانهم للإسلام والعربية منذ الفتح، لا ننسى استبسالهم في تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي، لا ننسى قاماتهم العظيمة مثل مولود قاسم وعبد الرحمن شيبان وآيت أحمد وعميروش وكريم بلقاسم ومحمد الشريف خروبي ومحمد الصالح الصديق، لا ننسى أن بجاية كانت عاصمة لدولة عربية إسلامية، لا ننسى أن ولاية تيزي وزو تحتضم أكبر عدد من المساجد والزوايا.
لكننا نتضايق أشد التضايق من تلك النخبة القليلة العدد الكبيرة التأثير التي تحاول فصل المنطقة ثقافيا ودينيا وسياسيا عن الجزائر، فئة مرتدة مبالغة في التميز المَرَضي، ترفض دين الجزائر ولغتها وتاريخا وعَلَمها، أغاني مطربيها كلها سبّ للعرب واستهزاء بالدين، كتابات مثقفيها تقطر عنصرية، فئة تنشر المسيحية والإلحاد، تحارب المساجد وتبني الكنائس، تمحو الخط العربي من اللافتات الرسمية، تشحن الشباب ضد باقي الجزائريين، تنصب التماثيل للرموز التي تفرّق الصف الوطني…هذه الفئة لا تمثل منطقة القبائل؟ فلْيتكلم القبائل بصوت مرتفع ولْيتبرؤوا منها علانية ولْيعملوا على فضحها وعزلها…الوقت مناسب لذلك، وسيجدون جميع الجزائريين معهم في السراء والضراء، يحترمونهم ويصاهرونهم ويقاسمونهم العيش دون أي تمييز كما هو الشأن منذ القدم.
أما السلطة فمسؤوليتها أكبر، تتمثل أساسا في إقامة دولة القانون الذي لا يظلم أحدا ولا يحابي أحدا مهما كان.
• حتى نكون عمليين: حتى نكون عمليين أرى أن يتوجه وفد من كبار المشايخ والدعاة المعروفين بالنزاهة والاعتدال إلى منطقة القبائل وينزلوا عند الشيوخ المعروفين هناك مثل الطاهر آيت علجت وسعيد بويزري وأبي عبد السلام وغيرهم ليكوّنوا معا فريقا يلتقي الناس ويستمع إليهم ويحاورهم ويطمئنهم ويدعوهم إلى كلمة سواء تخدم الوحدة الوطنية، والمحور هو الالتفاف حول الإسلام واحترام العربية والراية الوطنية دون سواها من الرايات المفرّقة، ورفض جميع أشكال الانفصال والعنصرية من أي جهة كانت، وتيسير سبل الدعوة لمحاربة التنصير وموجة الإلحاد والتشكيك في تاريخنا ورموزنا، وتدعيم المساجد بدل الكنائس، ومقاومة الشقاق بين الجزائريين وفضح النُخب الانفصالية وذات الانحراف الايديولوجي الدخيل، وإحياء أواصر الأخوة والمحبة بين أبناء جميع مناطق القطر لتعود كما كانت زمن الثورة يدا واحدة ضد المخططات التخريبية، وتأكيد أن الدولة الجزائرية ليست دولة عرب يقمعون القبائل ولن تكون دولة أقلية تضطهد الأغلبية بل هي دولة جميع الجزائريين دون تفرقة ودون مزايا خاصة، والتحذير من الفكر العنصري وتزييف حقائق الواقع والتاريخ، والتركيز على القيم والرموز المشتركة التي صنعت تاريخنا الموحد…الخطوة تتبعها قوافل دعوية تجوب الجزائر كلها لنفس الغرض الإصلاحي التوحيدي البناء.
• دور الأغلبية الصامتة: والد جمال رحمه الله كان فعلا في المستوى فهل تكون منطقة القبائل هي الأخرى في المستوى فتبادر إلى إعادة تربية الضالين والمنحرفين فكريا من أبنائها على ثقافة الإجماع بدل التميز المَرَضي، وعلى تبني الإسلام بدل التنصير والإلحاد، وعلى حب العربية بدل بغضها، وعلى الوحدة الوطنية بدل الحمية الجاهلية؟ يجب أن تعيد تربية الأجيال على الراية الوطنية الواحدة بدل شحنها بخرافة «الراية الثقافية» وأن العرب غزاة…أقول هذا لأن الماك له أنصار كثيرون هناك من الأحزاب إلى الأفراد، وقد وقفت بنفسي على نماذج من «إسلاميين بربريست» تربوا في أحضان أغاني معطوب ومهني وآيت منقلات وإيدير، وكلها لائكية وحقد على الثوابت الوطنية (وأستاذ العلوم الإسلامية شرّ مثال على ذلك)…نريد ثقافة الشعب الواحد بدل التميز العرقي العنصري…كيف نغمض أعيننا على هذه النخب التي تهاجم الإسلام والعربية والعرب صباح مساء في القنوات والجرائد والوسائط الإجتماعية؟ هم أقلية؟ لكنها أقلية تتحكم في الأغلبية، فيجب على هذه الأغلبية أن تعمل على إعادة الأمور الى نصابها بدءا بالالتفاف حول رموزنا من عقبة بن نافع إلى الأمير عبد القادر وابن باديس، وإيقاف الشحن الإيديولوجي المفضوح ضد الجزائر الموحدة…لا يجوز أن يبقى أي طرف فوق القانون، وأرى تفعيل حكم الإعدام لينال أي مجرم جزاءه.
لا نقبل بعنصرية من القبائل، ولا نقبل عصرية ضد القبائل بل نريدها جزائر واحدة موحدة في ظل ثوابتها، فلتتكلم الأغلبية الصامتة هناك ولْتقل كلمتها ليطمئن الجزائريون ويكونوا يدا واحدة ضد من يريد تمزيق صفهم.
فلْنطفئ نار الفتنة: لا تُطفأ نار الفتنة بالسكوت عنها بل بإقامة العدل والقصاص…الفتنة تكمن في تمييع القضية وخضوع الأغلبية للأقلية، وانسحاب الدولة وتولي الشواذ فكريا شؤون منطقة بأكملها وفرض منطقهم على الجزائر كلها…نقضي على الفتنة ونضمن الوحدة الوطنية حين نلتف جميعا حول دين واحد ولغة واحدة وعَلَم واحد ورموز واحدة كما كنا منذ 15 قرنا…نخمد الفتنة حين يتكلم «عقلاء» المنطقة بصوت مرتفع لإدانة العنصرية والجريمة وتفريق الصف الوطني، ولن نقبل بالكلام العام الذي يتجنب القضية الملحة ويخوض في العموميات كأنه يسوّي بين الضحية والجلاد (هذا ما لمسته مع الأسف من كلام بعض أئمة بجاية في شريط مصوّر)…أين «العقلاء» ليقولوا بصراحة لا للماك وأنصاره، لا لمعطوب وأفكاره، لا للرموز المنحوتة التي تفرق بين الجزائيين وتطعن في انتمائنا الوطني؟…ندرأ الفتنة حين نرى العقاب القانوني يطال الجُناة كل الجناة…ونقضي على الفتنة نهائيا حين نخرج من منطق التميّز المَرَضي الذي يفرق بين الجزائريين وتقابله الدولة و«عقلاء» المنطقة بالسكوت والرضا الضمني. .. نعم لجزائر واحدة موحدة، لا لأي صوت نشاز، لا لأي شكل من أشكال العنصرية في أي منطقة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com