عاشوراء حقائق و اباطيل

الشيخ نــور الدين رزيق /
أعظم ما يبتلى به المسلم الابتلاء في الدين {الم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} وقال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (155) قد يصبر المؤمن على هذا النقص ولكن فتنة الدين هي الحالقة.
بعض الناس يخرج الحق من الدين، كما تقول العلمانية الدين عبادة لا دخل للمعاملات في الدين يريده دينا أجوف لا حياة فيه، وبعضهم يدخل الباطل في الدين وهذا اخطر على الدين، ممّا جعل الإمام الشاطبي -عليه رحمة الله – ينبه ويؤصل لهذه المسألة ويكتب عليه رحمة الله: تنقسم البدعة إلى بدعة حقيقية وأخرى إضافية لها أصل في الشرع.
يوم من أيام الله تعالى أهتم به النّبي -صلى الله عليه وسلم – وخصه الله تعالى بعبادة الصوم وهو يوم عاشوراء لكن الناس أضافوا إليه أمورا ما أنزل بها من سلطان ووقع الغلو في هذا اليوم، روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم – ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه. فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وأمر بصيامه».
-يستفاد من هذا الحديث: أن منهج الأنبياء انه اذا وقع احدهم في هم و ضيق ففرج الله تعالى عليه فعليه بالشكر ليس باللسان فقط بل بالجوارح (الصوم أو الصدقة أو العتق).
-وقوله -صلى الله عليه وسلم – «أنا أحق بموسى منكم» على أن الأنبياء دينهم واحد وإن اختلفت الشرائع قال -صلى الله عليه وسلم -: «الأنبياء أخوة لعلات امهاتهم شتى ودينهم واحد» مسلم.
-وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع» ابن ماجه قال ابن عباس -رضي الله عنه – فتوفي -صلى الله عليه وسلم – في ذلك العام، وضع مبدأ مخالفة اليهود والنصارى في أعيادهم ومناسباتهم.
-بعض النّاس يربط إخراج الزكاة بيوم عاشوراء والعشور وهذا راجع الى غياب الشريعة الإسلامية عن نظام الحكم، قالوا:صيام عاشوراء تزكية للنفس وهو يوم تزكية المال.
– ارتبطت هذه المناسبة بيوم أليم وذكرى مأساة نزلت على الأمة الإسلامية تتجرع مرارتها إلى اليوم سببت الشقاق والبغض والكراهية والقتل بين المسلمين وهذا يوم الجمعة 10 محرم 61 ه إذ قتل فيها سيد شباب أهل الجنة ابن بنت النبي -صلى الله عليه وسلم – فاطمة الزهراء الحسين بن علي – رضي الله عنهم -.
يقول صاحب منهاج السنة (4/544):
صار الشيطان بسبب قتل الحسين -رضي الله عنه -يحدث للنّاس بدعتين:
بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثى وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب حتى يسب السابقون الأولون وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سنّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين.
بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله.
وكذلك بدعة السرور والفرح وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين وكان رأسهم المختار بن أبي عبيد الكذاب وقوم من الناصبة المبغضين لعلي -رضي الله عنه وأولاده – ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي.)
مع العلم أن الجزائر الدولة السنية الوحيدة التي تحتفل بيوم عاشوراء كعيد ديني، وانتشرت بين أهلها بعض العادات في هذا اليوم منها ترك الإبرة والخياطة، وقطع الشعر حتى تخلف وترك تقليم الأظافر وما إلى ذلك من العادات و التى هي من رواسب الدولة الفاطمية الرافضية.
-أما أحاديث التوسعة على العيال في هذا اليوم فغير صحيحة، فلا يجوز الاحتجاج بذلك على شرعية التوسعة على العيال؛ لأنّ الحجة في الكتاب والسنة لا في عمل التابعين ومن بعدهم.
ثمّ لا ننسى أن يوم عاشوراء يوم انتصار الحق على الباطل، والخير على الشر، والإيمان على الكفر، ففيه غرق فرعون قائلاً: «أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى» وفيه انتصر ﴿الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وفيه تبدلت الأحوال ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنّٰتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فٰكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنٰهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الدخان/25-28، فصامه موسى عليه السلام و قومه شكرا لله و صامه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم – وأمر بصيامه بداية، إلاّ أن قوما استبدلوا هذا المعنى إلى احتفال وتجمعات منكرة.
وهذا الشيخ محمد البشير الإبراهيمي -عليه رحمة الله – في كلمته التي نُشرت قبل 70 عاماً، وحملت عنوان «كلمة في الاحتفالات» وهي منشورة في الجزء الأول من آثار الشيخ البشير الإبراهيمي، (ص 234، ط1، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع)، فقال: «ذلك النوع الشائع في الأوساط الشيعية من احتفالهم يوم عاشوراء بذكرى مقتل الحسين -عليه السلام – فإنّه فضلا عما يقع فيه من المنكرات المخجلة، لا يثير إلا الحفائظ والإحن ولا يثمر إلاّ توسيع شقة الخلاف» ثمّ يضيف: «لا نرضى للمسلمين بهذا الطراز البالي من الاحتفالات التي ذكرنا بعض أنواعها، فقد عكفوا عليها قرونا فما زادتهم إلاّ خبالا وانحطاطا، وإنمّا نريد منهم محوها واستبدالها بما هو خير».