عبد الرزاق قسوم يدعو إلى الحكمة في إدارة الأزمة حرائق الجزائر تجمع الشعـب على قلب رجـل واحد
في عزّ الأزمة الصحية الراهنة، ومع نقص المكثفات وحتى كميات الأوكسجين في المستشفيات، ها هي الجزائر تعيش محنة أخرى، أو وباء من نوع آخر لكن هذه المرة أتى على الأخضر واليابس، حرائق تشهدها عدد من ولايات الوطن تُخلّف خسائر بشرية وأخرى في الثروة الحيوانية والغابية. ولطالما صنع الشعب الجزائري نموذجا حضاريا ملهما من خلال تجاربه الاجتماعية المتراكمة، ها هو ينهض مرة أخرى في صباح يوم الثلاثاء أول يوم من العام الهجري الجديد، لتصدح مواقع التواصل الاجتماعي بنداءات تدعو إلى تنظيم قوافل إغاثة من أجل مساعدة سكان قرى تيزي وزو، جيجل، بجاية، سكيكدة، الطارف وغيرها من الولايات المتضررة، وذلك من خلال جمع مواد غذائية وأدوية وتقديم وسائل نقل المياه وحتى المساعدة في إخماد الحرائق.
متابعــة: فاطمة طاهي/
الدكتور عبد الرزاق قسوم يدعو إلى الحكمة في إدارة الأزمة
اعتبر الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أن نشوب الحرائق عملية مفتعلة وتوقيتها الذي تزامن مع الفاتح من العام الهجري الجديد لم يكن صدفة وإنما كان أمرا مقصودا، حيث قال في تصريح له: «أبى علينا شياطين الإنس إلا أن ينغصوا هذا العيد ويضيفوا إلى وباء كورونا وباء ثانيا وهو إحراق الغابات والمساحات التي هي عنوان الخصوبة والإنتاج والنماء».
من جهة أخرى دعا رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى التحلي بالهدوء والحكمة في معالجة وتسيير الأزمات التي تمر بها الجزائر.
هذا وأكد الدكتور عبد الرزاق قسوم، أن الإسلام دعا إلى الصبر عند الشدائد وكظم الغيظ عند وقوع المصائب، ويقول عن المحن والأزمات التي تمر بها الجزائر: «لن يكون لها دواء إلا بالعودة إلى الله بالدعاء والتضامن والوفاء والإخاء بين الشعب الواحد».
وأضاف أنه رغم محاولات الأيادي الإجرامية تفريق وتشتيت الشعب الجزائري بعد إشعال الحرائق، إلا أن الشعب أثبت عكس ذلك وتمسك بوحدته من خلال تلاحمه وتضامنه.
كما تحدث الدكتور عبد الرزاق قسوم، عن قوافل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المتجهة إلى ولاية تيزي وزو وغيرها من الولايات المتضررة من الحرائق، قائلا: «جمعية العلماء المسلمين حاضرة ومرافقة لإرسال قوافل إغاثية محملة بالماء والغذاء والغطاء»، وفي نفس السياق دعا كل شُعب جمعية العلماء وكل المواطنين إلى أن يهبوا لإغاثة إخوانهم المتضررين وأيضا قائلا: «أدعو أبناء الجزائر حيثما كانوا وأينما حلوا أن يقدموا العون والمساعدة لإخوانهم في منطقة الزواوة التي جاهدت من أجل وحدة الوطن ومن أجل نصرة العقيدة، هذه المنطقة التي لا تزال قائمة على الثوابت الوطنية والدينية».
هذا ودعا الدكتور عبد الرزاق قسوم السلطة الجزائرية إلى تحقيق الانصاف ومعاقبة كل من تسول له نفسه المساس بوحدة الأمة وبغاباتها ويضيف: «إن هذا ليس قتلا لتيزي وزو فقط وإنما هو قتل لتلمسان ولتبسة ولتمنراست ولكل أنحاء الوطن ومحال أن يموت وطن وفيه أمة إسلامية ناهضة».
قوافل إغاثية لجمعية العلماء المسلمين متجهة نحو الولايات المتضررة
قامت اللجنة الوطنية للإغاثة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بتنظيم قوافل تضامنية متجهة نحو ولاية تيزي وزو، لإغاثة المتضررين من الحرائق التي نشبت في عدة قرى بالولاية، هذا وانطلقت صبيحة يوم الخميس 03 محرم 1444هـ الموافق لـ 12 أوت 2021م، ستة شاحنات محملة بمواد غذائية ومختلف المستلزمات والتي قدرت بـ120 طنا.
كما نظمت شُعب جمعية العلماء المسلمين كشُعبة وادي سوف وغيرها من شعب الجمعية المتواجدة في شرق الوطن وغربه قوافل تضامنية محملة بالمواد الغذائية والأدوية ومولدات الكهرباء والكمامات والمعقمات متجهة إلى الولايات المتضررة من الحرائق.
كما نظمت شُعبة ولاية سطيف بالتنسيق مع مركز الشهاب قافلة تضامنية مستعجلة إلى ولاية تيزي وزو، وقامت شُعبة العلمة بحملة تضامنية للمناطق التي مستها الحرائق، ومثلهم نظمت شُعبة دلَّــس كذلك قافلة استعجاليه لإغاثة سكان ولاية تيزي وزو.
شباب عبر مختلف ولايات الوطن يُجنّدون لإطفاء النيران
استقبلت ولاية تيزي وزو حافلتين وسيارات بها شباب قادمون من مختلف ولايات الوطن، وهذا لمساعدة أهل وسكان ولاية تيزي وزو على إطفاء الحرائق، وهم حاملون أدوات وبعض الوسائل البسيطة لاستعمالها في الإطفاء والحفر، هذا ودعا الشباب عبر فيديوهات نُشرت عبر وسائط التواصل الاجتماعي، الشباب الجزائري إلى اللحاق بهم إلى المنطقة، وذلك من أجل التضامن والتطوع لإطفاء الحرائق.
حملات تضامنية ضخمة قادمة من مختلف الولايات
وصلت شاحنات كبيرة محملة بالمؤونات إلى ولاية تيزي وزو، قادمة من مختلف الولايات كولاية الشلف وخنشلة و تبسة، وهران، العاصمة…، وهذا ضمن العمليات الوطنية التضامنية، التي أطلقها الشباب وممثلو المجتمع المدني والجمعيات الخيرية التي كثفت نشاطها التضامني من أجل إغاثة سكان ولاية تيزي وزو وغيرها من الولايات المتضررة، كما يترقب سكان الولاية وصول شاحنات أخرى قادمة من بقية الولايات والتي سبق أن أكدت حضورها وتضامنها.
هذا وقامت جمعية سنابل الخير، بجمع التبرعات لصالح السكان المتضررين من الحرائق. حيث أطلقت الجمعية حملة لجمع المياه المعدنية وحفاظات، ومواد غذائية ومستلزمات طبية، من كمامات ومعقمات.
وفي سياق ذي صلة، أطلقت جمعية «حراء» وبالتنسيق مع مؤسسة الدكتور سعيد بويزري، قافلة تضامنية متجهة نحو المناطق المتضررة في ولاية تيزي وزو، حيث دعا ممثلو هذه الجمعيات إلى المزيد من التبرع بمولدات كهرباء، وحليب الأطفال، ووجبات خفيفة، إضافة لمواد التنظيف.
شباب العاصمة يجمعون التبرعات ويتوجهون إلى تيزي وزو
أطلق الشباب عبر مختلف بلديات العاصمة نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل جمع التبرعات لإخوانهم في ولاية تيزي وزو، حيث قدموا أرقام هواتفهم وحددوا موقع استلام التبرعات، كما نزل شباب مختلف البلديات إلى الشارع عبر بلديات العاصمة لجمع تبرعات المواطنين، من مواد غذائية ومياه وأدوية للجروح وأغطية وأفرشة. ثم انطلقوا مساء يوم الثلاثاء وصباح يوم الأربعاء من أجل توصيل المساعدات لولاية تيزي وزو. وقد شارك في هذه الحملات التضامنية الكثير من مواطني الأحياء كأفراد وكمنخرطين في جمعيات خيرية.
صيادلة وأطباء يتطوعون لإسعاف المتضررين
توجهت الأطقم الطبية نحو مستشفيات تيزي وزو لإسعاف المتضررين من الحرائق التي شهدتها الولاية، كما استقبلت بعض العيادات الخاصة بالولاية كعيادة «الشهداء محمودي» و«سليمانة» عددا من المتضررين، حيث فتحت أبوابها تطوعا وتضامنا مع ضحايا الحرائق والتكفل بعلاجهم مجانا.
وبدورها ساهمت النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، بتقديم مختلف المواد الصيدلانية التي يحتاجها المتضررون، كما قامت بتوجيه نداء لجميع الصيادلة، من أجل المساعدة من خلال تقديم أدوية ومعدات طبية لإخوانهم في الولايات المتضررة.
حرائق تيزي وزو تُوصف بـ»مشهد من نهاية العالم»
وصف بعض المدونين المشاهد التي صورت جبال وغابات ولاية تيزي وزو والتي بثت صوت نداء الإستغاثة الذي صدح به سكانها وهم يفرون من منازلهم بـ «مشهد من نهاية العالم»، حيث عرفت الصور والفيديوهات انتشارا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا دليل على حجم الأزمة والكارثة التي أرعبت صورها الدول.
حداد وطنيٌ لثلاثة أيام
هذا وجاء في البيان الذي أوردته وكالة الأنباء الجزائرية: «على إثر استشهاد عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين، جراء الحرائق التي اجتاحت بعض ولايات الوطن، قرر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من الخميس 12 أوت 2021، مع تجميد مؤقت لكل الأنشطة الحكومية والمحلية ماعدا التضامنية منها».
إحراق الغابات عمل إجرامي مخطط له
أكد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، أن التحريات الأولية أثبتت أن حرائق الغابات التي تشهدها البلاد ناتجة عن فعل إجرامي، وقال في تصريح، إنه بالرغم من أن الظروف الطبيعية الحالية التي تساعد على انتشار مثل هذه الحرائق إلا أن الأيادي الإجرامية ليست بعيدة عنها، كما ذكر أن التحليلات الأولية على مستوى منطقة تيزي وزو أثبتت أن أماكن اندلاع هذه الحرائق كانت مختارة بدقة تسمح بإحداث أكبر قدر من الخسائر، وبيّن أن المواقع التي تم اختيارها توجد في مناطق بها تضاريس وعرة وصعبة تعطل وصول الإسعافات، وشدد الوزير الأول على أن الدولة لن تتسامح في معاقبة ومحاكمة المجرمين المتورطين في هذه الأفعال الإجرامية تجاه المواطنين الأبرياء وتجاه ثروات البلاد.
هذا ويبلغ عدد الحرائق التي لا تزال تشهدها الجزائر 69 حريقا منتشرة في 17 ولاية، منها 24 حريقا في ولاية تيزي وزو، وأوضحت المديرية العامة للحماية المدنية في بيان أنها جندت لإخماد الحرائق في تيزي وزو 800 رجل و115 شاحنة إطفاء فضلا عن تدخل مروحيتين من المجموعة الجوية التابعة لها، وصرحت وزارة الداخلية أن الحرائق هي عملية مفتعلة وقد ألقي القبض على عدد من المتهمين المتورطين في إشعالها.
إقامة صلاة الغائب على أرواح ضحايا حرائق الغابات بكافة مساجد الوطن
أقيمت بعد صلاة الجمعة عبر كافة مساجد الجزائر، صلاة الغائب، على أرواح الشهداء من المواطنين وأفراد الجيش الوطني الشعبي ضحايا حرائق الغابات التي تشهدها عدة ولايات منذ يوم الاثنين الماضي.
وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قد أعلنت يوم الأربعاء الفارط عن اقامة صلاة الغائب على أرواح الشهداء من المواطنين و أفراد الجيش الوطني الشعبي من ضحايا الحرائق المهولة التي أدت إلى إزهاق الأرواح و الأنفس وإتلاف مقدرات الأمة.
وقد اصطف المصلون في جو من الخشوع رافعين أكف الضراعة جماعيا إلى المولى عز وجل راجين منه أن يتغمد ضحايا هذه المحنة برحمته الواسعة ويشملهم بعفوه وغفرانه ويسكنهم فسيح جناته، وأن يرزق ذويهم الصبر والسلوان.
وقد خصص أئمة المساجد خطبهم للحديث عن الفاجعة التي ألمت بالشعب الجزائري ، مؤكدين ان ضحايا هذه الحرائق والعسكريين الذين سبلوا أرواحهم، لانقاد أرواح المواطنين وحماية ممتلكاتهم هم شهداء عند الله» ، كما دعوا بالمناسبة المواطنين الى الحفاظ على الوطن ووحدته من أجل رفعة الجزائر بين الامم، سائلين المولى عز وجل أن ينزل علينا من غيثه ورحمته ما يطفئ هذا اللهب وأن يجعله بردا وسلاما على البلاد والعباد وأن يحفظنا من كل سوء.
40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الغائب على أرواح ضحايا حرائق الجزائر
أدى الفلسطينيون، بعد صلاة الجمعة الفارط ، صلاة الغائب، في المسجد الأقصى ومساجد الضفة الغربية ، على أرواح ضحايا الحرائق التي تجتاح الجزائر.
جاء ذلك تلبية لدعوة وجهتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية للأئمة والخطباء.
وفي بيان لها، قالت الوزارة إن إقامة الصلاة تأتي «تأكيداً على عمق العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والجزائري، وشكرا لدولة الجزائر على مواقفها الثابتة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني».
ونقل عن دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، أن أعداد من شاركوا بالصلاة بنحو 40 ألف مصلٍ.
من جهته، قال «محمود الهباش»، قاضي قضاة فلسطين، في خطبته بمسجد خالد بن الوليد بمدينة رام الله: «نُصلي صلاة الغائب على أرواح الضحايا، ضحايا الحرائق التي وقعت في الجزائر الحبيبة التي نحبها وتحبنا، نحب شعبها وشعبها يحب فلسطين وأهل فلسطين».
ف.ط.