تارك الصــــلاة عمـــدا (بعد تبليغــــه أمر وجوبها) ليس مسلما

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com/
الســـــؤال
قال السائل: هو مغترب في فرنسا وتَعَرَّف على فتاة ألمانية، وقالت له: إنها مسلمة، ولكنها لا تصلي، ولا تصوم. وعندما قال لها: إن الإنسان رجلا كان أو امرأة، لايكون مسلما إلا إذا كان يؤمن بالقرآن، ويعمل بما أمر الله تعالى في القرآن، ومنه: واجب إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان. قال: قالت له: مازلت لم أقتنع بأن المسلم لايصح إسلامه إلا بالصلاة. قال: وسؤالي: أستشير سيادتكم، هل يصح أن أعقد عليها ثم أعلمها، وأقنعها بأركان الإسلام؟ وهل تارك الصلاة عمدا ليس مسلما؟
الجـــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: أمور الدين توقيفية، فالله تعالى هو الذي شرع الدين، وأرسل النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، فعلم الناس معنى الإسلام، ومعنى الإيمان، ومعنى الإحسان. ولا يجوز في الدين الزيادة ولا النقصان، ولا الخيرة فيما قضى الله وسوله في كل أحكام الشرع، في العبادات، والمعاملات، والحلال والحرام. والنبي حين سئل عن الإسلام، قال جبريل عليه السلام:{يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا] (مسلم:8)
ومن ثم فالإسلام نظام متكامل لا يقبل الخيرة، ولا التقسيم، فمن دخل الإسلام، قبل ورضي بالدين كله. ومن رفض ركنا من أركان الإسلام عن عمد، أوحكما من أحكام شريعة الإسلام، فلا يعتبر مسلما. وعليه فلا يجوز لك أن تتزوج امرأة ترفض إقامة الصلاة، أو ترفض أي أمر من الدين. ففي الحديث. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: [إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ] (مسلم:82) ويكفي أن من عصى الله عن عمد كان في ضلال، وكيف تعيش مع امرأة ضالة، كما أن المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج تارك الصلاة. قال الله تعالى:﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ (الأحزاب:36) توعد الله تعالى وأخبر أن من يعصى الله ورسوله فقد ضل. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
وللصلاة في الإسلام شأن كبير، يكفي أن من ترك وقتا عن عمد حبط عمله. ففي الحديث.عَنْ أَبِي المَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاَةِ العَصْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ] (البخاري:553)
ثانيا: أقول للسائل: اعمل بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم. [تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ.] (البخاري: 5090) فبعض الشباب ينبهرون بالجمال الجسدي ولو كان على حساب الدين والأخلاق، وبعضهم يختار الموظفة التي تكسب المال، وبعضهم يختار النسب والمعرفة والجاه. والمؤمن العاقل يختار ما اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم. يختار المؤمنة التي تعبد الله عز وجل، وتطيع زوجها، وتحسن تربية أولادها. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل: وهل تارك الصلاة عمدا ليس مسلما؟ والجواب في الفقرة الأولى من نص هذه الفتوى.وفي الحديث: [إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ] قد يقول قائل: الإنسان يدخل الدين بالشهادتين. والجواب: نعم، ولكن برفض ما جاء في الدين، يؤدي إلى الخروج منه. فترك الصلاة خروج من الهداية إلى الغي، فإن تاب، واتبع الكتاب، وثبت على الصواب، كان من المسلمين، ودخل معهم الجنة. قال الله تعالى. ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا.﴾ (سورة مريم:59،60) لأن تارك الصلاة عمدا خارج عن دائرة الأخوة الإيمانية.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.