بشرى خيــــر

أ د. عمار طالبي/
تمت الانتخابات التشريعية، وشكلت الحكومة، وأغلب أعضاء البرلمان شباب، وذوو كفاءة، ومستوى ثقافي، وأغلب أعضاء الحكومة شباب، وذوو خبرة وكفاءة، رأى الشعب بعض هذه الكفاءات في الميدان العملي.
فإذا تعاونت الطاقات الشبابية الوطنية في البرلمان، والحكومة، فإننا نتوقع أن تدار شؤون الوطن إدارة ناجحة، لأن إدارة الشؤون المختلفة بطريقة عقلانية منهجية علمية هو الذي يحفظ إمكانات البلد من التبديد، والفساد، ولأن العبرة ليست بمجرد توفير الإمكانات بقدر ما هو تدبيرها تدبيرا حسنا، وإدارتها إدارة محكمة متقنة.
ونأمل أن تهيئ لهذه المرحلة الجديدة استراتيجيات في مجال الاقتصاد، والتربية، والبحث العلمي، وخاصة ما يتعلق بالمنظومة التربوية، وبالفلاحة، وتهيئة أسطول بحري للنقل، وتمديد شبكة كبرى للخطوط الحديدية، فإننا تأخرنا كثيرا في هذا المجال، أما الطرقات فإنها تحتاج إلى علاج يومي، فأنت إذا سلكت طريق الشرق لا تلبث أن تجد حفرا، وتشققات في الجسور، وفي الطريق، تؤدي إلى الحوادث والخسائر، وانحباس الناس مدة طويلة في وسط الطريق، ولا ترى محاولة لعلاج هذه العيوب الناشئة عن الغش في خدمة الطرق، وعدم المراقبة الصارمة.
ونرى هذه الأيام محاولات جيدة للتصدير، مما يخلصنا من الاعتماد الكلي على المحروقات، وإهمال الفلاحة التي هي الأساس في الإقلاع الاقتصادي.
وكم ناديتُ بالاتجاه إلى الفلاحة وتربية المواشي من البقر، والغنم، والمعز، لنتخلص من التبعية في مادة الحليب، ومادة اللحوم، التي تكلف الخزينة أموالا طائلة، ولا تؤمن تهيئة الأعلاف الكافية، فإن الصحراء يمكن أن تغطى في أجزاء منها بغرس الأعشاب والحشائش، إذا وضعت لذلك إستراتيجية قائمة على العلم، والتقنية، لأن الفلاحة عندنا ما تزال متخلفة جدا، لتخلف البحث العلمي، واستعمال الوسائل التقنية الكفيلة بازدهارها، لنصل إلى الاكتفاء الذاتي على الأقل.
فعلى أعضاء الحكومة مسؤولية كبرى، في وضع الاستراتيجيات والمشاريع، ومتابعة تنفيذها في أوقاتها، فإننا عانينا من تأخر إنجاز المشاريع معاناة كبيرة، وتراخيا مخلاّ إلى يومنا هذا.
إن الاستثمار الاجتماعي من أهم أسس التنمية، ومعنى ذلك أن العمل هو الأساس في الثروة، ذلك أن العمل هو الأساس في الثروة، فمن الضروري تحفيز الطاقات الاجتماعية للشباب، وغيرهم، من العمال والفلاحين، وتشجيع النشاط، وردع أصحاب الكسل والخمول.
أدّى الاعتماد على المحروقات إلى فشل الفلاحة، وإلى كسل العمال، وعدم حرصهم على خدمة وطنهم، والقيام بمسؤولياتهم.
ونأمل أن يتابع البرلمان أعمال السلطة التنفيذية ومراقبتها، ولا يقتصر شأنه على مجرد إصدار التشريعات والقوانين.
أما مشكلة السلطة القضائية فإنها ما تزال متفاقمة، فالأحكام لا تجد تنفيذا، والرشوة ما تزال تلعب لعبتها، ومشكلة استقلال السلطة القضائية ما تزال تحتاج إلى أن تأخذ استقلالها عن السلطة التنفيذية، وغيرها من التدخلات المفسدة.
ولعل وزير العدل الحالي، وهو الخبير بالقضاء ومشاكله أن يجعل القضاء في بلادنا يأخذ مجراه إلى حريته واستقلاله، نَعَم إن الاعتماد على شخص واحد لا يكفي، ولكن لابد من هيئة متكاملة متساندة مخلصة لتؤدي هذه المسؤولية الجماعية.
إن القضاء على الروتين الإداري ومشاكله أمر ضروري، فإننا ورثنا إدارة ذات هيكل استعماري، ولم نتخلص من طريقتها البطيئة المعطلة لمصالح الناس، وإذا راسلت إدارة فإنها تحتقرك ولا تجيبك، وإذا هتفت فلا تجد غالبا من يجيبك، كأن المواطن لا قيمة له ولا كرامة، مع أن الموظف مسؤول عن عمله، في الاستجابة إلى المواطن وخدمته، ألا متى تستقيم شؤوننا؟