فتاوى

معايير اللباس الشرعي للمرأة، وما اصطلح عليه بالحجاب

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com

السؤال
قال السائل: (ك. ط.) من شرق الجزائر. أمَرْتُ الزوجة أن تلتزم باللباس الشرعي للمرأة، فأبت وتعللت بأن اللباس يخضع للعادات، قالت وفي عرف قبيلتنا كل امرأة تلبس كما تشاء، ولا أحد يتحرج من ذلك. قال: وسؤالي ما هو الحكم الشرعي في لباس المرأة؟ وأرجوا أن ينشر الجواب في منبر البصائر، وجزاكم الله خيرا.

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: أقول للسائل ولكل إخواننا المؤمنين وأخواتنا المؤمنات: نعم، إن الله شرع للمرأة ما يلزمها من اللباس، وأمرها بما يحفظ كرامتها، ويصون عفتها وشخصيتها ومروءتها. بأن تغطي رأسها وصدرها بالخمار، وأن تستر جسدها من رقبتها إلى قدميها بجلباب أو فستان أو عباءة نسائية، أو ثوب خاص بالنساء، أو ملاءة. وأن يلتزم الرجال الباس الخاص بهيئة الرجولة، وأن تلبس النساء اللباس الخاص بكمال الحشمة والوقار للمرأة المسلمة، التي تحب الله، وتستحي منه وتحب. قال الله تعالى: ﴿يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (26)
قال الشاعر: {إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَلْبَسْ ثِيَابًا مِنَ التُّقَى … تقلب عريانا وَإِنْ كَانَ كَاسِيًا.
وَخَيْرُ لِبَاسِ الْمَرْءِ طَاعَةُ رَبِّهِ … وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِيًا} ولباس التقوى هو الثياب الموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، فتنبه لهذا. قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور:31)
ثانيا: وعلى الأخت المسلمة أن تتدبر هذه الأحكام من كتب التفاسير منها: الجامع لأحكام القرآن. وتفسير المراغي، وغيرهما. وقول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (الأحزاب:59)
ولا ينبغي للأخت المسلمة أن تعاند وتجادل في مسائل الشريعة بغير علم، ولا هدى ولا كتاب منير، فلابد من طاعة الله ورسوله، وقد شدد النبي عليه الصلاة والسلام في التحذير من التبرج واللباس الكاشف. ففي الحديث. [صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا] (مسلم. كتاب اللباس.2128)
(كاسيات عاريات) معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه الآخر، إظهارا لجمالها، ومباهاة بأنوثتها، وذلك ما يعرف بالتبرج الجاهلي، وبعضهن يلبسن الأثواب الرقيقة الكاشفة الواصفة، وبعضهن يلبسن لباس الرجال، وهن المترجلات المراهقات ولو في سن الثلاثينات والأربعينات فهن مراهقات، مادمن يلبسن السراويل تشبها بغير المسلمات.فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: [لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ] (البخاري. كتاب اللباس.5885)وعن ابن عباس أيضا، قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء.
ثالثا: وفي سنن أبي داود: قَالَ: يَعْقُوبُ ابْنُ دُرَيْكٍ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: [يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا] وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ، خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا} (أبو داود. كتاب اللباس.4104)وقول المحدثين عن خبر أنه مرسل: {هو ما رفعه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير}. فالتابعي كسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عدي بن الخيار النوفلي، وعقبة بن نافع القرشي الفهري، ومحمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الأنصاري. إذا قال التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. يسمى خبره ذلك حديثا مرسلا، والمرسل إذا عضده غيره كان حجة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com