مداخلة رئيس المكتب الولائي – سطيف – في الندوة الجهوية للإعلام
أ. موسى ميلي/
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، اللهم لك الحمد في الأولين ولك الحمد في اللآخرين ولك الحمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها الاخوة والأخوات:
إن الإعلام شديد الاتصال بالإسلام، والمسلم مطالب بالدعوة إلى الله لتحقيق الخيرية قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}[آل عمران: 110]، وقد عرف الإعلام طريقه إلى مختلف البيئات، واحتل مكانته في جميع العصور في أبسط صوره “دق الطبول والنداء من أعالي الجبال، والمرتفعات، والحفر على الحجارة…”
وقدماء المصريين فقد تعرفوا على أنواع من الإعلام كنقش جدران الأهرام والمعابد… سطرت عليها انتصاراتهم وسيرهم والأوامر الملكية…
وأما في العراق فقد وجد العلماء آثار نشرات ترجع إلى 1800 ق – م ترشد الزراع إلى كيفية البذر والعلاج تشبه إلى حد كبير النشرات الزراعية الحديثة؛ ويؤكد المؤرخ يوسفيوس أنه كان للبابليين صحف تسجل الحوادث يوميا وتوجه الإرشادات والتعليمات…
أما اليونان فقد عرفوا الخطابة والجدل والحوار كوسائل اتصال ذات تأثير، وللعرب أساليبهم في الإعلام فقد كان سوق عكاظ عن طريق الشعراء والخطباء لإيصال الرسائل الإعلامية الإخبارية التواصلية.
لم يختص الإعلام بحضارة من الحضارات أو بشعب من الشعوب متقدم أو متأخر ولا زمان ولا مكان معين؛ فالإنسان بطبعه محب للاستطلاع.
– ساهم الإعلام في إيصال الحضارة الإنسانية إلى ما هي عليه الآن، لذا أولت جميع الحكومات عبر العالم اهتماما كبيرا للجانب الإعلامي وأصبح للإعلام نظرياته ونظمه.
1 – ظهور الطباعة على يد الألمان « يوحنا جوتنبرغ 1436م» خرج الإعلام من مرحلة الفوضى والاضطراب إلى صناعة منظمة.
2- من القرن 1580م إلى 1835م ظهرت وكالات الأنباء تميزت بسرعة تواصلها وشمولها وتنوعها.
3 – في 1895م ظهور أول سينما في باريس.
4- من 1910م إلى 1920م استخدام اللاسلكي بشكل متقن بعد أن اخترع عام 1876م.
5 – في 1913م ظهر التليبرنتر(الكتابة اللاسلكية).
6 – من 1920م إلى 1921م سمعت الإذاعات في انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة.
7 – في 1925م صدرت أول صحيفة ناطقة في فرنسا أنشأتها محطة برج إيف ل.
-9 في النصف الثاني من القرن العشرين ظهرت الأقمار الصناعية.
هذه الوسائل ألغت المسافات بين أجزاء العالم، كان لها أثارها الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، الثقافية، العسكرية، الفنية …
العملية الاعلامية والاتصالية :
1 – من؟
يقصد به المرسل الموجه للرسالة.
2 – ماذا؟
ماهية الرسالة ومضمونها عقدية، ثقافية، فنية، ترفيعية، علمية…
3 – بأي وسيلة؟
أي الوسيلة الحاملة للرسالة.
4- لمن؟
يعني بها مستقبل الرسالة سواء كان فردا أو جماعة؛ عقديته، ثقافته، مستواه، عمره، فهمه، جنسه، بيئته؛…
5- بأي تأثير؟
يقصد به رد الفعل أو الأثر أو التغدية الراجعة؛ وهي الهدف النهائي للرسالة الاعلامية.
– وأمام تعدد وسائل الإعلام في العصر الحديث، وتزايد اهتمام الناس بأجهزتها ومعروضاتها، وأمام تزايد التنافس والصراع للسيطرة عليها بدأ المشرفون يتنافسون على تقديم أفضل المواد الإعلامية لإرضاء أذواق الناس وتلبية رغباتهم لاستقطاب أكثر عدد من الجمهور.
هنا وقع التناقض والتضاد بين الهدف الأمثل للوسيلة الإعلامية، وبين إرضاء أذواق الجماهير عبر ما يشبع حاجتهم ورغباتهم.
– فالوسيلة الإعلامية تهدف إلى تزويد الناس بالأخبار الصحفية والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب يعبر عن عقلية الجماهير وميولاتهم واتجاهاتهم مما ينجم عن توسيع مدارك الجماهير، وللأسف بعض وسائل الإعلام تميل إلى الأخبار المثيرة والمعلومات التافهة والتسلية الهابطة المبتذلة
والملاحظ أن: بعض فقهاء الإسلام تسرعوا في إصدار الفتوى بتحريم بعض الوسائل الإعلامية لما لها من آثار سيئة.
– وفي الحقيقة أن وسائل الإعلام محايدة ومطيعة تنفذ الأوامر سواء كانت سيئة أو حسنة فالمشكلة ليست في الوسائل وإنما في من يستخدمون تلك الوسائل.
– والاستخدام الأمثل لهذه الوسائل ضرورة للدعوة إلى الله وتبليغ رسالة الإسلام لجميع البشرية.
– ضرورة استخدام رجال الإعلام الإسلامي كل الوسائل الإعلامية الحديثة والمتطورة المسموعة، المرئية، المطبوعة، ضمن أهداف محددة ورؤية واضحة واعية بالمنهج الإسلامي وبأساليب فنية مشوقة وبمعرفة واعية للمضامين وحسن اختيار القائمين على الإعلام مع تقويم من خلال المحتوى والأسلوب والشكل وإدراك حقيقة الغزو الإعلامي الخارجي المدمر للعالم العربي.
في الأخير: دعوة إلى إعلام إسلامي معاصر ينطلق من القيم والمفاهيم الإسلامية والخضوع في برامجه وخططه إلى العقيدة الإسلامية.
إعلام إسلامي بجهد فني علمي مدروس ومخطط مستمر، صادق ذو خلفية رسالية يستهدف الاتصال بجمهور العالم وذلك بغرض تكوين رأي عام صائب.