واغضض من صوتك…
مداني حديبي/
غض الصوت: هو قمة الأدب وذروة الذوق و حلاوة الاتزان وجاذبية الرزانة ونبض التوازن…
ما من خلق ذمه القرآن مثل رفع الصوت إلى درجة لا يحتملها السامع .. إن أنكر الأصوات لصوت الحمير… ذاك النهيق البشع المؤذي الشنيع .. على الرغم من أنه أمر فطري في تكوينه.. فكيف بالذي يحتد صوته أثناء الحوار والنقاش ليظهر قوة شخصيته وأدلته.. وهو لا يعلم أن: رفع الصوت بحدة يدل على ضعف الحجة وهشاشة الشخصية وفقدان البوصلة.
صحيح ..أحيانا.. رسول الله صلى الله عليه وسلم في منبره يشتد صوته كأنه نذير حرب .. لأن المقام يقتضي ذلك.
لكن في كل حالته هادئا رزينا …
لهذا جاء التوجيه القرآني محذرا ناصحا للصحابة: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ…}.
{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }.
وهذا الذي جعل أحد الصحابة يبكي بكاء مرا ندما على رفعه لصوته أمام مقام النبوة السامق .. مع أن صوته جهوري خِلقة.
وهذا الأدب يشمل حتى العلماء والدعاة والقادة..
فليس باسم حرية التعبير والشورى نرفع أصواتنا بين يدي العلماء والأفاضل .. بل نحاور بأدب وغض صوت وخفض جناح.
مع ملاحظة أننا نستثني المحاضر أو الخطيب أو المدرس الذي يحتاج إلى رفع الصوت وخفضه حسب الحال..
لأن هناك من يلزم طبقة صوتية ثابتة فينام من يسمعه.. ههه.
لهذا فنحن في حاجة إلى خفض ورفع ليكون لكلامنا تأثير وعمق ويقظة وحضور.