البحر العظيم لا تكدره أقاويل المهازيل..
مداني حديبي/
من سنوات طويلة كنت استغرب عدم الاحتفاء بالأمير عبد القادر الجزائري كبقية القادة والمصلحين والمؤثرين في تاريخ الجزائر العظيم.. إلا بعض النصوص المبثوثة هنا وهناك التي تشيد بشعره وفروسيته ومحطات مجتزأة من سيرته
وبطولاته.. وكنت أسأل كل من ألتقيه من المتخصصين عن سر هذا الغموض والتجاهل..؟! ..كيف لعملاق كبير في القيادة والمقاومة والشعر والسلوك.. منظومة شمولية متفردة.. لا تعرف الأجيال المتلاحقة تفاصيل التفاصيل عن مسيرته
وخطواته وإبداعاته وإنجازاته..؟!.. والاستفادة من تجربته العظيمة الثرة.. نستثني بعض الكتب التي كتبت عنه .. أغلبها بأسلوب بارد خامد.. أو بترجمة ركيكة منفرة.
وبالأمس وأنا أتصفح الفيسبوك وجدت حملة قوية من الشباب المثقف الواعي مع تغيير للبروفيلات والصور الشخصية وهذه خطوة جيدة للتذكير والإشادة والاحتفاء بالأمير .. إلا أن بعضها جاء في سياق ردة فعل عن الإساءة.. ومع ذلك فهي حسنة من الحسنات التي تحسب لهذا الجيل الذي لم تؤثر فيه دعايات الخصوم وترهاتهم.. ذلك لأن محاولات التشويه والاختراق والخيانات الكثيرة التي تعرض لها الأمير مبكرا عن طريق ذاك الجاسوس الفرنسي الذي تظاهر بالدخول إلى الإسلام وكتب كتابا بعنوان:(عشر سنوات في الإسلام…) وغيرها من محاولات التحطيم الممنهج بفكرة الماسونية والاستسلام المذل.. كلها باءت بالفشل الذريع
وذابت أمام الجبل الأشم السامق.. إلا أنها حرمت أجيالا من تجربة قيادية متميزة.. فلو كان عند بعض الأمم عشر معشار هذه الشخصية لاتخذوها قدوة وعيدا..
صحيح .. ما من نبي ولا مبدع متفرد ولا شخصية جذابة مؤثرة إلا تعرضت للتشويه المتعمد والتدمير المدروس..
أتواصوا به، بل هم قوم طاغون…
وصحيح أيضا أن مغنية الحي لا تطرب.. لكن بلغ التجاهل لشخصية الأمير حدا لا يطاق، مع إثارة الشبهات ونشر الشائعات والأراجيف.. لكن الماء إذا بلغ القلتين لا يحمل الخبث.. والبحر العظيم لا تكدره أقاويل صغار المهازيل.