عندما ينطق الرويبضة… ويتطاول الأقزام على ساداتهم

أ. جمال غول/
قال تعالى هاتكاً أستار المنافقين والمعادين للمسلمين: ((قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)) [آل عمران: 118]، وقال النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه ابن ماجه في سننه: ((سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ))، قيل وما الرّويبضة؟ قال: ((الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ)).
لقد اختار بعض رويبضة زماننا من أمر العامّة -على رحابته- الحديث بسوء عن الأئمَّة الصَّادقين، الذين اصطفاهم الله تعالى لحمل كتاب الله تعالى، وجعلهم أمناء على ميراث الأنبياء والرُّسل عليهم الصَّلاة والسَّلام.
ينتقص الرّويبضة من كلِّ كبير وأمر جليل لعلَّه يظفر بحديث النّاس عنه في المجالس، ولو بالانتقاص والازدراء، فمدار اهتمامه أن تُسلّط عليه الأضواء ويُشار إليه بالبنان، ولهذا يختار من أمر العامَّة الأمور العظيمة الشَّأن للحديث عنها، والحطِّ من شأنها، فيختار من الأماكن المساجد لتكون مادّة حديثه المليء بالأحقاد، ومن النّاس السّادة والأكابر ليكونوا محور سبابه وهمزه ولمزه، لأنّه يائس من أن يصل إلى مقامهم.
وبعض رويبضة زماننا لا يتكلَّمون إلَّا بوحي من أوليائهم، من شياطين الإنس والجنِّ، فيطعنون في الثّوابت بوقاحة، ويتطاولون على العلماء والأئمّة في صفاقة، يروِّجُون الأكاذيب، ويطمسون الفضائل والمكارم، ويُنبشون عن القذى ويضخمونه.
بعض رويبضة زماننا اختاروا فصاحتهم الملوّثة ليهجوا بها خيار الأمّة، ويطعنوا في الأئمّة، خلفاء الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم على المنابر، وأهل الله وخاصّته، ليقوموا بالدّور الذي قام به أعداء الملة والدِّين على عهد الرِّسالة المحمّدية، ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)) [فصّلت: 26]، فباءت محاولاتهم بالخسران، وسطع نور القرآن في كلِّ مكان. وكذلك ستبوء تلك الفصاحة المغشوشة وأهلها بالمذلّة والمهانة في الدّنيا، والخسران المبين يوم القيامة إن لم يتوبوا إلى ربِّهم ويرجعوا عن غيِّهم وفجورهم.
بعض رويبضة زماننا قد بدت البغضاء من أفواههم بطعنهم في الأئمَّة، لتكشف مزيداً من سفاهاتم، وتفضح تفاهاتهم، وكأنَّهم أبناء ابن سلول، وحفدة الحركى، والطابور الخامس لجيوش الكفر والعدوان.
بعض رويبضة زماننا لم تسعفهم رجولتهم المزيّفة أن يطعنوا فيمن سرقوا أموال الخزينة العموميّة، ونهبوا مداخليها، بل راحوا يتهمون -زوراً بهتاناً- الأئمَّة؛ ليكونوا كحال الجاهليَّة الأولى التي كان إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف -وحاشا للأئمَّة أن يسرقوا- أقاموا عليه الحدّ.
بعض رويبضة زماننا انعقدت ألسنتهم عن الإشادة بالنَّجاحات التي حقَّقها الأئمَّة على مستوى التنظيم المحكم، والتطبيق المنظّم لإجراءات الوقاية من الوباء في مساجدهم، فانطلقت محاولة تغيير الحقائق بالأباطيل، وتغطية الشّمس بالغربال.
بعض رويبضة زماننا لم يجدوا من إفلاسهم ما يخاطبون به النّاخبين من برامج ورؤى إلَّا الطّعن في الأئمَّة؛ ليصلوا إلى برلمان يستوي فيه صوت عارضات الأزياء مع صوتهم، بل ويكون صوتهنّ هو المؤثِّرُ، عندما تحسبهم سكارى وماهم بسكارى ولكن الإغراء شديد.
إنّه لا عجب أن ينزعج الذين غشي قلوبهم الرّان من كلِّ نجاح تحقَّق على أيدي الأئمّة، الذين أتاهم الله البصيرة، فكشفوا الشّعراء الغاوين الهائمين في أودية التّيه والضّلال، والخائضين في أعراض الفضلاء، الآكلين للسُّحت على موائد الظّلمة والمستبدِّين، عن الشُّعراء المؤمنين الصَّادقين الذين يدافعون عن الفضلاء والفضيلة، وللأسف قليل ما هم، فالله المستعان، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم، وحسبُنا الله ونِعْم الوكيل.