الانتصــــار الكبــيـــــر للمقـــاومــــة ( 4)
أ. محمد الحسن أكيلال/
المجتمع الصهيوني ينقسم على نفسه
لعل أهم وأروع انتصار حققته المقاومة الفلسطينية بصواريخها التي كان المطبعون من العرب يسخرون منها ويتنذرون وينتظرون استسلامها وتوددها لهم للسعي لدى حاميهم وراعيهم «جو بايدن» ليأمر العدو بإيقاف القتال، ففوجئوا بأن المقاومة ترفض وساطتهم بل وأصرت على مواصلة المعركة إلى أن طلب العدو نفسه وبشروطها هي وأولها الإيقاف المتزامن وإيقاف عمليات اقتحام المسجد الأقصى وعدم إخراج المواطنين من مساكنهم في حي «الشيخ جراح».
الانتصار كبير إلى حد انعدام القدرة لأحد على الإحاطة به وتعداد مواقعه ونتائجه الباهرة وأهمها ما حدث للمجتمع الصهيوني من تشظ وانقسام حول تشكيل الحكومة دون نسيان بقائهم لمدة أحد عشر يوما في الملاجئ تحت الأرض وانغلاق كل المجال الجوي من وإلى الدولة العبرية بعد المقاومة بصواريخ (العياش) لكل من مطاري «بن غوريون» في اللد و«رامون» في النقب.
بعد كل هذا يريد النتن ياهو القفز على الحبل ويحرك أتباعه لرفض تشكيل حكومة ائتلافية لا يرأسها هو لأنه ببساطة لا يريد مغادرة كل النشاط السياسي ليواجه المحكمة والسجن، ولسوء حظه أنه يعارض كل أحزاب اليمين التي هو وحزبه «الليكود» جزء منها؛ إنه الانقسام الذي يفرض على المجتمع الصهيوني كمقدمة لزواله، وخاصة وأنه ما زال متشبثا بقراره القاضي بقيام المستوطنين بمسيرة بالإعلام في باب العامود/العمود وباحة المسجد الأقصى وهذا يعني عودة صواريخ المقاومة لقصف مدينة القدس.
التنسيق الأمريكي العربي لقلب المعادلة
أكبر المتضررين من انتصار المقاومة هي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من العرب المطبعين الذين صفقوا لصفقة القرن والبقية الباقية من أتباع أوسلو من رام اللــه، لذلك حين أحست الإدارة الأمريكية بالخطر سارع رئيسها إلى الهاتف للاتصال بــ «نتن ياهو» وأمره بإيقاف القتال.
لم يقم الرئيس «جو بايدن» بالاتصال إلاّ بعد أن تأكد بأن كل الأسلحة الجديدة التي صنعتها بلاده والمعدة للتجريب قد تم استعمالها ولم تحقق كل أهدافها المتمثلة في هدم الأنفاق وتدمير كل ورشات تصنيع الصواريخ الدقيقة واغتيال أهم قادة المقاومة، لقد عرف أن مواصلة القصف بعد أن وصلت الصواريخ إلى القدس الشرقية ومدن أخرى في شمال فلسطين والقواعد العسكرية الهامة ومنها الأمريكية المتخصصة في صناعة الأسلحة الإلكترونية، لذلك كان مخيفا ما يمكن أن تصل إليه الأوضاع، خاصة لدى المجتمع اليهودي الذي يسكنه الرعب بفطرته.
لهذا اتصل بالرئيس المصري وأمير قطر وهو يعي جيدًا ما يفعل لتكليفهما بإقناع فصائل المقاومة لقبول وقف إطلاق النار مؤقتا مقابل إعادة بناء غزة من طرف مصر مع التبرع بمبلغ ثلاثة ملايين دولار كمساعدة إنسانية للمواطنين الغزاويين المتضررين.
«جو بايدن» يدرك جيدًّا أن إعطاء أدوار لكل من الرئيس «السيسي» و «محمود عباس» اللذين لا أدوار لهما في العلاقة مع فصائل المقاومة فهو يرمي بقراره هذا إلى زرع بذور الفتنة بين فصائل المقاومة والسلطة الوطنية، ومن ثم استحالة الوصول إلى المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني، وذلك ما حدث فعلا إذ أن كل الفصائل وصلت إلى القاهرة للقاء المهم الذي يأمل منه الوصول إلى وحدة الصف في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ففوجئ الجميع برفض «محمود عباس» المشاركة في هذا اللقاء المصيري.
الحكومة الجديدة في الكيان الصهيوني طلبت من المستوطنين المطالبين بالمسيرة بالإعلام في المسجد الأقصى بتأجيلها ليوم الثلاثاء القادم (أي بعد يومين من كتابة هذا المقال). وإذا تمت المسيرة فإن المقاومة لابد أنها ستنفذ تهديدها وتعود إلى القصف بالصواريخ، وهذه المرة من الممكن مشاركة «حزب اللـه» اللبناني، ليكن، ندعو الله أن تكون هذه المرة معركة زوال الدولة العبرية نهائيا.