الانتصار الكبير للمقاومة (2)
أ. محمد الحسن أكيلال/
أمريكا تنقذ الكيان الصهيوني
واهم من يعتقد أن الكيان الصهيوني هو المحارب الذي اعتاد أن يهزم الجيوش العربية خلال القرن الماضي، المؤكد أن جيشه الذي أراده الغرب الإمبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون الجيش الذي لا يهزم، تكريسا للنكبة والشعور بالهزيمة في الذهن الجمعي للأمة العربية والإسلامية والإبقاء على حالة الرعب لديها من هذا الجيش الذي يسكنه الخوف مثله مثل كل أفراد شعبه منذ وجد على وجه الأرض.
جيش الكيان الصهيوني تأسس بمكونات المجموعات الإرهابية الثلاث «الهجانا» وأختيها التي تأسست بعد عام 1921 تحت رعاية الاستعمار البريطاني الذي كان يحميها ويوفر لها السلاح ويدربها، وبعد الحرب العالمية الثانية سهلت الدول الاستعارية الغربية التحاق المجندين من اليهود في جيوشها بأرض فلسطين تمهيدًا لتأسيس هذا الجيش بعد إعلان الأمم المتحدة إنشاء الدولة في أرض فلسطين، كما ساهمت كل هذه الدول بتسليحه بالسلاح الذي لم تكن تمتلكه الدول العربية القليلة التي كانت مستقلة شكليا، كما ساعدته في خوض حروب ضد هذه الدول أعوام 1948، 1956 و 1976 بنوع من أنواع التدريب أو الإشراف عليه لتمكينه من النصر الذي يكرس في نفسيات وذهنيات المواطن العربي.
بلغت العناية بهذا الجيش أوجها حين مكنه الاستعمار الفرنسي من امتلاك تكنولوجيا القنابل الذرية عام 1959 لتصبح في المنطقة القوة النووية الوحيدة.
هذه القوى الاستعمارية المتأكدة من قوة هذا الجيش عتادًا وعددًا مقارنة بالجيوش العربية الكلاسيكية لم تتفطن إلى إمكانية نشوء حركات مسلحة شعبية تقوم بشن حرب عصابات ضده، لذلك عملت كل ما في وسعها للقضاء على الثورة الفلسطينية ومنظمتها، كما عملت على إفشال جبهة الصمود والتصدي بوسائل عدة أبشعها اغتيال رئيسها الرئيس الراحل «هواري بومدين» رحمه الله.
ولأن روح المقاومة ظلت متقدة في نفوس المواطنين الفلسطينيين ومواطني لبنان وسوريا، فقد استطاعت خلال بداية القرن الحالي أن تخرج من أنقاض جنوب لبنان وقطاع غزة ويشتد عودها وتحقق الانتصارات تلو الأخرى ضد العدو وآخرها بمناسبة يوم النكبة من عام 2021 حيث ولأول مرة استطاع مقاومون من قطاع غزة المحاصر لأكثر من 14سنة برا وبحرا وجوا أن يصنعوا أسلحتهم وصواريخهم التي فرضوا بها لأول مرة الهزيمة وطلب الهدنة عن طريق الرئيس «جو بايدن» الذي كان يلح على كل من مصر وقطر أن تبذلا كل ما في وسعيهما لإقناع المقاومة الفلسطينية لقبول وقف إطلاق النار.
غباء الصهاينة يبطل حيل أمريكا
المؤكد الآن أن الإدارة الأمريكية حين سعت لإيقاف القتال إنما تريد بذلك إنقاذ دولة الصهاينة من الزوال، لذلك كلفت كلا من رئيس مصر وأمير دولة قطر لمساعدتها في المسعى، كما اتصلت برئيس السلطة لتمكينه من لعب دور بعد أن خرجت كل القضايا من بين يديه، وخاصة حين انتشرت الانتفاضة في كل أرض فلسطين وأصبح الشباب المتظاهرون يرددون اسم قائد المقاومة «محمد ضيف» ومع ذلك فبالنسبة لأمريكا يمكن بهذه الحيلة وضع اسفين في وسط الشعب الفلسطيني قد يؤثر على وحدته.
اليهود بطبعهم لا أمان لهم، فهم لم يوقعوا على وثيقة الهدنة ولذلك عادوا بعد يوم واحد إلى قمع الفلسطينيين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ومدن عام 1948، ربما لم يصدقوا أن ما هددت به المقاومة يمكن أن يحدث، فالمقاومة هددت على لسان رئيسها وكل مسؤوليها أن القدس وحي الشيخ جراح ومواصلة حصار غزة خط أحمر يمكن أن يبطل الهدنة.
الأيام القادمة ستؤكد هذا وتجعل الولايات المتحدة الأمريكية ناقمة على العدو الصهيوني وخاصة وأن كثيرا من المواطنين الأمريكيين أصبحوا يؤيدون الحق الفلسطيني.