لماذا الاجتياح البري الواسع شبه مستحيل في ظل المعطيات الحالية…؟
فوزي سعد الله/
الاجتياحات كانت تحدث دون وجود من يقف في وجهها بالسلاح. اليوم، الاجتياح ان تقرر سيكون له ثمن، وهؤلاء الناس لا يقبلون دفع الثمن ويحبون مثل الأمريكان صفر ضحايا.. الروح القتالية والجاهزية ضعيفة جدا لديهم كما ظهر في لبنان في 2006 وفي غزة 2014 وفي مختلف الاحداث إلى اليوم وتؤكده التقارير الاعلامية والفيديوهات والخبراء الامنيون المحتلون ذاتهم يوميا…لان المحتل ما جاء ليضحي بأي شيء بل جاء ليأخذ ويسرق…بينما خصومهم أصحاب الارض وأصحاب حق وتكون أرواحهم من أجل حقهم…
وفوق ذلك، اذا صدقت تصريحات يحي السنوار قبل أشهر، ولا نعرف عنه انه سبق أن كذِب فيما قال في السابق، فإن الفلسطينيين يملكون من العدة الصاروخية ما يسمح لهم بالقصف لمدة 6 أشهر…وهذا بالطبع يقتضي في الوقت ذاته الصمود الاستخباراتي…
من جهة اخرى، الضربة ضد العربة العسكرية قبل ساعات رسالة ردع بأن الاجتياح البري لن يكون نزهة، وقد وصلت…
كذلك، هناك امكانية دخول قِوى اخرى غير فلسطينية على الخط، سرا أو علنا، في حال تعقد الأمور: حزب الله اللبناني اعلن استعداده للتدخل إذا طلبت المقاومة منه ذلك. وإيران وعدت بالدعم في ظل وضع جديد وحّد منذ فترة تحت “إشرافها” ما يعرف بمحور المقاومة من فلسطين إلى لبنان والعراق واليمن ضمن إستراتيجيات منسقة حتى لا نقول موحَّدة… وهذه معطيات تحسب لها الحسابات… الدليل؟ واشنطن سارعت إلى الرد على هذه الرسائل بأنها لن تتخلى عن أمن حليفتها…
الاجتياح لا أقصد به الدخول الممكن المحدود لقتل وتدمير محدود في زمن محدود ايضا ثم الخروج كما تجري العادة…
يضاف الى كل ذلك معطيات أخرى، من بينها ان المحتلين لا مصلحة لهم، في ظل أزمات الداخلية المتعددة والعميقة، في الوقوع مستنقع اجتياح واسع يطول مداه الزمني يستنزف ولا يخدم مصالح رعاتهم وحماتهم في الغرب الذين سيضغطون في الخفاء لمنعه أو جعله خاطفا في أقصى تقدير…لأن مصالح جيوسياسية أكبر وأخطر وأهم مرتبطة بالصراع مع القوى العظمى الصاعدة لا تسمح بالتشتت وارتكاب الأخطاء التي قد تتحول إلى ثغرات إستراتيجية تتسلل منها هذه القوى…انظروا إلى ما جرى في ليبيا وسوريا واليمن…الخ وما تخلل ذلك من تعزز النفوذ الايراني والروسي والصيني على الأقل، فيما كانت الغاية مبدئيا تعزيز النفوذ الأمريكي وإضعاف خصومه ومنافسيه…
اما حكايات التطبيع، وهو أصلا مظهر من مظاهر ضعف الاحتلال وقلقه وليس العكس، وما اتصل بها من دعم غربي للاحتلال فلا محل لها من الإعراب اذا كان الفلسطينيون مستعدين للتضحية، ويظهر انهم مستعدون…ومن يملك الميدان هو من يملك القرار…نتائج الميدان هي التي تنسف التطبيع او تعززه وليس العكس.
وعلى كل، مهما كانت نتائج هذه الجولة من النزال، فإن خسائر المحتلين عظيمة مسبقا ومن أول يوم: اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، من حيث التآكل الخطير الجديد في قدرات الردع وانهيار هيبة الجيش، ومصداقيةّ أيضا مادام الوكيل غير الفعال يتم التخلي عنه واستبداله تدريجيا بغيره لانه لا يُعوّل عليه… ولا حاجة للحديث عن الإفلاس الأخلاقي الذي يتسبب فيه القتل والتدمير العشوائي والذي يتآكل بسببه راس مال تعاطف البعض مع المحتلين…