شعاع

ثقافة المعارف المقدسيـة …الطريق إلى التحرير

يكتبه: حسن خليفة/

كنتُ كتبتُ شيئا لشعاع هذا الأسبوع عن «الأمازيغية» من منظور الشيخ الإبراهيمي ـ رحمة الله عليه ـ وهو القائد المستشرف الواعي بحقائق الأمور، وكيف نبه إلى خبث المستدمر الفرنسي الذي يتفنّن في الكيد لتدمير بينان المجتمع الجزائري وتمزيق نسيجه الاجتماعي المتوائم ـ على مدار قرون ـ…
ولكن الأحداث الجسيمة والعدوان الإجرامي الآثم على القدس والأقصى ثم غزة حوّلت الاهتمام إلى هذه القضية الحيّة النابضة الدائمة الحضور في وجداننا(فلسطين والقدس) …فأردتُ المساهمة ـ جهد المقلّ ـ بتوجيه النظر إلى ضرورة وأهمية العناية بالثقافة ذات الصلة بقضية الأقصى والقدس، وعموم قضية فلسطين، والتي تُسمى «المعارف المقدسية».. وهي جزء من نظامنا الديني والأخلاقي والقيمي، بل لعها مرتكز ذلك كله، مما يستوجب شحذ الهمم ورفع سقف التبصّر، وأيضا إعادة التصويب نحو هذه القضية في تربية الأجيال، ونحـن نشهد الصنيع اليهودي الصهيوني الحاقد في حرق الأخضر واليابس، والاستماتة في التقتيل بحقد وضغينة، في عدوانه الظالم الحقير، معتديا على المنازل والأبراج السكنية، والمؤسسات، والبنايات، والسكان المدنيين..قاتلا للنساء والأطفال والشيوخ ..
إن المطلوب ـ في تقديري ـ هو إيلاء هذه الثقافة (المقدسية) كل العناية؛ لأنها أحد سُبل تحقيق المرغوب وهو استعادة الأقصى وتحرير فلسطين السليبة المظلومة من الأرجاس الأنجاس.
إن شبابنا مطالب بأن يتعرّف على هذه الثقافة ويستوعبها ويدرسها ويهضمها، ويستقيم أمره عليها؛ لأنها الثقافة التي تجعله ينشأ منشأ الفتية الصالحين، والرجال الأقوياء الصادقين، بهضمه لكل ماله علاقة بالبركات المقدسية، والمحاور التكوينية في كثير من الموادّ ذات العلاقة بهذا الموضوع المبارك، كما ألمحنا إليه في مقال سابق بعنوان(المعارف المقدسية الأمانة التي في أعناقنا ـ نشرتُه البصائر)..وأشرنا إلى ما يجب أن يتم بهذا الخصوص لدى مجاميع الشباب الجزائري المسلم؛ ويعزز ذلك مانراه من الشباب المقدسي والفلسطيني عموما، المتبصّر المستوعب للأوضاع، المضحي بالغالي والنفيس لصيانة مقدّساته والمحافظة على هُويته الإسلامية الصحيحة.
من فضل الله على جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مواقفها،منذ عقود في وقوفها مع المظلومين، ومن فضل الله عليها أن تداركت بعض شعبها هذا الأمر المتمثل في الاهتمام بهذا الشأن (التكوين في المعارف المقدسية)، والمطلوب أن يتعمّم ذلك وينتشر ويتوزع ويصل إلى كل الجهات وكل الشعب، والمطلوب أيضا ـ وفاء بالعهود ـ وقياما بالواجب، خاصة في ضوء هذه المعركة المصيرية التاريخية الكبرى، وفي ظل الحقد اليهودي الذي يصبّه الصهاينة صبّا على رؤوس المدنيين من النساء والولدان والدور السكنية والمقابر والمدارس والجوامع، والشوارع والبساتين، والجامعات وعلى كل شبر من أرض فلسطين وغزة خاصة ..
في ضوء ذلك يستوجب أن يكون الإعداد للمستقبل بتهيئة كل الشروط لتكون المعارف المقدسية مساقا (مادة علمية شرعية) واجبة الدراسة والهضم والاستيعاب، وهو الوجه الأول والأمثل للرد على هذا الحقد والتصدّي لهذا الخطر الجسيم من يهود ومن يقف معهم، ومعرفة طبيعة العلاقة وطبيعة الصراع وتمييزصحيح المواقف من فاسدها.
ومن توفيق الله تعالى أن المسيرة قد انطلقت بتكوينات نوعية قبل مدة، وأن الاجتهاد قائم في سدّ هذه الثغرة، وقد تمّ تنظيم ورشة تكوينية على المستوى الجهوي (شرق) قبل أسبوعين (30 أفريل)..انبثقت عنها توصيات مهمة ، ينبغي أن تتابع بجد وصدق، تحقيقا للعهود ووفاء بالوعود..وهذا تذكير بأهم تلك التوصيات التي ينبغي أن تُطبّق في آجالها:
توصيات الندوة الجهوية الأولى (ولايات الشرق) الخاصة بـالمعارف المقدسية.
تم، بحمد الله تعالى، تنظيم لقاء أخوي، في مقر الشهاب ـ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ـ شعبة سطيف، جمع ولايات الشرق الجزائري، وقد تم الاشتغال على جوانب متعددة، توضح محاور الدورات التكوينية الخاصة بالمعارف المقدسية والتي تضم جوانب دينية، تاريخية، حضارية، الى جانب الصراع الإسلامي اليهودي على أرض فلسطين، وبعد أشغال متنوعة، ونقاش، ومداخلات تصبّ كلها في التحسيس بالمعارف المقدسية انتهى الملتقون من خلال لجنة التوصيات إلى ما يلي:
1-العمل والسعي على توسيع نشر المعارف المقدسية، بكل الوسائل الممكنة، تعميقا للثقافة المقدسية في النفوس والعقول؛ خاصة الأجيال الجديدة التي تبدو منقطعة عن هذا المحور الديني الكبير.والباب مفتوح لأي اقتراحات ومبادرات في هذا المجال: انتاج فيديوهات، نشر مقالات، نشر سندات وكتب، إقامة محاضرات تحسيسية الخ …على أن يكون هناك تنسيق بين الشعب ومركز الشهاب .
2- الحرص على تأطير هذا العمل (المعارف المقدسية) من خلال الاجتهاد في تخريج أفواج بإقامة فعاليات (ورشات تكوينية ـ ندوات متخصصة ـ) في كل ولاية .وفي الحدّ الأدنى: يجب أن تحرص كل شعبة على تكوين فوج من 20الى 30(طالب/طالبة) والمأمول: أن يكتمل تكوين الأفواج والبدء في المحاضرات في شهر ديسمبر 2021.
3- تحديد مسؤول عن المعارف المقدسية في كل شعبة من الشعب الحاضرة واعتماده كسفير/ومسؤول عنها (المعارف المقدسية) في ولايته، يجتهد ويعمل ويكوّن ويقترح ما يجب، بالتنسيق مع مركز الشهاب.مع التركيز على: استقطاب المؤطرين (المكونين + استقطاب الطاقات الشبابية المعدة للتكوين من الجنسين).
4- عقد لقاء تقييمي خاص بالمعارف المقدسية(لشعب الشرق الجزائري الحاضرة)، لتحسين الأداء، ومعرفة مدى التقدم، وأيضا لمعرفة المعوّقات والنقائص، على أن يجمع اللقاء إثنين من كل ولاية: المسؤول عن المعارف المقدسية ومكون (مؤطر) والمقترح أن يُعقد اللقاء بعد ستة أشهر على أقصى حد في مركز الشهاب.
5- العمل والتشاور بين الشعب الولائية الحاضرة على تنظيم ملتقى وطني خاص بـ«المعارف المقدسية» في إحدى الولايات في شرق البلاد، يكون وسيلة لتعميق هذه المعارف ونقل التجربة إلى الولايات الأخرى .وقد اقترح شهر مارس (عطلة الربيع 2022) كحد مقبول لتنظيم هذا الملتقى. والله ولي التوفيق.
لقد تبيّن لكل ذي عقل واع وقلب مخبت عابد أن تحقيق المراد إنما يُبتغى بشرع الله، وتوفير الشروط والوسائل إلى ذلك، وأهم الوسائل هي «العلم» والفقه، فقه الدين وفقه الحياة وفقه الواقع.
ومعركة الأقصى طويلة ومسارها كبير وشاق والسبيل إليها، بعد طلب رضوان الله وتوفيقه هو العلم، العلم بكل ما يجب ،والإعداد لذلك هو أمثل الأساليب لعودة الأمة الإسلامية إلى مجدها وسؤددها، وهو الطريق إلى التحرير الكامل الشامل بحول الله. والله المستعان.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com