أصداء الذكرى الـ 90 لتأسيس جمعية العلماء في الخارج / من أندونيسيا الشيخ يحي باسلامة يهنئ البصائر
أ. محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا
بعد أن يسر الله لهيئة تحرير “البصائر”، تخصيص العدد 1062، للذكرى الـ 90 لتأسيس جمعية العلماء المسلمين، ووزعت بعض أعداده الكترونيا على بعض الأساتذة الزملاء والمشايخ، اتصل بي عدد من الأساتذة والقراء مهنئين بالمناسبة، وشاكرين هذه اللفتة الطيبة لجمعية العلماء لتاريخها وتاريخ الاسلام الحديث في الجزائر، ومن هؤلاء من اقترح علي أن أبلغ “البصائر” أن تجتهد موسمياً لإعداد عدد خاص بلغتين كلّ ثلاثة أشهر، حول محطة ما من تاريخ الإسلام والمسلمين داخل الجزائر وخارجها، وأفكار ومقترحات أخرى يضيق الوقت لذكرها، من هؤلاء القراء الأكارم كتب لنا شيخنا الفاضل يحي باسلامة، المدير الأسبق للمسجد الكبير بجنيف، سعودي الجنسية، والمقيم حالياً في إندونيسيا، تعليقا على ذلك بقوله:
أخي العزيز أستاذ مصطفى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وفي جهدك، من خلال مقالك الأخير في البصائر، لقد ذكّرتني بأيّام شبابي. كنتُ في أوائل الخمسينيّات من القرن الماضي أقرأ مجلة “المسلمون” من بداياتها لمّا كانت تصدر في القاهرة. وفي عام 1961 الذي أنشأ فيه الدكتور سعيد رمضان (رحمه الله) المركز الإسلامي بجنيف، رفقة بعض إخوانه من العالم الإسلامي. قابلتُه في موسم الحج في مكة المكرمة وتعارفنا، في تلك الفترة. ثم تكرر اللقاء في عام 1962 حين ناشدني أن ألتحق به للعمل معه في المركز الإسلامي بسويسرا وأساعده في تحرير المجلة التي أصبحت تصدر من سوريا باسم الأستاذ مصطفى السباعي -رحمه الله – لكن التحرير من جنيف والطباعة في بيروت بلبنان، يقوم به الأخ عزّ الدين بليق. وكنتُ حينئذ أعمل في جريدة “الندوة” السعودية (لصاحبها الأستاذ صالح جمال -رحمه الله-). فوصلتُ مدينة جنيف لأوّل مرّة في شهر أبريل 1963. وقد سبقني الأستاذ الشيخ محمود بوزوزو -رحمه الله- وكان قبل ذلك في برلين بألمانيا.
معذرة أنا الآن لا أملك أي عدد من أعداد “المسلمون”، للتأكد من بعض التواريخ. لكن صحيح أنني كتبتُ شيئًا في عام 1964 و قد ذكّرتني به بارك الله فيك. وكان معي في المركز الإسلامي بجنيف أخ سوداني اسمه (عثمان مضوّي) وأخ آخر من موريس، اسمه (محمد راجه).وأكثر ما كنتُ أقوم به للمجلة هو أن تأتينا المقالات من شتى الجهات عن طريق البريد، فيطلب مني رئيس التحرير الدكتور سعيد رمضان أن أطّلع عليها وأخبره عن رأيي في ما يأتي (طبعًا عدى ما يأتي من جهابذة الفكر الإسلامي كالأستاذ أبي الحسن الندوي والأستاذ أبي الأعلى المودودي والأستاذ محمد ناصر من إندونيسيا). وقد تمتعتُ في تلك السنوات (بين 1970 و1973) بالتعرف عن كثب بالأستاذ الشيخ محمود بوزوزو والأستاذ أبي الحسن الندوي والدكتور محمد حميد الله والأستاذ محمد أسد (ليوبولد وايس) والأستاذ ظفر أحمد أنصاري رحمهم الله جميعًا
كما تنقلتُ عدة مرات، في رحلات دعوية إلى ألمانيا وفرنسا وهولندا وإنكلترا، لزيارة الطلبة المسلمين الدارسين في الجامعات هناك. والآن أنا بلغتُ من الكبر عتيّا. أسأل الله العفو والعافية و حُسْنَ الخاتمة.”
وفي انتظار توفير فرصة لحوار شامل مطول مع أستاذنا الكبير، الشيخ يحي باسلامة -حفظه الله -، أحب أن أعرف القارئ الكريم ولو باقتضاب وفق محطات مقتضبة من سيرة شيخنا يحي باسلامة حفظه الله، الذي تعرفت عليه يوم كان مديرا وإماما للمؤسسة الثقافية بجنيف “المسجد الكبير”، منذ أزيد من 25 سنة خلت، فعن سيرته الذاتية يقول الشيخ يحي باسلامة: “عن طفولته لقد رحل أبي من حضرموت باليمن إلى إندونيسيا وهو شابّ مثل الكثيرين من الحضارمة. وتزوج أمي وهي أيضًا كانت بنتًا من بنات الحضارمة هناك،. رحمهما الله. ولدتُ في أوائل عام 1934 وحرص أبي أن أتعلم العربية وأقرأ القرآن منذ الصغر. وقد ابتليتُ بأن لا أجد في ذلك الوقت مدرسة ثانوية عامة إلّا مدرسة تابعة للنصارى الهولنديّين. وكانوا حريصين أن يزوّروا التاريخ الإسلامي أثناء تدريسهم مواد التاريخ العام. و ربّ ضارّة نافعة. فقد حفّزني ذلك على التعمّق في دراسة التاريخ من الكتب العربية التي هيّأها لي والدي رحمه الله (رغم أنه لم يكن من العلماء). وفي أوائل الخمسينيات انخرطتُ في جمعيّة وحزب إسلاميّ بزعامة المناضل العظيم الأستاذ محمد ناصر (رئيس حزب ماشومي) رحمه الله. وعملتُ محرّرًا في مجلّة شهريّة إندونيسية تُعنَى بشؤون التعليم في المدارس الإسلامية برئاسة الأستاذ محمد زين جمبيك -رحمه الله – وفي عام 1957 سافرتُ إلى الحجاز. وأخذتُ دروسًا من بعض المشايخ والأساتذة من الإخوان الذين خرجوا من مصر في أيّام عداء عبد الناصر لهم وتشريدهم. فاستفدتُ منهم كثيرًا جزاهم الله خيرًا”.
وحول اقترانه بسيدة فلسطينية يقول الشيخ يحي: “بتاريخ 4 يناير 1964 تزوّجتُ زينب بنت علي الجعفري من القدس بفلسطين. وكانت معرفتي بها عن طريق الدكتور سعيد رمضان، فهي أخت الأستاذ سالم علي سالم الجعفري الذي كان سكرتير مجلة “المسلمون” منذ كانت تصدر في القاهرة ثم في دمشق. أخذتها حالًا إلى جنيف. وصار لي منها ولدان: صلاح وسميّة. السيدة زينب (أمّ صلاح) رحمها الله (توفّيت عام 2017 في أيبيكون لوزيرن بسويسرا). وقد قضت رحمها الله نحو 35 عامًا في جنيف تعلّم القرآن للنساء والأطفال. ابني الدكتور صلاح هو أستاذ الترجمة في جامعة أوتاوا حتى الآن بكندا. وابنتي سميّة هي زوجة المهندس الإلكتروني يوسف سباديا، كما تعرفه له نشاط في الجمعيات الإسلامية في سويسرا.
في الجانب الإعلامي عملتُ في جريدة “الندوة”السعودية، وكان من أخلص أساتذتي الأستاذ محمد صلاح الدين الدندراوي رحمه الله والأستاذ فتحي الخولي والشيخ العشماوي أحمد سليمان رحمهم الله جميعًا. ثم تعرّفتُ على الدكتور سعيد رمضان صاحب مجلة “المسلمون” كما حدّثتكم عن ذلك بالأمس. أمّا بعد توقّف المجلّة في سنة 1970، فقد عُدتُ مرّةً أخرى إلى السعودية وبقيتُ هناك حتى 1975. ثم كلّفتني رابطة العالم الإسلامي أن أعود إلى جنيف، بسويسرا كي أعمل في المؤسسة الثقافية الإسلامية (المسجد الكبير) التي افتتحت رسميًّا في 1978 وهناك اجتمعتُ مرّةً أخرى بأستاذي الشيخ محمود بوزوزو رحمه الله، أحد أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث كان إماما خطيبا في مسجد جنيف، وأستاذا بمعهد الترجمة بجامعة جنيف، وكان لي بعض الاسهامات معه ومع غيره، حيث كتبت بعض الكتيبات الصغيرة حول مبادئ الإسلام بالعربية والفرنسية رفقة الأستاذ عبد الحفيظ الورديري وآخرين، كما تعلم.. بعدها تقاعدت، ..”
من جهتنا ندعو الله أن يمتع الشيخ يحي باسلامة بالصحة والعافية، وييسر لنا معه حوارا مطولا قصد الاستفادة من تجربته الطويلة في الدعوة والعمل الإسلامي في الغرب، والله ولي التوفيق.