حكم من يصوم ويرتكب الآثام، كالتدخين، والهجران، ونشر الإفك .

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com
3 ـ الفتوى رقم: 509 باب أحكام الصيام
السؤال
قال السائل: لي صديق أحبه، ولكن فيه خصلتان أكرههما فيه وأهجره أحيانا بسببهما، وهما: التدخين، والثانية أنه يهجر بعض إخواننا المؤمنين، ويقول عنهم: ليسوا إخوانه، مع أنهم مؤمنون يصلون ويصومون ويزكون ويحجون.؟ ونصحته فلم يستجب، وسؤالي: ما هو حكم التدخين؟ وهل هجران المؤمن، ونشر الإفك في صفحات التواصل الاجتماعي، يفسد الصوم؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: أن السائل يسأل عن التدخين في غير أوقات الصوم، وكذلك في غير رمضان، وحكم التدخين أنه محرم لعلة التحريم، ثم إنه محرم لغيره، لأنه من الخبائث، فهو خبيث الطعم، خبيث الرائحة، والله تعالى قال:﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (الأعراف:157) والشيء الخبيث هو: النجس، والنتن، ومالا خير فيه. والخبيث في المعادن ما فيه غش، وما ينفيه ويطرحه الكير، خبث الطعام: فَسَدَ. ثم إن التدخين يحرم لما يسببه من المرض، ومن تبذير المال، وتبذير المال من عمل الشياطين. وانتشار التدخين والشمة والقات كان السبب الرئيس في انتشار المخدرات، فالذي يدخن سواء كان يشعر أو لا يشعر فإنه مشارك في تفاقم انتشار المخدرات، وفعله خطر على مستقبل المجتمع. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: النبي صلى الله عليه وسلم نهى من يأكل البصل أوالثوم، أن يقرب المسجد حتى يغسل، وحتى تزول من فمه الرائحة الخبيثة نهائيا. فكيف بمن يتناول التبغ أو الشمة والعياذ بالله، ثم يرمي عقب السيجارة من فمه قرب المسجد ويدخل لصلاة التراويح؟!!! ويؤذي نفسه، ويؤذي غيره، ويعصي ربه سبحانه وتعالى. ففي الحديث. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: [مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا، حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا» يَعْنِي الثُّومَ] (مسلم.561) وسُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الثُّومِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[مَنْ أَكَلَ مَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَلَا يَقْرَبَنَّا، وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا] (مسلم:562) وقَالَ مَرَّةً: [مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ] (مسلم:564) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل:وهل هجران المؤمن، ونشر الإفك في صفحات التواصل الاجتماعي، يفسد الصوم؟ فالسؤال هل يحل للسلم أن يهجر أخاه المسلم؟ وهل يحل له أن ينشر الإفك؟ والجواب أن المسلم الذي يقيم الصلاة حقا، ويصوم إيمانا واحتسابا لا يفعل الحرام عن عمد، والهجران ونشر الإفك من المحرمات، وإن فعل الحرام عن عمد فقد دخل في صنف الفاسقين. ففي الحديث. عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:[لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ] (البخاري: 6237) والعجيب في سلوك بعض الغافلين أنهم يعلمون بأن ما يفعلونه حرام، ومع ذلك يرتكبونه ثم يسألون هل صومهم صحيح أم لا؟ ما هذه الغفلة. وهم إن لم يتوبوا ويقلعوا عن المعصية، وإن ماتوا مصرين على معصيتهم قد يكونون من المفلسين، الذين لا ينفعهم صيام ولا صلاة ولا زكاة. وسأل السائل: عن نشر الإفك في صفحات التواصل الاجتماعي، ونقول له: إن المسلم الحق يستعمل وسائل التواصل في نشر الخير، في إدخال السرور على الناس، أما الذين ينشرون كلام السخرية والاستهزاء والشماتة والإفك فإنهم يعملون عمل الفاسقين، والفاسق بعيد بفسقه عن الصائمين المتقين فلاحظ له في صومه إلا الجوع والعطش. قال الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.﴾ (الحجرات:11) نقول للسائل ولكل عاقل: إن من يؤذي المؤمنين ويهجرهم عن عمد، فليراجع إيمانه، فإنه في خطر. والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.