بالمختصر المفيد

حديث إلى الشباب..! /كمال أبوسنة

 

إذا تأملت – كما يقول الدكتور البوطي رحمه الله في فقه السيرة – فيمن كان حول النبي – صلى الله عليه وسلم – إبان دعوته وجهاده، وجدت أغلبيتهم العظمى كانوا شبانا لم يتجاوزوا المرحلة الأولى من عمر شبابهم، ولم يألوا جهدا في تجنيد طاقاتهم وقوتهم من أجل نصرة الإسلام وإقامة مجتمعه.

وبأولئك الشباب المؤمن الواعي وضعت أولى اللبنات في بناء أعظم حضارة أخرجت للناس، وبجهودهم المخلصة المبذولة انتشر الحق الذي أزهق باطلا عشش وفرخ وساد، وعمّ الإسلام أقطار الأرض…

إنهم عرفوا أنهم لم يُخلقوا إلا لعظائم الأمور، ولم يخلقوا لسفاسفها، أو لشهوة دنيئة تُقضى، أو نزوة عابرة تبلى..!

لقد أدركوا أنهم خُلقوا لغاية عُظمى تليق بإنسانيتهم المكرمة، ولهذا استطاعوا أن يصبحوا نماذج بشرية يُضرب بها المثل، وبأمثالها تتشرف الأمم..!

لقد عرف خصوم الإسلام من زمن بعيد مدى أهمية الشباب المؤمن الواعي في عودة الأمة إلى سابق تفوقها وقيادتها وسيادتها، فأعدوا المخططات، ونفذوا المؤامرات، وأعانهم بعض بني جلدتنا، من أجل أن يحوّلوا أنظار شباب الأمة عن غايته الأسمى، إلى غايات ما خُلقوا لها، حتى أنهم للأسف استطاعوا أن ينشئوا منهم كثيرين تاهوا في ضروب الحياة…

أحزنني أن كثيرا من شباب الجزائر يعيش حياة بعيدة كل البعد عن الهدف الأسمى الذي خلقه الله من أجله…!

فهل يعقل أن يحيا جزء كبير منهم في سبيل “كرة القدم” التي أصبحت معبودهم الذي يخاصمون من أجله الرفيق والصديق، ويحبونه كحب الله…!

أذهلني أن شابا من هؤلاء سولت له نفسه أن يزهق روحا بضربة سكين من أجل هذه “القطعة البلاستيكية”، بل ووصل الأمر بأغلب هؤلاء المفتونين بفِرَق كرة القدم أن يقدموا ولاءهم لفريقهم على ولائهم للوطن، وانتشرت العداوة والبغضاء بين أتباع الفريق الفلاني، والفريق العلاني إلى حد ذكرنا بالجاهلية الأولى ومعاركها التافهة التي نشبت من أجل سباق فرسين سبق أحدهما الآخر و.. و.. و!

نحن لسنا ضد الرياضة بأنواعها التي تقوي جسم الشباب وتخدمهم، ولكن لا تستهوينا رياضة تضيّع أوقاتهم، وتستهلك طاقاتهم بدون فائدة، والأمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها بـحاجة إلى من يخدمها ويبني صرحها حتى تصل إلى ما وصلت إليه الأمم الأخرى المهتمة بكرة العالم لا بكرة القدم.!

إن مرحلة الضعف والشيخوخة قادمة تترا بعد مرحلة الفتوة والقوة، فاغتنام فرصة الشبيبة في إرضاء الله عز وجل وبناء الحياة على منهاجه هو المطلب والمرغب قبل فوات الأوان…!

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” رواه البخاري.

فالشبيبة نعمة من نعم الله على عبده، فإن سُخرت في غير مرضاته، تحولت هذه الفترة الثمينة إلى نقمة، إذ سيسأل المرء عن شبابه فيما أفناه، فما تكون إجابته إذا مرت حياته في لهو ولعب وضاعت في أتفه الأمور.؟ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه:” اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ” .رواه الحاكم في المستدرك.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com