أهميـة العمل المؤسسي في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مـركز الشــهاب للبحوث والدراسات أنموذجا

يكتبه: حسن خليفة/
دعنا أولا نشير إلى أن مقصودنا بالعمل المؤسسي هنا أمرين إثنين:
1- الأول وهو أن تكون للجمعية مؤسسات، تتمثل في: مؤسسات تربوية نموذجية، معاهدعلمية شرعية، مراكزعلمية وبحثية، كليات،مشافي الخ…وهذا واحد من الأهداف التي ينبغي السعيُ إليها وتحقيقها في أفق 2031 في إطار الرؤية الاستشرافية المستقبلية،والتي تحتاج إلى عمل كبير، وجهود أكبر، وتنسيق أوفر وأوفى. وسيحقق الله تعالى الأماني للعاملين المخلصين الصادقين بعونه وكرمه.
2- الثاني مما ينبغي أن يُفهم من «العمل المؤسسي» أن تكون أعمال الجمعية كلها، أو أكثرها على الأقل ينتظم في نظام المؤسسة بمعاييرها، وضوابطها، وقوانينها، وشروطها، وأهمها العمل بـ «روح الفريق الواحد».
إذ لايمكن أن يتحقق الأداء العالي والإنجاز الأمثل، والسّيرقُدما في تحقيق الأهداف إلّا بمنظور ونظام ونمط العمل المؤسسي التكاملي الذي يؤدّي فيه كل فرد أو مجموعة دورهُ كاملا غير منقوص، كما تؤدي فيه كل مجموعة، أو لجنة أو هيئة، دورها أيضا كاملا وبجدية وتفان، وفي إطار التكامل مع المجموعات واللجان الأخرى ليصبّ كل ذلك في نهر الإنجاز الذي يُحسب للجمعية. ولو أردنا أخذ مثال واقعي لقلنا: إنه يجب على لجان شعبة ولائية ما (كمثال): الدعوة والإرشاد والفتوى، الثقافة وإحياء التراث، التربية، الشباب والطلبة، المرأة والأسرة، التنظيم والمراقبة، المالية والوسائل..الخ كل هذه اللجان عندما تعمل ينبغي أن تعمل بتكامل وتنسيق وانسجام تهيء كل لجنة ما يجب عليها في سبيل تحقيق فعالية ما، أو تسطير تظاهرة ما، أو إنجاز مشروع ما، أخذا في الاعتبار أن الجمعية مؤسسة تهدف إلى تحقيق أهداف دعوية إصلاحية …بتكامل الجهود يتحقق المطلوب والمرغوب وعلى نحو جميل وسلس وقويّ، يعطي الانطباع بأن العمل ـ فعلا ـ يستند إلى قواعد العمل المؤسسي بشكل ما. وهذا أمر يجب أن نتقوّى فيه، في الجمعية؛ لأنه السبيل الوحيد (بعد النية في نيل رضوان الله تعالى والاحتساب)..لمراكمة الإنجازات ..
في إطار هذا الأفق المؤسسي أحببتُ اليوم الحديث عن مؤسسة من مؤسسات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أرجو أن تكون نموذجا يحتذى في عديد الولايات ..وأعني هنا مركز الشهاب للبحوث والدراسات …فماذا يمكن أن نقول عنه لمن لا يعرفه؟
مركز الشهاب للبحوث والدراسات مركز تابع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين شعبة سطيف، تأسس عام 2012 برئاسة الدكتور علي حليتيم، وبحضور شيوخ الجمعية ومجموعة من الدعاة والعلماء والأفاضل. وهو مؤسسة علمية تربوية بحثية وفكرية ينشط في مجال البحوث والدراسات ينظم الملتقيات والمؤتمرات والندوات والورشات، سواء كانت دولية أو وطنية أو محلية.
انطلق المركزـ بتوفيق من الله ـ بخطوات ثابتة في النشاط و الإبداع والحركية العلمية الثقافية؛ حيث استطاع خلال السنوات الماضية أن يضع لنفسه اسما بارزا ومكانة مرموقة في سماء المراكز النشطة علميا وثقافيا.. وطنيا ودوليا.
أسهم المركز في تنظيم ندوات دولية شهدت نجاحا طيبا، من بينها ملتقى فكر محمد الغزالي (خمس طبعات)، وملتقى الحداثة الدولي، و مؤتمر القدس العالمي، والملتقى الدولي حول الواقع العربي.
كما نظم ملتقيات وطنية: الأسرة والتربية والتعليم والإعلام، والطبيب الرسالي ..وغيرها من الملتقيات الوطنية، وذلك بشكل دوري تقريبا.
استطاع مركز الشهاب ان يؤسس لعدة نواد تابعة له لعل من أهمها «المنبر الطبي» الذي يضم مجموعة من الأطباء الناشطين في العمل التوعوي والتضامني، وأيضا «نادي نزهة العقول الأدبي»، و«نادي البيئة»، و«نادي السمعي البصري»، ونادي اللغات الذي يقوم بتدريس اللغات الفرنسية والإنجليزية والتركية والاسبانية والألمانية؛ حيث سجل في سنة واحدة 1270 طالبا وطالبة تمدرسوا بالمركز.
وهناك ايضا نواد خاصة بالأسرة والتربية، والتطويرالذاتي، كما أن هناك أنشطة بحفظ القرآن بأحكام الترتيل، ودورات وورشات في الأسرة وبناء الفرد الناجح، ومحو الأمية، وأنشطة خاصة بالأطفال والتلاميذ.
يتوفرالمركز على مجلس علمي يضم نخبة من الأساتذة و الدكاترة والأكادييمين، يجتمع دوريا.
أيضا من بين نشاطات المركز الثابتة ما يتصلُ بالعمل المقدسي خصوصا والفلسطيني عموما؛ حيث نظم المركز ضمن لجنة المعارف المقدسية ثلاث دفعات تكوينية للعمل المقدسي استفاد من هذا التكوين المكثف حوالي 100 طالب وطالبة، على مدار السنوات الأخيرة .
يضم المركز هياكل وإدارة ومجالس منظمة، لكل قسم مسؤولياته المحددة، وأفرادها يعملون جميعا بصفة تطوعية خيرية ومجانية.
فيما يخص مبنى المركز يتكون من القاعة الرئيسية ومكتبة بها 7000عنوان وقاعة ثانية للورشات والدورات كما يضم أيضا قاعة كبرى لتنظيم لقاءات واسعة، كما أن هناك مدرجا بـ 300 مقعد مجهز بكل المستلزمات. ولا ننسى أن نشير إلى أن المركز طبع عددا من الإصدارات يجدها الزائر في بهو القاعة الرئيسية.
أتصوّر لو أن لنا في كل جهة، حتى لا أقول في كل ولاية (وشعبة) مركزا كمركز الشهاب …كيف سيكون عمل الجمعية حينئذ،وكيف ستكون ثمراته ونتائجه…؟. إن ارتقاءنا إلى مستوى العمل المؤسسي هو الذي سيسمح (بعون الله وتأييده) بانخراطنا في عمل دعوي حقيقي، تحكمه قواعد علم الدعوة إلى الله وتضبطه معايير العمل الإصلاحي التغييري الرصين الذي حقّقه ابن باديس في حياته وتوارثه العلماء والدعاة من بعده. والله المستعان.