جمعية العلماء المسلمين الجزائريين … نــحو أُفق مســتقبلي …أكثر وضاءة وأقوى إنجازا

يكتبه: حسن خليفة/
باسترجاع بسيط للفترات الزمنية السابقة، قبل خمس عشرة سنة، وقبل عشرسنوات… يمكن للمرءـ أن يعرف ملامح التطور والتحسّن، فيما يتصل بتقدم الجمعية على طريق تحقيق أهدافها النبيلة العظيمة، كما خطط لها وسجلها الماهدون من الجيل الوضيء المؤسس الذي آتاه الله تعالى إخلاصا وصدقا وعزيمة وقوة إرادة وجميل تضحية، وقدرة على التخطيط والاستشراف.
الجمعية اليوم ممتدة في كل أرجاء الوطن، من حيث الانتشار الأفقي، وشُعبها تتزايد وتكبروتتسع، كمّا ونوعا… وأعمالها الكثيرة الأخرى في كل الميادين ـ بحمد الله تعالى ـ ملموسة واضحة بيّنة، إلا لمن يجحد ويُنكر ابتداء، أولمن لا يكلّف نفسه عناء المتابعة والاهتمام.
لكن هل هذا يكفي؟ أعني هل هذا «الصّيت».. وهذه السمعة.. وهذا الانتشار يـحقق الرضى عن الجمعية، فنقول : إن الجمعية أدت ما عليها ولا مزيد على ما قدمته وتقدمه؟ أم أن الأمريتطلب عناء ويستوجب إصغاء ومزيد اهتمام …والاستماع إلى آراء أخرى؟
أذكر جيدا إجابات الكثير من الإخوة الأخوات في الاستفسارات التي تنشرها صفحات الجمعية، كما أذكر أيضا التعليقات على بعض ما يُنشر طلبا للاستئناس
بالرأي والمشورة،وقبل ذلك أذكُر وإذكّر بكثير من مداخلات إخواننا وأخواتنافي لقاءات الجمعية التقييمية والتنظيمية وبعض الملتقيات، عندما يتعلق الأمر بتوضيح بعض المسائل ذات الصلة بـ «تقدم» الجمعية إلى الإمام،وارتقائها إلى مستوى المشروع الدعوي الرسالي الكبير، وارتفاعها إلى مستوى المسؤوليات العظيمة الضخمة المطلوبة منها كمؤسسة دعوية متميزة، وكقوة اقتراح،وكرائد من رواد العمل الثقافي والديني والفكري والإغاثي في وطننا…
كما أذكُر وإذكّر أيضا بـ «الرؤية» التي طُرحت قبل سنوات قليلة، والتي حملت اسم «البصيرة» والتي عُقدت ونُظمت جمعية عامة خاصة بها، لمناقشة الرؤية المستقبلية للجمعية، وكيف ينبغي ان تكون بعد سنوات، بالأخص في أفق الذكرى المئوية لتأسيس الجمعية 2031…
ومما يجب التنبيه إليه هنا بوضوح وصراحة أن أحد الأهداف المرسومة الكبيرة التي اتُفق عليها بإجماع، وهي مسجلة في وثائق الجامعة الصيفية، وأعاد الإخوة في ملتقيات ومناسبات التذكير بها ..
نعم أحد الأهداف الكبرى هي: «أن تكون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.. إحدى أكبر وأقوى وأهم الهيئات الدعوية العلمية في العالم العربي ..في أفق 2031» …وهذا ليس هدفا بسيطا بطبيعة الحال، ولكنه ـ أيضا ـ ليس هدفا معجزا.. ولا مستحيلا، بل وليس حتى شاقّ التحقيق.
ومن يتابع أنشطة الجمعية وفعالياتها (ولنذكر فقط بأكثر من عشرة أنشطة في المدة الأخيرة القريبة في :غيليزان، عنابة، وهران،سطيف، قالمة، الطارف، أولاد جلال، ميلة، سكيكدة، أدرار، وغيرها من المدن (الشُّعب)..دون الحديث عن الهبّة التضامنية الخاصة بتوزيع الحقائب الطبية على ولايات الوطن كله، والتي شاركت فيها الجمعية بأناقة واقتدار…
لكن مرة اخرى …هل يعني ذلك أن الجمعية ارتقت إلى المستوى المطلوب وحققت الاهداف..؟
والجواب لا، الجواب..لا، لا تزال الجمعية بعيدة عن أن تحقق الأهداف الكبيرة، ومنها هذا الهدف وهو أن تكون «واحدة من أقوى الهيئات الدعوية»
والسبب : يكمن في أن النقائص ما تزال كثيرة، والتعثرما يزال قائما، والارتجال مايزال ايضا هو السائد في الكثير من الأحيان.وفضلا عن كل ذلك لم تحقق الجمعية الهدف الإجرائي الرئيس وهو أن يكون عملها «مؤسسيا» احترافيا دقيقا، ينبني على العلم، ويتاسس على المنهجية الدعوية الشرعية الموجبة .
هذا رأيي وأتصور أن الكثيرين والكثيرات يشاطرونني هذا الرأي الذي يتأسس على الحبّ للجمعية، وعلى الغيرة عليها، وعلى وجوب الاجتهاد أكثر فأكثر في أداء المنوط (بنا) من الواجبات نحوها ونحو وطننا.
ثمة خطوط عريضة ينبغي أن نشير إليها هنا، من باب التذكيرمن جهة، ومن باب تجديد العزم من جهة ثانية:
1ـ ضرورة الارتقاء (من الجميع) إلى مستوى هذه الجمعية الربّانية المباركة أخلاقا وسلوكا وعملا وأداء ؛واعتداد ذلك مسؤولية أمام الله تعالى ؛
2ـ إ‘فساح المجال أكثر فأكثر للطاقات الكبيرة المتنوعة المتخصصة، في شتى مجالات العلم والمعرفة؛
3ـ تعظيم جسم الجمعية الخاص بالعلماء (من كل الأصناف)..بتوسيع دائرة الهيئة الاستشارية ّأكثر فأكثر،مع استقطاب المثقفين والباحثين والكتاب والإعلاميين (من الجنسين)…وهذا عمل جليل وهدف نبيل .
4ـ فسح المجال وسيعا أمام المبادرات، من أي نوع كانت، وإيجاد صيغ مرنة، في استيعاب كل مبادرة ذات خلفية دعوية، أيا كانت: ثقافية، فكرية، تربوية دينية، ابداعية الخ ..
5 ـ تبنّي المنهج التغييري الإصلاحي الباديسي، وأصوله وضوابطه، وملامح المنهج منثورة في حركة ابن باديس وسلوكه الدعوي الشخصي، وفي مؤلفاته، وأيضا في أدبيات جمعية العلماء وأعمالها وجهود أعضائها وثمرات تلك الجهود؛
6 ـ التركيز على التكوين والتدريب، وحسن اختيار القيادات في مختلف المستويات،وإيجاد صيغ فعّالة للتحفيز والتشجيع والتوجيه، عبرآليات متعددة تحافظ على المورد البشري ـأولا ـ وتكوينه وتطويره ثانيا.لأن من المشكلات الكبيرة(الاستنزاف) في مجال الكادر البشري، وانسحاب البعض وانعزاله
7ـ إيجاد صيغة متابعة (ومحاسبة) تسمح بتقدير النشطين والناشطات وتشجيعهم ودفعهم إلى المزيد من العمل والاجتهاد ومتابعة المتأخرين المقصّرين بالشكل الذي تتجاوز به الجمعية «العطالة» والبطء القاتل في إنجاز المهام وتحقيق الأهداف.
8 ـ من المسائل الضرورية التي يحسنُ الحسم فيها ما يتعلق بانخراط حقيقي كلّي للشباب، وإدماجه في منظومة حركة العمل في الجمعية، وبالطبع نعني هنا الشباب الطموح، المقتدرالذي يملك مؤهلات القيادة والتغيير، ويعرف قوانين التسيير والتدبير ..ويجب أن نعمل على تكثيف التكوين في هذا المجال.