ما لا تعرفــــون عن: الدكتـــــور عمار بن خـــــروف
إعداد: د. الصالح بن سالم/
يسعدنا أن نستضيف في هذا الركن الثقافي باحثا جزائريا متميزا في التاريخ العثماني قضى ما يزيد عن 40 سنة مدرسا ومحاضرا ومناقشا بالجامعات الجزائرية. من مواليد 1946م بأولاد خليفة بلدية الجعافرة ولاية برج بوعريريج. درس في جامعة الجزائر وجامعة دمشق حيث حاز على شهادتي الماجيستير والدكتوراه في التاريخ الحديث. ودرس بعد ذلك في العديد من الجامعات الجزائرية. باختصار ضيف الحلقة الأولى من ركن ” ما لا تعرفون عن” هو الدكتور عمار بن خروف.
– ماذا تمثل قرية الجعافرة لعمار بن خروف ؟
*هي إحدى قرى ولاية برج بوعريريج. وهي منطقة جبلية، ذات تضاريس صعبة، وموارد شحيحة. وقد كانت الجعافرة ومازالت موطن الأجداد، والأصهار، والأحباب. أزورها كلما سنحت لي الفرصة للوقوف على ما استجد بها. ولتحية من مازالوا مقيمين فيها.
– يتساءل البعض من ساكنة المنطقة لماذا لم يكتب عمار بن خروف عنها لحد الآن ؟
* أعتبر نفسي مقصرا إلى حد ما، ما دمت أمتلك ناصية منهجية البحث، وأن الوصول إلى مواطن المادة العلمية عن أي فترة من الفترات التاريخية بات أكثر يسرا عن ذي قبل. مع العلم أنني تطرقت في مداخلات عديدة في الملتقيات والندوات، ولا سيما في رسالة الماجستير وأطروحة الدكتوراه لدور المنطقة في العهد العثماني من خلال الحديث عن بجاية، وإمارة المقرانيين في قلعة بني عباس وما جاورها.
– هل يمكن القول بأن عمار بن خروف تقاعد عن العمل أم تقاعد عن العمل والتأليف ؟
* تقاعدت رسميا بعد أكثر من 40 سنة من العمل، قضيتها في التحصيل العلمي، والتعليم، والتأطير أولا في جامعة الجزائر، ثم جامعة غرداية، وأخيرا في جامعة البويرة. وفي الواقع ما زلت حتى الآن مشرفا على عدد قليل من الطلبة، وأشارك في مناقشة رسائل الدكتوراه أحيانا، ومن ثمة فأنا لم أتقاعد تماما بعد، عن العمل، ولكن جهدي في التأليف يبدو قليلا وبطيئا.
– مؤرخ جزائري لازمه عمار بن خروف وأعجب بجديته وصرامته الكبيرة ؟
* لازمت في بادئ الأمر الدكتور لقبال موسى رحمه الله، وهو من الأساتذة المتميزين في التاريخ الإسلامي الوسيط، وشرعت في إعداد بحث عن الفهريين تحت إشرافه. ولكن الأقدار شاءت أن أنجز أبحاثي لنيل درجة الماجستير، والدكتوراه في الخارج تحت إشراف الدكتورة ليلى الصباغ، والدكتور محمد خير فارس في جامعة دمشق. وأعترف أنني كنت دائما معجبا بأساتذة قسم التاريخ في جامعة الجزائر مثل: مولاي بلحميسي، وأبي القاسم سعد الله، وجمال قنان، وسعيدوني ناصر الدين، والعربي زبيري، وغيرهم.
– عمل عمار بن خروف في عديد الجامعات الجزائرية فماهي الجامعة التي تركت بصمة لديها ؟
* عملت في ثلاث جامعات جزائرية أستاذا دائما، وهي جامعة الجزائر2، ثم جامعة غرداية، وجامعة البويرة. وكنت سعيدا في جميعها، ولا سيما في جامعتي الجزائر2 وغرداية اللتين كان لي فيهما شرف فتح دورات للماجستير، والإشراف على عدد كبير من طلبة الماجستير والدكتوراه. وشاركت في مناقشة العديد من الرسائل في الجامعتين المذكورتين، وفي غيرهما كجامعات وهران، وقسنطينة، وسيدي بلعباس…
– كانت لعمار بن خروف تجربة مميزة في الدراسات العليا بجامعة سورية هل من ذكريات مازالت عالقة لديه عنها ؟
* يمكنني القول: أنني استفدت كثيرا من دراستي في جامعة دمشق على يد خيرة أساتذتها أذكر منهم: ليلى الصباغ، ومحمد خير فارس، وأحمد طربين، وعبد الكريم رافق ، ومحمود علي عامر، وآخرين … وكان إشراف الدكتورة الصباغ على الماجستير متميزا، تعلمت منها الكثير، مما ساعدني على إعداد أطروحة الدكتوراه بإشراف الدكتور محمد خير فارس.
– تركت المشرفة الدكتورة ليلى الصباغ أثر كبير في مسيرة عمار بن خروف أليس كذلك ؟
* إن كنت أنسى فلا أنسى أبدا الفترة الذهبية التي كنت أتمتع فيها كل أسبوع بلقاء ثري مع المشرفة ليلى الصباغ، التي كانت تزودني بتوجهات مهمة في كل لقاء عن كل مبحث أٌقدمه لها، ولا سيما في الجانب المنهجي الذي لها باع كبير فيه، لا يضاهى، ولها دراسة متميزة فيه، بعنوان: “دراسة في منهجية البحث التاريخي”، طبعت أكثر من عشر مرات. وكنت أحرص على حضور محاضراتها والاقتداء بها، مما إنعكس إيجابيا على أدائي مع طلبة الجامعات التي اشتغلت بها.
– احساس عمار بن خروف وهو يقرأ ويشاهد مظاهر الخراب والدمار بسوريا اليوم ؟
* أكاد أجزم أن كل الجزائريين يشاركونني فيه، وهو التأثر الشديد لما أصاب إخواننا السوريين من ويلات نتيجة المؤامرات الدولية عليهم، قلبت في السنوات العشر الأخيرة سعادتهم شقاءً، وعمران كثير من مدنهم خرابًا، واستقرارهم اضطرابًا عنيفًا. وقد أسعدني كثيرا التعاطف القوي من الجزائريين معهم، وترحيبهم بكل من وفد منهم إلى الجزائر، وتقديم يد المساعدة لهم. والرجاء من الله أن يعجل بحل أزمتهم.
– رأي عمار بن خروف حول المنجز الجزائري في التاريخ العثماني لحد الآن ؟
* بدأت الدراسات في تاريخ الجزائر العثمانية في التكاثر، وخاصة في العشريتين الأخيرتين، وبعضها يتميّز بالعمق والدقة، والاستناد إلى الوثائق مما يبعث على التفاؤل. وهذا التراكم في الأبحاث عن ذلك العهد لا بد أن تعقبه أبحاث أكثر رصانة وشمولية وعمقا والأمر يبشر بالخير.
كلمة أخيرة قل ما شئت ولمن شئت: لا بد من توجيه الشكر لمن فكر، ودبّر، وهندس لهذا الحوار الشيّق المثمر على قصره، وهو الدكتور الفاضل الصالح بن سالم، واسأل الله له دوام الحيوية والنشاط النافع، والشكر موصول لكل الفاعلين في التاريخ على جهودهم في هذا المجال. ولا أختم دون الترحم على كل من غادرنا من الأساتذة إلى الدار الباقية فهم السابقون ونحن اللاحقون.