«المعارف المقدسيــة».. الأمانة التي في أعناقـنا نحو القدس
يكتبه: حسن خليفة/
نسارع أولا إلى بيان المقصود بـ «المعارف المقدسية» التي جاءت في العنوان أعلاه، فنقول:
أولا: نعني بها في المقام الأول الميداني الواقعي؛ الدورات التكوينية الثقافية الدينية المتميزة التي تشرف عليها شعبة سطيف لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، منذ أمد غير قصير نسبيا، والتي تشتغل على مجموعة من المعارف ذات الصلة ببيت المقدس وما حول بيت المقدس، تلكَ التي تُعنى بالقضية الرئيسة والمركزية للمسلمين وهي قضية فلسطين/القدس، وذلك بطريقة منهجية علمية تهتمّ بإعداد جيل رسالي مثقف ذي اطلاع واسع في المجالات: الدينية، التاريخية، الثقافية، الفكرية، قضايا الصراع الضاري في العالم، ومنه مايتعلق بالصراع الإسلامي الصهيوني ومظاهره كثيرة متعددة، ولكن الكثيرين منّا، للأسف لا يحيطون به؛ من حيث تجب الإحاطة (علميا، ودينيا، وثقافيا، وتاريخيا..الخ) لذلك وجد الإخوة في هذه الشعبة العلمائية (سطيف ـ مركز الشهاب)… أن من الواجب الذي لا يتم الواجب الحقيقي إلا به العمل على ترسيم وترسيخ هذه المعارف وتعليمها بطريقة علمية مبسطة ومنهجية لإيصالها إلى العقول والقلوب بأفضل طريقة .
وكل ذلك، كما ألمحنا، من خلال برنامج متكامل متعدّد المحاور، وأيضا متعدد المستويات، يستهدف تكوين وإعداد الشباب (من الجنسين) على فترات متنوّعة متعددة، تنتهي عادة بتخريج «أفواج ـ المعارف المقدسية».
ثانيا: المقصود بالمعارف المقدسية هو ذلك البرنامج التكويني ـ العلمي/التعليمي المبنيّ على أسس التحصيل العلمي المتعدد المحاور، والذي يُشرف عليه ويؤطره أساتذة وأستاذات في: التاريخ، والحضارة، واللغة، والفكر، والعقائد وأصول الصراع .
وهذا البرنامج * لا يهدف إلى تمليك المشارك/المشاركةُ المعلومة فحسب، بل يرنو إلى تخريج طاقات متكاملة يُمكنها خدمة القضية المقدسية عبر المعلومة.
كما أن هذا البرنامج يهدف إلى تأسيس المعرفة المقدسية بمنهجية بنائية، وطريقة تأصيلية؛ تنتج عالماً عاملا (وعالمة عاملة) يملك أدوات المضي في سبيل الذود والدفاع عن المسجد الأقصى، وقضية بيت المقدس بالمعلومة الموثقة والمعرفة التامة والفهم الدقيق.
أهداف برنامج المعارف المقدسية
وحتى نفهم حقيقة هذا البرنامج «المعارف المقدسية» لننظر إلى الأهداف المتوخاة والمستهدفة.
إنه برنامج مدروس وفق منهاج أكاديمي، يهدف إلى تحقيق أهداف معرفية علمية؛ يتعرف المشارك من خلالها على أبرز القضايا المتعلقة بالقدس، وعلى أبرز القضايا الشرعية المتعلقة بالمسجد الأقصى، ويمكن إجمال هذه الأهداف كما يأتي:
1- أن يتعرف المشارك على جغرافية القدس وتاريخها على الإجمال، وأن يتقن من ذلك:
– تاريخ الأنبياء في القدس.
– الفتح الإسلامي للقدس.
– التجربة النورية والصلاحية في فتح بيت المقدس.
– تاريخ القدس الحديث.
2- أن يدرك المشارك المكانة الدينية لبيت المقدس، وأن يذكر فضائلها في القرآن والسنة، ويتصور الخطة الشرعية في رفع مكانة بيت المقدس في اعتقاد الصحابة والمسلمين من بعدهم.
3- أن يحلل الآيات والأحاديث في بيت المقدس ويدرك أبعادها العلمية والواقعية.
4- أن يعرف الأحكام الشرعية المتعلقة ببيت المقدس، ويناقش الأدلة على وجه علمي رصين.
5- أن يذكر أشهر الصحابة والعلماء الذين انتسبوا إلى بيت المقدس، ويذكر شيئا من سيرهم مما يتعلق منها ببيت المقدس.
6- أن يدرك المنهجية التي استطاع نور الدين وصلاح الدين من خلالها استعادة رشد الأمة ومن ثم استعادة بيت المقدس بعد سطوة الصليبية الأوروبية عليه.
7- أن يتعرف على تفسير آيات إفساد بني إسرائيل من سورة الإسراء، ويربطها بباقي النصوص الشرعية، ويناقش آراء الباحثين والعلماء فيما يختص بنبوءة الفتح القادم.
8- أن يطّلع على فتاوى العلماء في قضية القدس ويحللها، ويعرف مآخذ العلماء في فتاواهم بشأنها.
9- أن يفهم المشارك/المشاركة المصطلحات الإسلامية المتعلقة بقضية القدس، ويعرف المستندات الشرعية لها، وأن يعرف كذلك المصطلحات الصهيونية المتعلقة بها.
10- أن يرسم المشارك البلدة القديمة في القدس، ويبين معالمها، وأن يرسم المسجد الأقصى ويحدد معالمه الرئيسة، مع معرفة شيء عن تاريخ أهم المعالم.
11- أن يوضح المشارك/المشاركة نظرة اليهود إلى القدس والمسجد الأقصى، ومستنداتهم التوراتية في ذلك.
12- أن يتعرف المشارك على المنظمة الصهيونية ونشأتها ومسارها، وعن الدولة الصهيونية وأبرز الأحزاب والشخصيات فيها، ويعرف أهم القوانين الإسرائيلية المتعلقة بالقدس.
13- أن يبين أهم التهديدات والمخاطر التي تتهدد القدس ومسجدها المبارك، ويتكلم عن أهمِّ مظاهر الاعتداء على الإنسان والأرض والهوية.
14- أن يناقش الشبهات الصهيونية حول الحق الصهيوني المفترى في القدس، ويدفع افتراءات الهيكل.
وعلى الجملة، كما يتبيّن لنا من خلال هذا الاستعراض الوجيز فإن أهمية فهم مطالب الدعوة إلى الله في هذا الشقّ المتعلق بمعرفة أعداء الإسلام، والصراع معهم، وكيفيات التصدّي لهم إنما يقوم على العلم والإيمان. وأن المعارف المقدسية جزء من الواجب الديني/العقدي والأخلاقي والفكري المطلوب أداؤه منّا كمسلمين، في كل قطر، على النهج الأمثل والأنسب.
سيكون من الرائع أن تتبنّى الشعُب العلمائية في مختلف الجهات هذه الدورات العلمية المعرفية، وأسرة شعبة سطيف مستعدة لاستضافة ودعم كل فعالية في هذا الاتجاه بالتأطير والمساعدة على التكوين بالأساتذة والبرامج والمراجع المختلفة.
إنه ديْنٌ كبير في أعناقنا .. نسأل الله أن ييسـّر أمرنا في ردّه، وإلاّ فالحُجـة قائمة علينا جميعا، والجمعية وفية لمبادىء أسلافها ممّن جعلوا من قضية القدس وقضية فلسطين «أمانة» في الاعناق .. كما قال الّإبراهيمي رحمة الله عليه.
*من المطوية التي تعرّف بالمعارف المقدسية ومحاورها .