تكوين وتكريم حفظة وحافظات القرآن الكريم/ الشمولية في شخصية حامل القرآن الكريم

تغطية: حسن خليفة
انقعد في قاعة محاضرات نزل ميموزة بعنابة يوم السبت 27 شعبان 1442هـ الموافق لـ 10 أفريل 2021 ملتقى تكويني قرآني لفائدة حفظة وحافظات القرآن الكريم والذين تجاوز عددهم 100 حافظ وحافظة، وقد أشرفت على هذا الملتقى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ـ شعبة عنابة، عن طريق مدرسة البصائر للقرآن الكريم المعروفة.
وقد توزعت محاضرات الملتقى على جلستين علميتين، كما أشرف على الملتقى وفد من قيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برئاسة الشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم، مع الشيخ الأستاذ محمد الهادي الحسني والدكتور فاروق الصايم والأستاذ نورالدين رزيق بحضور منسق الشرق الجزائري الأستاذ حسن خليفة.
قدم كل من الدكتور عبد الرزاق قسوم والأستاذ محمد الهادي الحسني مداخلات تقديمية قبل انطلاق الجلسات العلمية، مع كلمات مؤثرة للأخ رئيس شعبة ولاية عنابة الدكتور نورالدين فليغة، والأخ الأستاذ عبد الحكيم بونور مدير مدرسة البصائر القرآنية التي رعت واحتضنت هذا الملتقى الأول، وهو أحد أهم نشاطاتها بعد فترة كوفيد.
أما عن الجلسات العلمية فقد انطلقت أشغال الملتقى في حدود الساعة الثامنة والنصف بحضور كثيف من المدعوين والمدعوات الذين واللائي غصت بهم قاعة المحاضرات الكبرى، في مشهد مشرّف أعاد إلى الأذهان أشغال ملتقيات الجمعية الكبرى كملتقى الشيخين الدولي، أو بعض الملتقيات الوكطنية الكبرى. مما يجدر ذكره هنا أن الحضور معظمهم ـ معظمهن من المهتمين بالقرآن الكريم وتعليمه وتحفيظه وتدريسه ونشر علومه ومعارفه وفضائله.
كانت المحاضرة الأولى لفضيلة الشيخ سمير كيجاور إمام مسجد طارق بن زياد في الجزائرا لعاصمة، وكانت محاضرته بعنوان: “حفظ القرآن الكريم بين المقاصد الشرعية والدلالات العُرفية” .وأجاد المحاضر في بيان مقاصد الشرع الشريف في كل ما يتعلق بالقرآن الكريم وحفظه وتعلّمه وتعليمه، وأعطى العشرات من الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أهمية ما جاء في شأن حفظ القرآن الكريم والعناية به.
المحاضرة الثانية كانت للأستاذ الدكتور محمد بوركاب أستاذ الفقه والقراءات بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، وكان موضوع مداخلته “تحقيق الربانية عند حامل القرآن الكريم” وفيه أفاض الأستاذ الفاضل في بيان صفات حامل القرآن الكريم التي تدوركلها في فضاء الربانية، فحامل القرآن الكريم رباني في كل شؤونه وينبغي أن يكون كذلك في حفظه وتعهده للقرآن الكريم، وأيضا في تعليمه وتحفيظه وتدريسه وتبليغه للقرآن الكريم، ومتقضى ذلك بطبيعة الحال أن تكون أخلاق حامل القرآن الكريم ربانية وسلوكه ربانيا وتوجهه رباني .وقد لامس المحاضر شغاف القلوب وهو يزرع تلك الثقافة الربانية القرآنية في نفوس وعقول الحاضرين والحاضرات.
المحاضرة الثالثة كانت بعنوان: “حاجة حامل القرآن الكريم للتكوين الشمولي ” للأستاذ الدكتور أبو بكر كافي أستاذ الحديث والقراءات في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، وتناول فيها حاجة حامل القرآن الكريم إلى التكوين الشامل، في عديد العلوم والمعارف. كما لاحظ النقائص في مجال التعليم القرآني وأظهر رؤية متميزة لإخراج الجيل القرآني للشخصية الشمولية التي ينبغي أن تكون عليه صفات حافظ وحامل القرآن الكريم، ودعا إلى تحويل المسائل النظرية التي تطرح الآن في الساحة إلى برامج عملية.
الأستاذ الدكتور محمد عبد النّبي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الجزائر قدم محاضرة بعنوان ضرورة الفهم الصحيح للإسلام لحامل القرآن الكريم أظهر فيها إشكالية الفهم عند النخب وحالة الاستضعاف التي تجعل البدائل قليلة.وركز على نحو خاص على بعض الفئات التي تنهج منهج التطبيق المجتزأ للإسلام والقرآن، وبين أن المقصود من إنزال الكتب وإرسال السور إنما هو القيام بالقسط والعدل.وكان تأكيده شديدا على أن الفهوم السيئة للدين هي التي قزمت الإسلام وأظهرته في صور مشوهة، واستعمل تعبيرا جديدا سماه “التديّن المهرجاني” وأفاض في الحديث في الإغراق في الشكليات الذي ضيع جوهر الإسلام وطمس حقائقه كدين إنساني عالمي إيجابي حضاري.
كانت آخر ا لمحاضرات محاضرة الأستاذ الدكتورعبد الحسيب رحايلية أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة عنابة ودكتور في التربية الإسلامية، وكان موضوع مداخلته”الرسالية في شخصية حامل القرآن الكريم”، أعطى من خلال هذه المحاضرة خطوطا عن المستويات الثلاثة لمفهوم الرسالية عند حامل القرآن الكريم، فالمستوى الأول هو مستوى العناية والحفظ والاهتمام حتى مع التدبر، لكن هناك مستويان آخران يجعلان حامل القران الكريم مبلغا ومؤثرا وداعية إلى الله وإلى القرآن الكريم وهو أن يتعدى جهده الدائرة الشخصية إلى إقامة مؤسسة قرآنية أو جمعية ايمانية أو جمعية خيرية، والأفضل هو الوصول إلى بناء نموذ ج فكري متكامل من خلال “صيغة ثقافية ـ أو مشروع ثقافي” وأعطى مثالا على ذلك بما فعله الشيخ عبدالحميد ابن باديس رحمة الله عليه الذي قدم مشروعا متكاملا ليس للجزائر فحسب ولكن أيضا للعالم الإسلامي في مجال التغيير والنهضة بالقرآن الكريم.
وانتهى هذا الملتقى المبارك في حدود الساعة الثالثة مساء ..حيث افترق الجمع الطيب على أمل اللقاء في مناسبة قرآنية أخرى بحول الله في هذه الولاية المضيافة الكريمة وولايات أخرى. وهذه أهم توصيات اللقاء:
ـ إقامة دورات تربوية للقائمين على تعليم القرآن الكريم للارتقاء بمستواهم المعرفي والتعليمي.
ـ تطوير مناهج ووسائل التعليم القرآني، وطريق تدريس علومه ، في المدارس القرآنية .
ـ الدعوة إلى رعاية الحفاظ بعد التخرج، بتقديم المناهج الدراسية المناسبة لهم؛ لإكمال دراستهم في مختلف التخصصات.
ـ السعي لتنسيق جهود مختلف المؤسسات العاملة في تحفيظ القرآن الكريم، وتبادل الخبرات والزيارات فيما بينها وإقامة الملتقيات والندوات المتخصصة.
ـ تأصيل الإطار العلمي المفهومي التعليمي القرآني وتطوير أدائه والتعرف على وسائل تفعيله.
ـ ضرورة الوقوف على واقع وإشكاليات التعليم القرآني وبعث الوسائل والسبل المعينة على حلها والتغلب عليها.
ـ الدعوة لتثبيت هذا اليوم الدراسي سنويا والارتقاء به ليكون ملتقى وطنيا منتظما.
ـ تمكين معلمي ومعلمات القرآن ممن ممارسات أفضل واجود في مجال تعليم القرآن الكريم ،وذلك عن طريق تصميم وتجسيد برامج تعليمية وتكوينية ـ تدريبية تتضمن أساليب التعليم الحديثة، وطرائق التدريس التي تؤهل لتعليم قرآني.
ـ بحث المشكلات ذات الصلة بالتعليم القرآني خاصة ما يتعلق منها بإضافة: التدبر، معرفة مقاصد السور، أسباب النزول، وكل ما يتصل بفهم القرآن الكريم لكل الفئات والشرائح والأعمار، رجالا ونساء.
ـ الرقي بالمدرسة القرآنية إلى المستوى العصري المطلوب لتستجيب للاحتياجات المجتمعية، وتقدم ما يجب للأسرة الجزائرية والعائلة الجزائرية.