عين البصائر

الـمثقف بين كلمة الفاروق وحكمة الإنجليز2

أ. لخضر لقدي/

والحرية شجرة طيبة ثمارها العدالة والكرامة، وهي نور يتوهج في القلوب، وهي مستمدة من توحيد الله وحده فلا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق.
وإذا كانت وحدة الأمة ضرورة وواجب يفرضه الإسلام على أبنائه، فإن حق إبداء الرأي هو ضرورة أيضا، يأثم المؤمن بكتمانه.
والإسلام يعدّ حرية التعبير عن الرأي حقا وواجبا في ذات الوقت، بل يمنع المسلم من أن يكون إِمَّعَةً، أي من بني : وي، وي. يقول أنا مع الناس في اتجاههم دون تبين حق.
ويعتبر حق إبداء الرأي واجبا مقدسا لا يمكن مصادرته أو التضييق عليه، ومن يعمل على خلاف ذلك فإنه يؤسس للاستبداد والدكتاتورية.
وحرية الرأي وحق الإعلام في التعبير عنها أحد أدلة الممارسة الديمقراطية في أي بلد، غير أنه لا يجب لأحد أن يتعسف في استخدام هذا الحق، كأن يتطاول أو يسب أو يسقط أو يحقر الآخرين بحجة ممارسة حقه في حرية التعبير.
ونحن تارة نكره الحقيقة لأنها مرآة عاكسة لكل ما هو واضح وجليٌ في حياتنا وأخلاقنا وممارساتنا ومعاملاتنا، نكرهها لأنها تفرض علينا أن نطلع على سوءاتنا وعيوبنا وتدفعنا راغبين أو مكرهين إلى إصلاحها، وتارة نكرهها لذاتها لأنها تتناقض مع ما نؤمن به وما نفعله في سرنا وعلانيتنا، ومنا من يكرهها لأنها تفضح عيوبه وتكشف سوء ممارساته التي اعتادها أمام الناس والمجتمع، ومنهم من يكرهها لأنها تتسبب بضرر نفسي قد يلحق به جراء معرفة الحقيقة.
أما الإنجليز فلقائلهم أن يقول: إن النفاق هو الزيت الذي تشحم به عجلات الحياة كي تدور.
ولكنهم يرون دوران الحياة عندهم متوقفا عند مصالحهم الذاتية وأنانيتهم المفرطة، وفي تاريخنا في بعض صوره المشوهة ما يشبه هذا الاتجاه، فيروى عن عبد الملك بن مروان أنه قال: من قال لي اتَّقِ الله قطعتُ عُنُقَه.
والفرقُ بين كلمتي الفروق والإنجليز أن كلمة عمر مستمدة من الوحي وتوجيهاته وعمر هو القائل: الرجوع إلى الحقِّ خير من التَّمادي في الباطل، أما الكلمة الثانية فهي مستمدة من الأَثَرة وحبِّ الذات والانسلاخ من الحق واتباع الهوى.
وما أسعد المثقف الذي يذعن للحق ويقول كلمته من غير غضب، غير ناف عنها جلال الدين وكمال الأدب وحبّ الخير للمجتمع.
وما يزال في عمر الباطل بقية مادام أمثال المثقفين الساقطين بيننا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com