حكم الزوجة الغضبانة التي تهجر زوجها؟ أنها مخطئة عموما
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com/
السؤال
قالت السائلة: (و.ل.) أنا موظفة وتخاصمت مع زوجي بسبب الإنفاق على البيت، وساعدته في شراء السيارة ومصروف الأولاد، ولما طلبت منه السماح لي بالسفر، مع أختي وابنها لحضور وليمة عرس رفض، وقال لي، حتى تسافرين معي، وأنا مشغول في العمل، وبعد الوليمة سنسافر إليهم ونهنئهم إن شاء الله تعالى. فغضبت وذهبت إلى أهلي، وبقيت غضبانة مدة شهر ونصف، ولم يسأل عني، ثم طالبني قضائيا بالرجوع، دون أن يأتي إلى أبي؟ وقال لي إذا لم ترجعي بعد أسبوع فأنت طالق؟ فهل إذا مضى أسبوع أعتبر طالقا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: إن بناء الأسرة الذي يبدأ بالزواج بين رجل مُسْلم مُسَالـِمٍ قوَّامٍ عادل، وامرأة ذات الدين والخلق الرصين، وقِوَامُ بناءِ الأسرة: الأخلاق والآداب ومنها: المودة، والرحمة، والصدق، والأمانة، والإخلاص، والتضحية، والحلم. وليس بناء الأسرة شركة اقتصادية، أو مؤسسة إدارية بين موظفين، فالعلاقة الزوجية علاقة إيمانية، وجدانية، حميمية، وليست رابطة القوة المالية، والقانونية، والصراع والغلاب، بين غالب ومغلوب صراع جاهلي.. فالأصل في التعاون بين الزوجين أن يكون الإنفاق على شؤون الأسرة من واجب الزوج. قال الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾قوامون عليهن بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، والدفاع عن العرض والشرف،. قوامون عليهن أيضا، بإلزامهن بحقوق الله تعالى من الصلاة والزكاة والصوم، ومن المحافظة على فرائضهن،.وقوامون عليهن باجتناب المفاسد. والأصل في الزوجة أنها تقوم بخدمة الشأن الداخلي للبيت، من رعاية الزوج والأولاد، فوظيفة المرأة رعاية بيتها. فإذا رضي الزوجان بعمل وظيفي يناسب المرأة، فيكون الإنفاق المشترك بينما وفق شروطهما من البداية في قبول العمل الخارجي،.قالت السائلة: (وساعدته في شراء السيارة ومصروف الأولاد) إذا عاونت الزوجة زوجها في الإنفاق، فلا يجوز لها الْمَنُّ عليه، أو محاسبته على ذلك، فهو تطوع منها. وإنما فالأصل من البداية، إذا كانت لاترغب في مساعدته، فلا تتوظف أصلا، وتقوم بما يجب عليها كزوجة في البيت، والمسلمون عند شروطهم فيما لايخالف الشريعة، والكلام للزوج أيضا: فأي زوج رضي بالزوجة الموظفة فعليه أن يصبر ويتحمل النتائج، ومنها: حفظ الذمة المالية لها، وتحمل تربية الأولاد معها فهو الذي قبل ورضي، والصبر على غيابها عن البيت في أوقات الوظيفة، وإلا من البداية يختار صاحبة الدار، من اللواتي يقرن في بيوتهن. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قالت السائلة: (ولما طلبت منه السماح لي بالسفر مع أختي وابنها لحضور وليمة عرس رفض) ولم تذكر السائلة مسافة السفر، ولا وسيلة السفر، ولا مدة السفر، ولا سبب الوليمة، ومن هم المعنيون بالوليمة. ومهما كان الأمر، فإني أقول للزوجة السائلة المحترمة، بأن قرار السفر من اختصاص الزوج وليس من اختصاص الزوجة، وحضور الوليمة سنة والزوج هو الذي يقدر الظروف الخاصة به، وطاعة الزوج في الحلال فرض،. وقالت السائلة: (قال لها زوجها: حتى تسافرين معي، وأنا مشغول في العمل، وبعد الوليمة سنسافر إليهم ونهنئهم إن شاء الله تعالى). نعم، هذا منطقي، لا يجوز للزوجة أن تسافر بغير إذن زوجها، وإذا كان باستطاعته مرافقتها، فلا تسافر إلا معه، هذا هو الأصل، وإذا كان مشغولا يوم الوليمة فليس شرطا واجبا عليكما حضور الوليمة. قال الله تعالى:﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾. يدل الحكم الشرعي في هذه الآية على أن كل واجب عجز عنه المسلم، يسقط عنه، بما هو معلوم فقها، فإذا قدر على بعض المأمور أداها، وإذا عجز عن بعضها أعفي، ويأتي بما يقدر عليه، وفي الحديث : [إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم] والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قالت السائلة: (فغضبت وذهبت إلى أهلي) وأقول للأخت السائلة بأن بعض العادات التقليدية ومنها: (الغضبة) كما يقولون، في بعض الأوساط أنه عندما يحدث خصام بين الزوجين، تقوم الزوجة بالاستنجاد بأحد أهلها، أو وحدها، تحمل متاعها وتذهب إلى بيت أهلها ويقولون عنها: (هي غضبانة). وربما تبقي غضبانة بالشهور؟! وهذا تصرف غير شرعي وغير أدبي، إلا في حالات خاصة جدا، جدا، هناك ظروف خاصة يصل الأمر فيها إلى حالة أن الزوجة تذهب إلى بيت أبيها أو أخيها لظروف، قد لايعترض عليها حتى الزوج نفسه.
أما في حالة مسألة السائلة فإنها كانت مخطئة، وما كان ينبغي لها أن تترك بيت زوجها، وقولها: (وقال لي إذا لم ترجعي بعد أسبوع فأنت طالق؟ فهل إذا مضى أسبوع أعتبر طالقا؟) والجواب: نعم، وهذا ما يعرف بالطلاق المعلق.والطلاق شرعاً هو حل العصمة الزوجية، وسببه أن يرى الزوج بعد تدبر واستشارة، أن بقاء هذه الزوجة في عصمته يضر بها أو يضر به. وفي القرآن{وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته} وإن كان الطلاق المعلق مخالفا للسنة، كأن يعلق الطلاق على فعل شيء أو تركه كأن يقول الزوج لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو إن حدث كذا فأنت طالق. فإن الطلاق يقع إن تحقق الشرط. والله تعالى أعلم.
رابعا: وأُذَكِّرُ الأخت السائلة: بقول الله تعالى:﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (النساء:128) تذكري والصلح خير. والصلح مستحب، وقد يكون واجبا في حالات،. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.