عائد من ملتقى حوار الأديان!/ د. علي حليتيم
“إني أعتذر عن كل الجرائم التي ارتكبتها حكومتي الأمريكية في بلادكم العربية ولا تزال ترتكبها حتى اليوم..
إني أعتذر عن تأييد حكومتي الأمريكية للصهيونية وتمكينها من احتلال أرضكم المقدسة في كل الأديان -في فلسطين- وقتل آلاف الفلسطينيين العزل وتشريد الملايين..
إني أعتذر عن الاستعمار البشع الذي تعرضت له بلدانكم باسم المسيحية والمسيح منه بريء..”
هذه أول مرة في حياتي أرى فيها أمريكيا يبكي آلام الشعوب الإسلامية، وهذه أول مرة في حياتي أرى فيها قساً يبكي حال المسلمين!
كان القس جوزيف يبكي بحرارة بالغة وكان المشهد سورياليا مؤثرا ومدهشاً في آن معاً.. لم يصدق الحاضرون في الملتقى..؛ لأننا لم نتعود من الأمريكيين غير التهمة والإدانة أو اللامبالاة في أحسن الأحوال.. هاهم يعترفون ويعتذرون ويذرفون الدموع!
ساد صمت عميق حتى أنهى القس جوزيف خطبته العصماء.. صفّق جميع الحاضرين من مسلمين ومسيحيين.
عندما حان دوري للكلام كان علي أن أعقب عليه ولكن أيضاً على القِس سيلفان الذي لم يعجبه كلامي عن تحريف الأناجيل وقولي عن عقيدة الخلاص إنها خرافة لا يجوز أن نكررها في القرن الواحد والعشرين، قرن الأنوار والعقلانية وأنها ومثيلاتها هي سبب انتشار الإلحاد وأفول الدين وقال لي أمام الملأ: إذا كنت تريدني أن أكون مسلما فلا مانع عندي من إرسال اللحية ولبس قميص أبيض لكن اسمحوا لي أيها السادة أن أضرب لكم هذا المثال: تخيلوا أني دخلت محلا لبيع الأحذية وكان يرافقني الدكتور علي وتخيلوا أني أعجبت بحذاء جميل رائع لكني حين هممت بشرائه منعني الدكتور علي قائلا: كلا! لا تأخذ هذا الحذاء بل خذ ذاك! وحين أسأله عن السبب يقول لي: الحذاء الذي أعجبك غال جدا!
كانت الإشارة واضحة إلى المسيحية الغالية والإسلام الذي هو دون ذلك!
عندما عقبت عليهما قلت موجها كلامي للقس سيلفان: أنا لا أطلب منك شيئا يا صديقي ولا أدعوك إلا لاتباع الحق الذي ننشده نحن الاثنان وفق قناعاتك لكني عبرت لك عن رأيي بقلب مفتوح وأدلة واضحة أن عقيدة الخلاص باطلة وهي من مخترعات بولس لم يدع لها عيسى المسيح أبداً.
وأنت تعلم يا صديقي أننا لن نكون في الجنة معا!
إما أن تدخلوا أنتم الجنة ونكون نحن في النار أو ندخل نحن الجنة وتكونوا أنتم في النار أو ندخل نحن جميعا النار ويكون اليهود في الجنة لكننا لن نجتمع وإياكم ولا مع اليهود في الجنة أبداً!
ولو أني دخلت النار والعياذ بالله وكنت أنت في الجنة فإني سأناديك وأقول لك: لم لم تدعني إلى المسيحية حتى أكون معك؟
حينها ستجيبني أنت: بلى قد دعوتك لكنك أبيت!
سأقول لك حينها: كلا لم تدعني لكنك فقط حدثتني عن الأحذية!
انفجر الحضور ضاحكين فقلت لهم:
إن ما قاله القس جوزيف هو أقصى ما ننتظره منكم وإني أشكره على ما قال باسم المسلمين الحاضرين جميعاً! نحن لا نطلب منكم شيئا! نحن نبين لكم ديننا كما تبينون لنا أنتم دينكم ونلتقي معكم في الإيمان بالله والرسل والكتب واليوم الآخر ويكفينا بعد هذا أن نلتقي على مسرح الإنسانية والعواطف النبيلة والسلام الذي دعا له الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
هذه هي الكلمة السواء التي حثنا القرآن على دعوتكم إليها وهذا يكفينا!