عين البصائر

الـمثقف بين كلمة الفاروق وحكمة الإنجليز1

أ. لخضر لقدي/

أما عمر الفاروق فقد أثر عنه أنه قال: يا حق ما تركت لي صاحبا، والمقولة تروى عن علي وعن أبي ذر رضي الله عنهم جميعا، وأما حكمة الإنجليز فتقول: أن النفاق هو الزيت الذي تشحم به عجلات الحياة كي تدور .
وأصعب ما يواجه المثقف أن يبدو له رأي فيكتمه، أو يسأل عن أمر فلا يقول حقا ولا صدقا بدعوى أن قول الحق يفسد العلاقات، وأن متطلبات العصر ودواعي المسؤولية تفرض التحفظ، ويجد لموقفه مبررات من مراعاة مصلحة عامة، أو خضوع لأعراف وتقاليد.
وقد أصبح قول الحقيقة لدى الكثيرين شيئا مخجلا مضيعا للمصالح وجالبا للمتاعب، وهنا يلبس الكذب لباس الدبلوماسية، وتختفي المروءة وتضيع أمانة الكلمة التي هي سلاح المثقف، فإذا سكت فمتى تميز العامة بين الصحيح والسقيم؟ .
لاشك أن قول الحق ثقيل وأن من قصَّر عنه عجِز ومن جاوزه ظلم، وخير الناس من انتهى إلى قول الحق فيكون قد اكتفى وأدى ما عليه.
قال الشاطبي رحمه الله في مقدمة كتابه الفذ الاعتصام : نقل عن سيد العباد بعد الصّحابة أويس القرني أنه قال: إن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لم يدع للمؤمن صديقا، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وايم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقّه.
إنَّ الأمانة من المثقف هي أن يجتهد لمعرفة الحق، ويقول الصواب كما يراه، ويجهر بالرأي، ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي فقد قال في آخر حياته خلاصة جاء فيها:
قف دون رأيك في الحياة مجاهداً
إن الحياة عقيدة وجهاد
وحينما يسقط المثقف ينكمش دوره في الحياة، وبموقفه تفتقد الأمة حريتها في التعبير وإبداء الرأي والدفاع عن حقوقها.
والمثقف له وعيه الخاص وله رأيه الخاص، ولكنه في الخلاصة ينحاز للوطن والمواطن لا للحاكم وإن كان خائنا أو مستبدا.
فما الذي يجعل المثقف في بلادنا العربية يهجر القيم المدنية ويصطف في طوابير الانحطاط التاريخي مع المستبدين والمتخلفين ويتبنى مواقف معادية لمصالح الشعوب، ويقف مع الاتجاه المناهض للديمقراطية، ولسيرورة التاريخ…
والقرآن الكريم عمدة الملة، وأساس العقيدة، وينبوع الشريعة، ومرتكز الأخلاق يكرم الإنسان لذاته وآدميته بغض النظر عن جنسه، أو عن عرقه، أو عن لغته، ومن هذا التكريم أن أتاح له حرية الاختيار والتفكير وإبداء الرأي.
يتبع

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com