علـــى الفلسطــيــنــي أن يــقــــرر ( 2)
أ. محمد الحسن أكيلال/
أمـــن الدولــــة العبــريــــة جوهــــــر السياســــــة الخارجــيـــة الأمريكــيــــة
كالعادة كلما تغير رأس الهرم في الإدارة الأمريكية يوضع الشعب الفلسطيني أمام أحد الشعارين المتمثلين في: حرف (س) و(سوف).
يبتلع الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره الشعار المعروض له على مضض، رغم أنه تيقن كل اليقين ألاّ فرق بين الراحل والقادم، كلاهما رضع حليبا واحدًا ومن ثدي واحد هو حليب وثدي الحركة الصهيونية؛ الأدهى والأمر أن أوضاع الشعب الفلسطيني حاليا أسوأ بكثير عما كانت عليه قبل العقود الثلاثة الماضية من عمر اتفاق أوسلو.
منظمة التحرير التي كانت تطارد في العواصم العربية كان لها التأثير على الساحة الدولية عامة والعربية خاصة أكثر مما هي عليه وهي تضع كل بيضها في سلة السلطة الوطنية الفلسطينية التي يبدو أنها استمرأت حالة هدهدتها باللحن الشجي لـــ (س) و (سوف)، مثلما أصبحت تتلذذ بالمصاصة المطاطية في فمها ولو بدون حليب.
الراحل «ترمب» هو الرئيس الوحيد الذي شذ عن القاعدة حين بدل اللحن بالزمجرة والتهديد والوعيد، واقتلع المصاصة من بين شفتي السلطة والشعب معا، وكان ذلك يكفي لهؤلاء وأولئك أن يقطعوا حبل الوصال ويعتمدوا على أنفسهم متوكلين على الله الذي لا غالب له؛ لكن يبدو أن عودة اللحن القديم والمصاصة أعادت الاستكانة والهدوء إلى السلطة المسكينة، وخاصة وأن كثيرًا من أفراد العائلة المقربين قد التحقوا بالعدو بدعوى إعادة اللحمة بين أبناء إبراهيم عليه السلام وبين أتباع الديانات الإبراهيمية.
كــل الغـــرب الإمبريالـــي متفــــق مع أمريكـــــا
بعد السذج الموغلين في التفاؤل يعتقدون أن فوز الديمقراطي الأمريكي، خاصة بعدما حدث في الشارع الأمريكي من سجال وصل حد الحرب الأهلية، سيغير كثيرًا من مواقفه السابقة تجاه العدو الصهيوني الذي أصبح يشكل فعلا تهديدًا للمصالح الأمريكية، لكن هؤلاء نسوا أن أهم المصالح الأمريكية هو أمن الدولة العبرية، وفقط.
كل التخريب الذي ألحقه بالبيت الغربي الإمبريالي والحلف الأطلسي، ما إن جاء الرئيس «بايدن» حتى عاد كل شيء إلى نصابه، بل وأكثر من كل ذلك أنشأ تحالفات جديدة احتياطية ضد إمكانية تحالف إسلامي في المنطقة ضد العدو ورعاته من الغربيين؛ وتم التحالف أو تصحيحه وتمتينه من جديد بين فرنسا واليونان والدولة العبرية ضد تركيا وباكستان حتى قبل أن يعلن عن تحالفهما.
إن ما يجري في شرق المتوسط وغربه من مناورات واستعراضات لقوة الأسلحة المتطورة الجديدة له معنى واحد هو الإعداد لصدام قوى قد يكون مدمرًا لكل المنطقة، المهم هو تأمين الدولة العبرية من خطر إزالتها من طرف إيران والمقاومة؛ وقد أضيفت هذه المرة إلى قائمة المهددين الجزائر المسالمة التي اقترحت على العالم شعار «لنعش معا في سلام» وصادقت عليه الأمم المتحدة منذ سنتين.
فعقيدة الجزائر وجيشها عدم التدخل خارج الحدود والاكتفاء فقط بالدفاع عن الحدود البرية والبحرية والجوية لها، ومع ذلك قررت أمريكا استئجار قاعدة عسكرية لها في تونس إلى جانب أخرى كانت في المغرب الأقصى لمحاصرتها شرقا وغربا من طرف أمريكا وشمالا وجنوبا من طرف فرنسا.
كل هذا لا يهم، المهم هو القرار الفلسطيني الذي يجب أن يعلن عنه هذه المرة، بل يتخذ صريحا حاسما مصرا على العودة إلى الميثاق الأول لمنظمة التحرير بعد ترميم بيتها وترتيبه واستعادة الوحدة الوطنية وراء المقاومة، حق الشعب الفلسطيني الشرعي والمشروع طبقا لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية.