على الفلسطيني أن يقـــــرر
أ. محمد الحسن أكيلال/
بعد سلسلة الدوامات والأعاصير التي مرت بها المنطقة والتي وصلت حدود انفجار مهول فيها لا يبقي ولا يذر، بدأت بوادر التهدئة بوصول الرئيس الجديد في الولايات المتحدة «جو بايدن» إلى سدة الحكم بفعل مجموعة تصريحاته الأولى التي بدأها في الحملة الانتخابية وانتهى به إلى المكالمتين الهاتفتين لكل من «نتانياهو» و الملك «سلمان بن عبد العزيز».
في كل ركام هذه التصريحات والمواقف المعلنة من طرف «بايدن» يمكن جذب خيط واحد منها أو اثنين، هما:
– عدم اعترافه لإسرائيل سيادة على هضبة الجولان السورية المحتلة.
– إيجاد الحل للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين.
المؤكد أن هذه الإشارات تحمل في طياتها رسائل وتعبر عن نوايا: رسائل إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي جعلت من تحرير فلسطين والقدس عنوانا لعقيدتها الصدامية مع العدو الصهيوني والإمبريالية الغربية.
الأكيد أن الرئيس «جو بايدن» ومن خلفه قيادة الجيش والدولة العميقة يريد ترميم العلاقات مع حلفاء بلاده التقليديين والعودة إلى الاستراتيجية الجديدة لها لمواصلة الهيمنة على العالم من خلال منطقة الشرق الأوسط والأدنى وكل المياه الدافئة المحيطة بها والوقوف في وجه الصين الشعبية التي لم يعد يخفى على أحد وقوفها متربصة للانقضاض على الدور الذي كانت تنتظره كقوة أولى اقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا في العالم.
في العقول الباطنية لكل هؤلاء الأمريكيين الذين لا يريدون التنازل عن مكانة بلادهم في هذا العالم الذي يعرف تحولات وتطورات متسارعة بشكل دراماتيكي يدركون أن نجم بلادهم هذه قد أفل ونهاية جبروتها وغطرستها قد حلت، لكن لا يعترفون بذلك حتى يروا تصاعد الدخان من بوارجهم وحاملات طائراتهم في بحر الصين أو بحر العرب والمحيط الهادي، وربما في حقول النفط في «تكساس» وناطحات السحاب في «منهاتن»، أو يرون البواخر الحاملة للمستوطنين اليهود الفارين من فلسطين المحتلة.
طبول الحرب تقرع وعلى الفلسطيني أن يختار
من القوقاز إلى اليونان، ومن أفغانستان إلى سوريا، ومن إيران إلى اليمن، كل هذه الجغرافيا تتقد وتنتظر هبوب العاصفة لتأجيجها واضطرامها؛ على الفلسطيني الآن أن يقرر ويختار صفه ومعسكره. الأوان أوان الجد.
المؤكد أن كل الأطراف على قدم وساق استعدادا للدقيقة الصفر وانتظار من البادئ بالقصف، والمؤكد أيضا أن كل هؤلاء تجمع بين كثير منهم تحالفات ومعاهدات، لكن هذه التحالفات والمعاهدات كلها ستتغير جذريا وتتحول إلى المنطقية والطبيعية التي تحكم البشر، فالشرق شرق والغرب غرب، وجرائم الإمبريالية الغربية والصهيونية في كل المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى ستدفع بشعوب المنطقة إلى الانتقام والثأر لكرامتها التي طالما مرغتها جيوش هذه الإمبريالية في أوحال من دماء أبنائهم.
الحرب ستقع والبادئ بها هو العدو الصهيوني الذي يرى في التخلص من إيران هاجسه الوحيد، ولكنه لا يرى أن ما سيفعله سينقلب عليه ويزيله نهائيا من المنطقة.
على الفلسطيني الآن أن يختار، وأعتقد أنه اختار معسكره وصفه والانتخابات التي يريد الغرب جره إليها ما هي إلاّ حيلة لإعادته إلى مسار التفاوض العبثي وإقناعه بالحدود الدنيا من حقوقه المشروعة والشرعية في أرضه ووطنه.