الكتاب حياة…
مداني حديبي/
من أجمل العناوين وأحلاها وأعمقها وأروعها التي ستكون شعارا لصالون الكتاب القادم قريبا في شهر مارس، فيتناغم الربيع مع طاقات أزهار الكتب والمجلدات، فيغدو الكتاب ربيعا للقلوب والعقول والأرواح.
وحق للكتاب أن يكون كذلك..حياة ورواء.. وبلسما وشفاء.
وحدائق ذات بهجة وجماليات فياضة دفاقة.
الكتاب حياة:
لكأن من لا يقرأ فهو من جملة الأموات وكالأعمى الذي لا يبصر الطريق فهو متخبط تائه مضطرب.
ولقد تدفق ابن القيم في منزلة الحياة في منازل السائرين في مدارجه الماتعة وذكر مراتبها العشر السامقة.. منها مرتبة العلم والقراءة والبحث ومكابدة الكتاب..
قال: والحياة مراتب:
منها: حياة العلم من موت الجهل، فإنّ الجهل موت لأصحابه كما قيل: وفي الجهل قبل الموت موت لأهله، وأجسامهم قبل القبور قبور، وأرواحهم في وحشة من جسومهم، فليس لهم حتى النشور نشور.
فإن الجاهل ميت القلب والروح وإن كان حي البدن.. فجسده قبر يمشي على وجه الأرض:
{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}.
لهذا كان الشغف بالكتاب قمة اللذائذ الصافية ومتعة الحياة الحقيقية.. وقد كنا قديما حينما نجد كتابا جديدا فكأنما وقعنا على كنز فريد فلا يهدأ لنا بال ولا يقرّ لنا قرار حتى نشتريه أو نستعيره ونطالعه بلهفة وحب.
وقد كنت في صفاء الابتداء أجلس في مكان هادئ أطالع بعمق وذوبان إلى درجة الفناء بحيث أغيب عن العالم من حولي.. مبتهجا مقبلا سعيدا.. فإذا تعبت استرحت بالكتب الصغيرة ..ههه..
ولله الحمد والمنة فلا يزال الشغف بالكتاب عظيما قويا راسخا عميقا.. فقد ظهر جيل مثقف ذكي واع مقبل على المطالعة بشكل كبير والدليل ذلك الإقبال الشديد على معارض الكتاب المتتالية.. وقد نشرت منشورا فيسبوكيا وسألت فيه ما هو آخر كتاب طالعته؟.. فكانت الإجابة مدهشة.. عناوين كثيرة جديدة طالعها الشباب تدل على حبهم وهمتهم وحرصهم وشغفهم وتدل على أن نبض الحياة ما يزال متدفقا وأن الأمل القادم باسم مشرق.