من تنظــيــم الـمجلـــس الإســـلامـــي الأعلــى : ” الإســـلام والـمواطنـــــة فـي أوروبا” مـــوضــــوع نـــدوة دوليـــة

تغطية فاطمة طاهي/
نظم المجلس الإسلامي الأعلى ندوة دولية نصف افتراضية بعنوان: “الإسلام والمواطنة في أوروبا”، وذلك يوم الثلاثاء 11 رجب 1442هـ الموافق لـ 23 فبراير 2021م، بمشاركة علماء ومثقفين وباحثين في قضايا الإسلام في أوروبا من الجزائر ومن مختلف الدول العربية وممثلي الجاليات المسلمة في أوروبا، حيث ناقشوا واقع الإسلام والمسلمين في أوروبا، وكذا القيم العليا والمبادئ السامية التي أرساها الإسلام للتعايش بين الناس وذلك باختلاف توجهاتهم واختياراتهم.
وفي كلمة ألقاها الدكتور بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، أكد أن هدف الحوار والتعايش بين الناس هو التفاهم والاعتراف المتبادل من أجل العيش السليم وتحقيق الأهداف الإنسانية الكبرى، مشيرا أن هيئته تتناول قضية الجالية المسلمة في أوروبا خاصة في ظل التطورات والمستجدات الأخيرة التي جعلت هذه الجاليات مستهدفة من العديد من التيارات والأفكار.
كما أضاف أن المعاني الإنسانية تؤكد أن قبول الآخر والتعايش معه لا يجب أن تعترضه المعوقات المستجدة ولا الحسابات الايديولوجية التي يكون الإنسان مستهدفا من خلال دينه أو لونه أو جنسه أو انتمائه، كما أشار ذات المسؤول أن القوانين الجديدة التي ظهرت في بعض البلدان الأوروبية تميزت بالعنصرية والتضييق على الجاليات المسلمة بمبررات غير المنطقية، وهذا يستدعي توضيح حقيقة المبادئ التي تناقض القيم التي قامت عليها المجتمعات الأوروبية.
وتأسف من جهته الدكتور عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى في ألمانيا، عن تأخر الدول الإسلامية في الاهتمام بمثل هذه القضايا والمواضيع، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بمفهوم المواطنة والانتماء والهوية، كما تحدث الدكتور أنه لابد على المسلمين في أوروبا المشاركة المجتمعية والسياسية والإعلامية والنقابية في أوروبا من أجل تصحيح المسارات.
كما تحدث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، البروفيسور علي محي الدين القره داغي، عن فقه الميزان مشيرا أن للأقلية المسلمة ميزانها الخاص الذي يقتضي الالتزام بكل القوانين التي لا تتعارض مع الدين، مضيفا أن المواطنة في الإسلام أربعة أنواع: “الوطنية الإسلامية التي تجمع كل المسلمين، والوطنية القومية من خلال التعارف والتعاون والتضامن، والوطنية التي تتعلق بالعودة إلى البلد الأم والمتعلقة بالجوانب الفطرية مستدلا بشوق الرسول الكريم والصحابة إلى مكة المكرمة، إضافة إلى الوطنية القائمة من خلال الاستقرار في بلد آخر.
كما تحدث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن اتهام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للدين الإسلامي على أنه دين الانفصالية مشيرا إلى أن العديد من المؤرخين الفرنسيين قد انتقدوا مشروع ماكرون، بعدما أكدوا على أن أنماط المجتمع الإسلامي لا تحتوي على ما يهدد المجتمع الفرنسي، من جهة أخرى دعا ذات المتحدث المسلمين في الغرب إلى ضرورة تصحيح مسارهم من خلال التعامل الأخلاقي الإنساني، داعيا إلى توحيد الجهود مؤكدًا أنّ الإسلام هو الدين الوحيد في العالم الذي يضمّ نظاما للحياة باعتباره الوثيقة الوحيدة المحفوظة، كما دعا في نفس السياق إلى مواجهة الفكر بالفكر والتحديات بالبراهين والحجج، وذلك من خلال اللجوء إلى القوانين ومحاكم الإتحاد الأوروبي المعنية بالحقوق والحريات الدينية.
من جهته أشار الكاتب الصحفي المقيم بفرنسا سعدي بزيان، إلى اشكالية التقسيم بين الجاليات الإسلامية في الخارج وعدم اتحادها، قائلا: أصبحنا نتحدث في فرنسا عن مساجد جزائرية ومساجد مغربية، مشيرا في هذا الصدد إلى مصطلح “الإسلام الفرنسي” وحسبه أن فرنسا تسعى إلى إدارة الإسلام والمساجد في فرنسا من قبل أئمة علمانيين يحملون الجنسيات الفرنسية ويتعلمون في مدارسها.
هذا وقدم مصطفى بن يحي، طبيب وباحث من الدانمارك، بعض الإحصائيات والمتعلقة بنسبة المسلمين في الدانمارك قائلا: إنّه في عام 2020م بلغ عدد المسلمين في الدانمارك 256 ألف مسلم أي 4.4 من نسبة سكان الدانمارك، مشيرا إلى أن 85 بالمائة منهم سنيون، مضيفا أن 70 بالمائة لهم الجنسية الدانماركية، أما عدد المساجد قد بلغ 170 مسجدا، إضافة إلى 28 جمعية إسلامية مختلفة.
كما اعتبر الأستاذ محمد عيواز إمام سابق في باريس، أنّ مسألة اللائكية هي الإشكال الكبير الذي يواجه الجالية المسلمة، داعيا إلى ضرورة عرض عقيدة الإسلام عرضا حضاريا من أجل الحفاظ على القيم والهوية مشيرا في حديثه إلى واجب الإشهاد الحضاري.
ويضيف الدكتور موسى حسان، نائب المجلس السويدي للإفتاء، بأنّ وجود غير المسلمين إرادة كونية لا يمكن محوها، وبالتالي على غير المسلمين أن يفهموا أن المسلمين حقيقة واقعية، كما تحدث عن اليمين المتطرف الذي يتغذى من جذور النازية ويتغنى بالديمقراطية وحسب المتحدث للوصول إلى الرئاسة، مضيفا أن الجالية المسلمة جزء لا يتجزأ من هذه الأوطان الغربية وأنه لابد على الأقليات المسلمة أن تسعى وتشارك وتندمج اندماجا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، داعيا المسلمين إلى تقديم نموذج قائم على القيم الإنسانية والحوار وعلى قبول الآخر.
هذا وقد اقترح الدكتور بدر الدين زواقة في مداخلته إلى إعادة النظر في المفاهيم وحسبه أن المشكلة تكمن في هذا السياق، مقترحا مفهوم دار الشهادة بدل دار الإسلام ودار الكفر.
من جهته ذكر الدكتور عبد القادر بخوش، رئيس قسم العقيدة بجامعة قطر، وأستاذ سابق بجامعة قسنطينة، أن مسألة المواطنة من القضايا الجديدة المثارة في البحث الفكري، مشيرا إلى ضرورة إبراز الرصيد الإسلامي والتجربة الإسلامية في الغرب وفتح حوار بناء مع المنظمات الغربية.
هذا ودعا الدكتور مصطفى خياطي من جهته، هيئة المجلس الإسلامي الأعلى إلى إنشاء خلية دائمة لمناقشة مختلف المواضيع المتعلقة بالإسلام والمسلمين في أوروبا وذلك بالتنسيق مع الوزارة الخارجية، وإلى ضرورة الاهتمام وبذل مجهودات أكبر من أجل تدريس الإسلام بمفاهيمه الصحيحة لهذه الأجيال.