الجمــــارك وقــانــــون الــهـبــــات
أ د. عمار طالبي/
إن لجنة الإغاثة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وصلتها هبات مرتين من جمعية «جزائريون متضامون» الأولى تبلغ 1500 حقيبة للتنفس الاصطناعي للذين يعانون من ضيق التنفس في العناية المركزة، وهم على خطر كبير، والثانية بلغت 5200 حقيبة من النوع ذاته وشاركت كذلك هيئة الإعانة الإسلامية في فرنسا وهاتان الهيئتان أمدتهما الجالية الجزائرية في فرنسا بهذه الإغاثة المالية لشراء هذه الحقائب لإخوانهم المرضى في الجزائر بهذا الوباء الذي أصاب العالم كله، ونشكر لهم سعيهم من البر والتعاون، والإحسان، ومن هؤلاء طالب جامعي تبرع بخمسة أورو وهو محتاج إليها، كما جاءتنا سيدة طاعنة في السن بكيلو سكر، وقهوة، وطلبت منا أن نحملهما إلى إخواننا في غزة لما كنا نجمع التبرعات لغزة، وهذا له دلالة على أن المجتمع الجزائري يهب للنجدة إذا أصيب بعضهم بمحن، أو بلاء، وهي ظاهرة اجتماعية موروثة، لا تنقطع، بل إنها تشمل المغتربين في أوطان أخرى بعيدة أو قريبة، وهذا كان واقعا واضحا أثناء الثورة إذ كان الجزائريون من الجاليات المهاجرة يشتركون شهريا بدفع ما أمكن لهم من المال.
وهذه المرة أريد أن أشير إلى الصعوبات التي تلقيناها من قانون الجمارك المتعلق بالضرائب، والرسوم، استقبلنا المدير المسؤول عن الضرائب والتحصيل، وشرحنا له الوضع، بأن هذا الوباء كارثة، والقانون يمكن استثناؤه في مثل هذه الكوارث، وفي الشريعة الإسلامية الضرورات تبيح المحظورات، فهل يمكن استثناء هذه الهبة التي وردت إلينا من إخواننا في الخارج، وهي لا يقصد بها التجارة بل هي إغاثة، ونجدة لهؤلاء الذين يعانون المرض الخطير مثل الذي يوشك أن يغرق في البحر، فهل ننتظر القانون كي ننقذه؟
ولكن السيد المدير أصرّ على ذلك، وأنه ليس مشرعا، بل هو مطالب بتنفيذ القانون، ولا مجال للاستثناء، وليس له صلاحية في هذا الأمر.
ثم حصلنا على وثيقة تنص على إعفاء الهبات «البضائع المستوردة في إطار الهبات المعفاة من الحقوق والرسوم» المادة 109 المتعلقة بالتضامن ومقدار الرسوم فيها 2%.
وهذا عدّل في الفقرة 113 من قانون المالية لسنة 2021 الذي عدل المادة 109 في مسألة استيراد البضائع (انظر المادة 113/F 2021) واستثنى ما يتعلق بالتضامن الذي يستهلك في الجزائر كما هو منصوص عليه في هذه الوثيقة.
مع أن هذا القانون يستثني الشركات الأجنبية المعتمدة في الجزائر، فهل هذا منطقي؟ وربما يقال إن هذا كان على أساس المعاملة بالمثل. ولقد أرسلنا إلى السيد المدير العام للجمارك رسالة في هذه المسألة مرفقة بالوثيقة التي أشرنا إليها، ولحد الآن لم نتلق أية إجابة.
وقد طلبنا من معالي وزير الصحة والإسكان وإصلاح المستشفيات أن يخاطب زميله وزير المالية لعلنا نجد حلا استثنائيا، فإن الجمعية ليس لها ما يكفي من المال لسداد هذه المبالغ وغيرها من الرسوم، مع أن جمعيتنا يمكن أن تدخل في إطار الجمعيات ذات المنفعة العامة التي يعفيها القانون من هذه الضرائب، ولعلنا نحصل على هذا فتعتمد جمعيتنا ضمن ما أشرنا إليه، فإن لجنة الإغاثة تبذل جهودا معتبرة في الداخل والخارج في غزة، وفي بنغلاديش متطوعين في سبيل الله لإخواننا الروهنيقيا المطاردين الذين يعانون من مظالم بورما ومن جيشها الانقلابي الذي يقتل المسلمين ويحرق قراهم وأطفالهم.
نسأل الله العافية.