المرأة و الأسرة

ليتني كنــــت رجـــــلا

د.حنان لاشين أم البنين

ليتني كنت رجلا
حتى أركض وماء الوضوء لا يزال على جبهتي والهواء البارد يصافح عنقي فأتوجه إلى القبلة وأرفع صوتي وأؤذن
الله أكبر
الله …. كم هو جميل
ليتني كنت رجلا حتى أسير مبكرا خمس مرات إلى المسجد القريب من بيتي والذي أراه من نافذة مطبخي، فتكون كل خطوة من خطواتي بحسنة وتمحى عني سيئة وأهرول وقلبي يدق، فأفوز بمكان خلف الإمام بالصف الأول وأمط شفتاي وأنا أقول (آمين) فأدندن مع الملائكة وأنال الرحمة..
ليتني
ليتني كنت رجلا حتى تنتظرني زوجة طيبة كل يوم أختارها بإرادتي جميلة أحبها، وتكون عصمتها في يدي وتكون ملك يميني فتطيعني تعد لي الطعام … وتغسل ملابسي… وتهتم بشئون مملكتي… وتهيء لي الهدوء في البيت لأنام بعد عمل طويل، ثم أستيقظ على أدخنة كوب الشاي الساخن، فأرشف منه رشفات سريعة باستمتاع وأنا أشاهد التلفاز وهي تجلس بجواري … ألست ملكا..
ليتني كنت رجلا شابا عفيفا .. تقيا أغض بصري وأحفظ جوارحي وتظهر الهداية على قسمات وجهي
أسير في الطريق ويحبني أهل الأرض وأصافح الجميع
وأنام قرير العين لأن هناك حور عين تتزينّ لي
وما أحلاهن من حور عين
ليتني كنت رجلا حتى أستطيع أن أتوضأ بسهولة ويسر في أي مكان .. فلن أخلع حجابا ولن أكشف شعرا لأنني رجل… كم هو سهل عليّ إن كنت رجلا..
ليتني كنت رجلا حتى أركض على الشاطيء وأضحك ببنطالي الذي سأشمره … وأقهقه ولا يلومني أحد فأقفز في ماء البحر وأسبح وأستمتع … ما أروع إجازة الصيف… إن كنت رجلا
ليتني كنت رجلا يناديني الصغار(بابا) ولي حق عليهم رغم أنني لم أحملهم تسعة أشهر… ولم أرضعهم… ولم أغير لهم الحفاظات ولم أستيقظ من النوم في ليلة باردة لأحتضنهم وأحملهم
ليتني كنت رجلا لأمارس كل أنواع الرياضة التي أحبها وأمتطي جوادا أبيض وأنطلق وأسافر هنا وهناك..
ليتني كنت رجلا حتى لا يسخر مني أحد ويخبرني دائما أنني ناقصة عقل ودين وأن أكثر أهل النار من جنسي..
ليتني كنت رجلا حتى أفتخر أن الأنبياء والرسل
رجال… وأنه لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة..
ولكن، لا أريد أن أكون رجلا لا يعرف كل هذه النعم
وربما….
ربما لو كنت رجلا كنت سأظلم زوجتي وأهددها من آن لآخر بأنني سأتزوج عليها..
ربما لو كنت رجلا سأنام وأجلس أمام التلفاز والحاسوب بالساعات ولا أصلي بالمسجد..
ربما لو كنت رجلا كنت سأفتن بالنساء فأعكر عيني وأفسد قلبي فأغفل وأهلك..
ربما لو كنت رجلا كنت سأكون أبا لا وجود له أو شابا تافها ضائعا لا هدف له.. أو رجلا خفيا رغم أنه موجود..
الحمد لله
الحمد لله أنني امرأة
اللهم لك الحمد
أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل كل هذا
لا زلت أشتاق للمسجد
لا زلت أتمنى أن أؤذن
لا زالت نفسي تشتاق للفوز بالصف الأول في جماعة خلف الأمام لأمط شفتي وأنا أقول خلفه(آمين) فيوافق تأميني صوت الملائكة فتغمرني الرحمة..اللهم لك الحمد.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com