-نساء خالــــــــدات- أسماء بنت أبي بكر الصديــــق
بقلم أم محمد عياطي/
ذات النطاقين شاء الله سبحانه وتعالى أن تشتهر أسماء بنت أبي بكر الصديق بهذا الاسم، وتلقب بهذا اللقب وما ذلك إلا شرف توجت به وتكريم حازته، لكن لما يا ترى توسمت بهكذا وسام وارتقت لهذه المنزلة..!؟
وإذا تعقبنا خطى أسماء في دنيا النبوة وجدنا الجواب حاضرا والأثر واضحا جليا لسبب هذه التسمية …
ولا يخفى على متتبع أحداث هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم دور أسماء البطولي في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وأبيها أبي بكر الصديق وهما في غار حراء وكيف كتمت أمرهما عن مشركي مكة، وقامت بما يحتاجانه من مؤونة.
وقد حكت أسماء قصتها فقالت: «صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ، حِينَ أرَادَ أنْ يُهَاجِرَ إلى المَدِينَةِ، قالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، ولَا لِسِقَائِهِ ما نَرْبِطُهُما به، فَقُلتُ لأبِي بَكْرٍ: واللَّهِ ما أجِدُ شيئًا أرْبِطُ به إلَّا نِطَاقِي، قالَ: فَشُقِّيهِ باثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ: بوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذلكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ»[صحيح البخاري].
وقد تحلت أسماء بأسمى المكارم وأبهى الخلال وما قصة تسميتها تلك إلا سطوع نجمها في سجل العظمة والعنفوان وإلا كيف لامرأة فتية تكابد ما كابدته من مشقة حسية ونفسية في خدمة الرسالة المحمدية حتى أنها هاجرت للمدينة وهي حامل بابنها عبد الله …. فكان أول مولود ولد في المدينة بعد الهجرة حنكه الرسول صلى الله عليه وسلم وفرح به المسلمون آنذاك أيما فرح.
وعاشت أسماء مع زوجها الزبير بن العوام حياة شظف وتقتير حيث ساست الفرس وخدمت البيت ومع ذلك كانت سخية كريمة النفس، قال فيها ابنها عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه: «ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء رضي الله عنهما؛ وجودهما مختلف: أما عائشة، فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء، فكانت لا تدخر شيئا لغد».
وبالإضافة لذلك كانت أسماء عالمة ذكية تسمع حديث رسول الله ثم تعلمه غيرها .
فروت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة. قال النووي رحمه الله : «رُويَ لأسماء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وخمسون حديثًا».
وعاهدت في حياتها أحداثا جساما كمقتل ابنها عبد الله ورغم كبر سنها حينها وشيخوختها إلا أنها ظلت صابرة ثابتة ومحتسبة إلى أن وافتها المنية بعد ذلك بمدة يسيرة فرحمة الله على الصحابية الجليلة بنت الصديق ورضي عنها وأرضاها.