جمعيـــة العلمـــــاء تبــعــث النشـــاط الثقافـــي مجــددا من ولاية ميلـــة/ ملتـقى الشيـخ مبارك الميلي في طبعة جديدة

أ. حسن خليفة /
في سابقة لعلها الأولى، على مستوى الوطن، في تنظيم نشاط علمي/ ثقافي في شكل ندوة (ملتقى مصغر) في مكان عام بعد أن ابتليت الأمة بفيروس كورونا نظمت شعبة ولاية ميلة، بالتعاون مع مديرية الشؤون الدينية والأوقاف ملتقى الشيخ مبارك الميلي السنـوي في مناسبة ذكرى وفاته السادسة والسبعين (76) في قاعة المحاضرات الكبرى بدار الثقافة التي تحمل اسم العلامة مبارك الميلي نفسه، وسط مدينة ميلة.
تضمن البرنامج أربع محاضرات، وكلمات ترحيبية ألقاها كل من مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالجمعيات الدينية الأستاذ عيسى بلخضر، والسيد والي ولاية ميلة ونائب مدير الشؤون الدينية والأوقاف ورئيس شعبة ميلة الأستاذ حمو لرقش.
وأما المحاضرات فقد كانت كما يلي:
ـ الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسـوم: العقيدة والوطنية دعامتا الإصلاح عند الشيخ مبارك الميلي .
ـ الأستاذ الدكتور مولود عويمر: المؤرخ والإيمان في تصور الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ عبد العزيز شلي: التربية الروحية وأثرها في العلاقة بالآخر لدى الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ نورالدين رزيق: الإصلاح العقدي وتأصيل التاريخ عند الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ نورالدين بوعروج: استراتيجية الشيخ مبارك الميلي في التربية والتعليم.
وقد كان الملتقى محطة مهمة في الإعلان عن انطلاق نشاط الفعاليات الثقافية والعلمية لجمعية العلماء التي توقّفت خلال الأشهر العشرة الماضية، بسبب مرض كورونا.
وكان الحضور نوعيا، من الرجال والنساء الذين قدموا للاستماع للمحاضرات ومناقشتها كما هي العادة في الأنشطة الثقافية الندوات والملتقيات.
كشف الملتقى عن فكرة مركزية وهي الحاجة إلى معرفة المزيد عن أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وجهودهم في المجالات المختلفة، وهم يصنعون غد الجزائرويرسمون مستقبلها في ظلال مباديء الإسلام العظيم، في ظروف صعبة ومعقّدة للغاية، لكن وضوح الرؤية لدى هؤلاء الرجال الماهدين الروّاد، جعلهم يستصعبون كل سهل، ويقدمون كل غال ونفيس من أجل تحقيق أهدافهم العظيمة عظمة الإسلام وعظمة الهدف الذي جاهدوا من أجله وهو استقلال الجزائراستقلالا تاما كاملا عن العدوّ الفرنسي الظالم.
وأكثر ما يشدّ الدارس والمهتم، في ذلك الجهاد المنتظم الصابر المتواصل المتعدد الجبهات الذي قام به علماء الجزائرفي تلك الفترة العصيبة الطويلة، كما كشف عنه المحاضرون الأفاضل ..هو تركيزه على مجال العقيدة/ والإيمان الذي كان «محور» العمل ومحرّكه، وذلك ما يتيح لنا أن نفهم إصداركتاب الشرك ومظاهره للشيخ العلامة مبارك الميلي،
«إن كنت باحثا عن علل انحطاط الأمم فلن تجد َ كالشّرك أدلّ على ظُلمة القلوب وسفَه الأحلام وفساد الأخلاق،ولن تجد كهذه النقائص أضرّ با لاتحاد وأدرّ للفوضى وأذلّ للشعوب، وإن كنتَ باحثا عن أسباب الرقيّ فلن تجد كالتوحيد أطهرُ للقلوب وأرشدُ للعقول وأقومُ للأخلاق، ولن تجدَ كهذه الأسس أحفظ َ للحياة للحياة وأضمن للسيادة وأقوى على حمل منارالمدنية الطاهرة»
(رسالة الشرك ـ ص 90). ومن يدرُس رسالة الشرك سيجد الكثيرمما يستوجبُ المعرفة والإلمام والتشرّبَ؛ لأن ذلك من صميم الدين الذي قام على التوحيد الصافي. ويكفي أن الكتاب وجد قبولا كثيرا لدى مجتمعات إسلامية وعربية عدّة، فدُرّس في حلق علمية، وألقيت المحاضرات وأقيمت الندوات بشأنه، كما طُبع عشرات الطبعات في كثير من البلدان العربية والإسلامية.وليس ذلك إلا لأن الكتاب مسّ لُبّ وأساس الإسلام ومنطلق الدين وهو الإيمان والتوحيد. وقد دعا بعض المحاضرين إلى الاهتمام من جديد بالكتاب وتدريسه والعناية به.
كما دعوا أيضا إلى تنزيل الأخلاق والقيم والعقيدة في المنظومات المدرسية والتربوية، إلى جانب التاريخ الذي هو ترجمة لحياة الأمم والشعوب.
ومهما يكن من أمر فإنّ هذا الملتقى كان انطلاقة رائعة في المجالين العلمي والثقافي أطلق إشارة على وجوب استئناف الحياة المجتمعية، مع الحذرالواجب طبعا، وقد طُبقت في الملتقى اجراءات التباعد والاحتراز.
ثمة الكثير من القضايا الهامة والمركزية التي أثيرت في الملتقى، في المحاضرات والنقاش الذي أعقبها كـ:
ـ الحيرة العقدية التي تشمل الأجيال الحاضرة بصفة عامة؛ ودور الجمعية والمؤسسات المجتمعية والعلمية والنخب في مدافعتها وتبديدها، وهي أخطر معركة.
ـ استراتيجية التغيير ومنهجه الذي اعتمدته الجمعية في مسارها الثقافي والديني والوطني.
ـ النموذج القيادي الذي قدّمه علماء الجمعية بشكل خاص؛ حيث كانوا علماء عاملين وقادة مخلصين لدينهم ووطنهم؛ وحققوا ما يسّره الله لهم.
ـ مشكلة التربية والتعليم والاستراتيجية المطلوبة في هذا المجال، ومقارنة المنهاج العلمائي بالمناهج الحالية، وما حقّقه المنهاج الأول بصيّغه ومحاوره وموادّه وطرائق تدريسه وتعليمه والعمل على تقييم كل ذلك، مقارنة بالمناهج الحالية (في العقود الأخيرة).
ـ الموقف من الآخر واستعراض أطروحات علماء الجمعية في هذا الأمر،وتنزيله على أرض الواقع وترسيخ القيّم الإسلامية الإيمانية في هذا الشأن لدى مختلف فئات المجتمع، وخاصة العاملين في حقل التربية والتزكية والدعوة الى الله.
ـ دور الجمعية في عديد الميادين وبالأخص منها الميدان العقدي ،ومواجهة التحديات المختلفة المطروحة في هذا الحقل من مختلف الاتجاهات.
ـ مدارسة مسألة «تكوين العلماء» من أمثال الشيخ مبارك وصحبه من زملاء ابن باديس وتلاميذه :تكوينا، وتأصيلا، وعملا ميدانيا.
شكــــرًا لـميلـــــــــــــــة |
لو لم يكن من إيجاب في ملتقى الشيخ العلامة مبارك الميلي، (الذي جرت وقائعه الخميس 11 فيفري/ فبراير)…سوى إطلاق «إشارة» انطلاق الفعاليات الثقافية بشكل مباشروميداني، والتي تُعدّ الجمعية المبادر الأول إليها من خلال هذا الملتقى، بالتعاون طبعا مع الشركاء في الميدان، لكان ذلك كافيا.
أما والملتقى اشتمل على محاضرات علمية قيّمة، فذلك أدعى للتشـجيع والتحفيز، وقد كانت المحاضرات كما يلي:
ـ الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسـوم: العقيدة والوطنية دعامتا الإصلاح عند الشيخ مبارك الميلي .
ـ الأستاذ الدكتور مولود عويم: المؤرخ والإيمان في تصور الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ عبد العزيز شلي: التربية الروحية وأثرها في العلاقة بالآخر لدى الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ نورالدين رزيق: الإصلاح العقدي وتأصيل التاريخ عند الشيخ مبارك الميلي.
ـ الأستاذ نورالدين بوعروج: استراتيجية الشيخ مبارك الميلي في التربية والتعليم.
كان الملتقى محطة مهمة في الإعلان عن انطلاق نشاط الفعاليات الثقافية والعلمية لجمعية العلماء التي توقّفت خلال الأشهر العشرة الماضية، بسبب وباء كورونا.
وكان الحضور نوعيا، من الرجال والنساء الذين واللائي قدموا للاستماع للمحاضرات ومناقشتها كما هي العادة في الأنشطة الثقافية الندوات والملتقيات.
ثمة نقطة سلبية يجب ذكرها بوضوح، لعلّها تُتلافى مستقبلا: التأخر في انطلاق الأشغال بنحو ساعة أو أكثر، وهو ما أثّر على الوقت المخصوص للمحاضرين،وانعكس عليهم إسراعا وعجلة وارتباكا..
المرجوّ أن يكون الهدف الأول في الملتقيات هدفا علميا ـ معرفيا، وما المانع في حضور المسؤولين شطرا من أشغال الملتقى للاستماع والتفاعل والتعاون على رسم خريطة الطريق للمجتمع الذي لن يقوده ـحقيقـة ـ إلا العلم..والإيمان.
مجتمعنا زاخر بالطاقات الإيجابيات والكفاءات العلمية، وينبغي أن نرتقي إلى مستوى «الأداء العالي» في إنجاز كل ما يتعلق بالملتقيات والندوات العلمية . والله المستعان .
ح.خ.