رفـــــع الـمـــــــلام عن الإسلاميــــــين
عبد العزيز كحيل/
الاسلاميون هم انصار المشروع الإسلامي، دعاة، مصلحون، سياسيون، علماء، شرائح اجتماعية متعددة مرجعيتها القرآن والسنة والإسلام كنظام شامل متكامل للحياة، تنتظمهم أحزاب وجمعيات ومنظمات مختلفة وجهود فردية في البلاد العربية من المحيط إلى الخليج… اكتسبوا مواقع مرموقة في العمق الشعبي بفضل الصحوة الإسلامية المباركة والثورات الشعبية العربية ضد الأنظمة الاستبدادية، لكن الثورة المضادة ومراكز الغزو الفكري المسيطرة على وسائل التوجيه عملت على تجريمهم فكرا وانتماء وأشخاصا، وركزت على ذلك تركيزا قويا أدى إلى التضييق على النشاط الإسلامي بمختلف أشكاله كما أدت – خاصة – إلى إلقاء ظلال الريبة على المشروع الإسلامي وأنصاره وربطهم بالإرهاب في مسعى واضح الأبعاد هو تجفيف منابع التديّن بواسطة استبعاد المشروع البديل وتقزيمه في الأذهان وتشويه صورته عند الرأي العام الإسلامي والعالمي.
الحقيقة ماثلة أمام الجميع: الإسلاميون أصبحوا يواجهون وحدهم التحديات في عالمنا العربي، تحديات حلف شيطاني هو تحالف الاستبداد والرذيلة والنفاق والمال الفاسد ورؤوس الحداثة الكافرة والإلحاد والفن الساقط بمباركة بعض «رجال الدين» المرتزقة…هذا التحالف يحارب الإسلام والنخوة العربية والعزة الإسلامية و الهوية والرقي والأخلاق الرفيعة والفضيلة والغيرة على الأوطان والحرمات.
والذي يجري في الساحة العربية يتجاوز حماقات بعض الأنظمة الدكتاتورية، ذلك أن الإسلاميين – وعلى رأسهم جماعة الإخوان – يواجهون مؤامرة كونيّة عليهم باعتبارهم النموذج الحامل للمعنى الحضاري للإسلام الذي لا يرتاح له لا الغرب ولا الشرق،وما كان الطغاة ليجرؤوا على فعلتهم الشنيعة في محاربتهم لولا الضوء الأخضر الذي أُعطي لهم من القوى الإمبرياليّة المتآمرة على أمّة الإسلام، والتي ترى في الإسلاميين – والإخوان خاصة – النموذج العصيّ على الترويض، والذي واجه الصهيونيّة وأبلى بلاء أسطوريا في مقارعتها لولا الخيانة التي اتّسعت خارطتها منذ ذاك التاريخ إلى يومنا هذا..وهم وحدهم اليوم في العالم كلٌه من يدافعون عن الإسلام و الوطن و الحرية والكرامة، ولهذا لا يبغضهم إلا طاغية متجبر أو جاهل بيّن الجهل أو خائن لدينه وأمته.
ومن المضحكات أن الخصوم جمعوا من حيث لا يشعرون كل المكارم في الإسلاميين: فمن تكلم عن الحرية فهو إخوان، عن الكرامة إخوان، عن المعتقلين إخوان، عن رفض الاستبداد إخوان، عن فلسطين وسورية وليبيا واليمن إخوان…وهذا شرف كبير للإسلاميين يشهد لهم به أعداؤهم، والاسلاميون ليسوا داعش بل هذه صنيعة غربية مخابرتية لتشويههم، فقد كانت الأخبار تذيع يوميا أنباء القبض على دكتور إخواني، مهندس إخواني، طبيب إخواني، رئيس جمعية خيرية إخواني، ولم تذكر يوما القبض على بلطجي إخواني ولا مختلس أموال دولة إخواني ولا صاحب كباريه إخواني ولا متهم في قضية آداب…أرأيتم الحقيقة؟
إنها الحرب على دين الله بما فيه من طهر وفضيلة واستقامة و حرية وشورى ومساواة وسعادة للبشرية، لذلك وُجهت أدواتها القمعية لأصحاب الاعتدال وليس التشدد، ولأصحاب الوسطية وليس التطرف…إنهم لا يخافون فقط المنازلة السياسية التي يفوز فيها الإسلاميون دائما بل يخافون تربية الفرد والأسرة والمجتمع، يخافون العمل الهادئ الهادف الهادي بسبب طول نفَسه ونتائجه المؤكدة، يخافون انتشار الإسلاميين في العمق الشعبي وحضورهم القوي في العمل الخيري الإنساني الجواري الذي لا ينقطع طوال السنة، وفي مقدمة ما ينقمه الخصوم عليهم أنهم اصحاب إصلاح رباني لا ترقيع مؤقت، يشمل منهجهم في آن واحد الجهاد و التربيه و مكافحة الفساد…لهذا هي حرب على الاسلام بقيادة عربية متصهينة، يهودية، امريكية، روسية وحتى فارسية كما يشهد الواقع هنا وهناك وهنالك، يبررها بعض تجار الدين وفقهاء المخابرات الذين يدجلون ويدلسون على الناس بأحاديث مبتورة عن سياقها لتأييد الاستبداد والاحتلال والتفسخ المجتمعي.
الإسلاميون بشر لكنهم من خير البشر، الاصطفاف معهم فيه خدمة للأمة وللمشروع الإسلامي، اما الانسياق خلف انتقادهم والتنقيب عن اخطائهم الحقيقية او المختلقة، والتشهير بهم فهو اصطفاف مع الطغاة وأعداء الحرية والشخصية الذاتية والاصلاح والتغيير، وحسن الظن بهم مقدم في هذه المرحلة فقد أصابهم من الظلم ما يكفيهم، والالتفاف حولهم عين الصواب – مع دوام التبصير والتصحيح – والدعاء لهم بالنصر أضعف الإيمان، فهم الحصن الخير الذي يحمي الأمة من السقوط.