ثاني أطروحـــــــــة جامعيـــــــــة حول جمعيـــــــــــــة العلمـــــاء تصــــــــدر فــــي كتـــــاب ببـــــاريــس/ الإشعــــــاع الباديسي في الدراســــــات الفرانكفونيــــــــة في باريس
باريس/سعدي بزيان/
ها هو الإشعاع الباديسي يسطع خارج الجزائر ليصل نوره إلى المشرق العربي فيهتم به مثقفون عرب في المشرق العربي، ضمن هؤلاء المرحوم درحمون قاسم الذي صدر كتابا عن ابن باديس يقول أن ابن باديس الزعيم الروحي للثورة الجزائرية، ود أحمد الخطيب يعدّ رسالة ماجستير قسم التاريخ بالجامعة اللبنانية في بيروت 1980م بعنوان: جمعية العلماء المسلمين وأثرها الإصلاحي في الجزائر وصدرت هذه الرسالة في كتاب بنفس العنوان سنة 1985م ولعل من اهتم بجمعية العلماء بفعالية في السنوات الأخيرة هو د. مازن صلاح حامد مطبقاني وهو باحث سعودي، وقد اختار بحثه لرسالة ماجستير «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية 1931م – 1939م» وقدم له المرحوم د- أبو القاسم سعد الله.
ونرى سعد الله وهو يقدم لهذا الكتاب يثني عليه ويقول عنه «إن قيام أحد أساتذة العرب بدراسة جمعية العلماء ودورها في الجزائر فيه أكثر من مغزى، وفي مقدمة ذلك إحساس الكثير من العرب والمسلمين بأن ما قامت به الجمعية إنما كان يخدم الأهداف البعيدة للحضارة العربية الاسلامية التي يعملون من أجلها الآن وغدا وأن أثرها لم يكن قاصرا على الجزائر وحدها، وها هي الدراسات حول الجمعية تتسع في الشرقين العربي والإسلامي وفي الجامعات الأوروبية والأمريكية، وفعلا لم يعد الاهتمام بجمعية العلماء ودورها في الحركة الوطنية والإصلاح مقتصرا على الجزائر وحدها، ولعل المرحوم الدكتور علي مرّاد كان سباقا في الاهتمام بالحركة الإصلاحية في الجزائر، واتخذ من الإصلاح الإسلامي في الجزائر بحثا لرسالته الجامعية باللغة الفرنسية بعنوان
Le Réformisme musulman en
Algerie 1925-1940
وقد ترجمت هذه الأطروحة في الجزائر إلى اللغة العربية وتولت منشورات «دار الحكمة» للأستاذ أحمد ماضي إصدار الطبعتين في الجزائر، وقد لاحظت مؤخرا أن المؤرخين الفرنسيين أخذوا يهتمون بل ويعترفون بالدور الطلائعي لابن باديس حتى أن أسطورة الأمير عبد القادر ومصالي الحاج وبن باديس هم الرواد الأوائل للوطنية الجزائرية، وأما علي مرّاد فقال: على الجزائر أن تفتخر بالأمير عبد القادر وبن باديس كـأمجاد للوطنية الجزائرية، ونشرت هذه الأطروحة في كتاب، وصدر في سنة 1967م، واعتبرت حينئذ المرجع الأساسي حول جمعية العلماء باللغة الفرنسية، علما بأن هذه الأطروحة تتوقف عند وفاة ابن باديس 1940م، في حين جمعية العلماء واصلت مسيرتها بقيادة الإبراهيمي إلى غاية رحيله إلى المشرق العربي سنة 1952، ليتسلم المشعل الشهيد الشيخ العربي التبسي إلى أن توقفت سنة 1956م، وبعد الاستقلال وقع الحجر على جمعية العلماء في ظل حكم الحزب الواحد والفكر الواحد والقائد الواحد، وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي بعثت جمعية العلماء من جديد في ظل التعددية الحزبية، وظهرت عدة أطروحات وطنية حول جمعية العلماء في الجزائر وأبرز هذه الرسائل رسالة الدكتور عبد الكريم بو الصفصاف «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في تطور الحركة الوطنية الجزائرية». ورسالة محمد القورصو «تأسيس ونشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عمالة وهران 1931م-1935م» بجامعة وهران عام 1977م.
فكر بن باديس وجمعية العلماء
في اهتمامات الجيل الجديد في باريس
شهدت إحدى الجامعات الباريسية تقديم رسالة دكتوراه في التاريخ حول جمعية العلماء في الشرق الجزائري تقدم بها الطالب والباحث في التاريخ نجيب عاشور وهو جزائري الأصل من أبوين جزائريين ولد في باريس وتعلم في المدارس الفرنسية، الأم كانت معلمة في الجزائر وتتقن اللغة العربية ورغم أن الدكتور نجيب عاشور لم يكن يعرف اللغة العربية ولكن مع ذلك يحن كثيرا إلى فكر بن باديس وعندما علم أنني درست في معهد ابن باديس بقسنطينة وقمت بالتدرس في معهد بن باديس بعد الاستقلال ربط معي علاقات وطيدة، وأخذ يتعلم اللغة العربية، وزار الجزائر عدة مرات وزرنا سويا الدكتور سعد الله ومحمد الصالح رمضان وشيبان والدكتور عمار طالبي، وطرح عليهم عدة أسئلة حول ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين وجمع معلومات من الجزائر وتوجه إلى اكس آن بروفانس حيث ينام «الأرشيف» الذي سرقه الفرنسيون وفيه معلومات قيمة، وقد توج نشاط نجيب عاشور بحصوله على شهادة دكتوراه، وكان المشرف عمر كارلي، وهو حاليا أستاذ مادة التاريخ في أحد المعاهد الفرنسية بضواحي باريس، وكانت المفاجأة، وهي أن باحثة شابة فرنسية تختار موضوع رسالتها الجامعية، جمعية العلماء وأطروحتها تزيد عن 800 صفحة وأصدرتها مؤخرا في باريس في كتاب.
وعنوان الأطروحة باللغة الفرنسية:
ASSOCIATION DES OULEMAS
MUSULMANS ALGERIENS:
LA CONSTRUCTION DE L’ETAT
ALGERIEN INDEPENDANT 1931- 1991
وبالعربية «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وبناء الدولة الجزائرية المستقلة «1931 – 1991» وتدعى صاحبة هذه الأطروحة شارلوت كورير CHARLOT COURRIER
وقد شاركنا سويا في إحياء يوم العلم 16 أفريل ذكرى وفاة بن باديس في المركز الثقافي الجزائري بباريس، وقدمت مداخلتها بالفرنسية في حين قدمت مداخلتي باللغة العربية، ودافعت عن جمعية العلماء ضد أولئك الذين أرادوا احتكار الوطنية لهم، وإبقاء جمعية العلماء بالأدلة والبراهين، ونالت الأمسية استحسان الحاضرين، وذلك بحضور مدير المركز الثقافي شخصيا، وهو الدكتور إبراهيم حاصي، ولعل للمرة الثالثة تستعمل اللغة العربية في محاضرات المركز بعد محاضرات كل من المرحومين الدكتور أبو القاسم سعد الله وبشير خلدون رحمهما الله معا.