تربيــــة الأبنـــــاء على الصــــــــــــدق
أ. آمنة فداني/
الصدق هو اعتقاد الحق ومطابقة ما تقول للواقع، مجالاته كثيرة؛ الصدق مع الله، مع الناس، مع النفس، فالمربون الذين يريدون البناء على الأسس السليمة يجب عليهم تقريب كل ما يثبت هذه الفضيلة، فهي بمثابة الجسر الموصل إلى الحياة المثلى، فعلى الأولياء تحمل الأمانة بصدق والتثبت في كل ما يغرس في الأبناء من شمائل، يمكن للتربية لعب دور من خلال تنشئتهم على التوازن بين حقوقهم وواجباتهم في سائل مراحل نموهم والأخذ بأيديهم البريئة إلى الطريق الصحيح وإعدادهم لخوض معركة الحياة.
البيت هو أساس التنشئة الاجتماعية الأولى، حيث ينمو الطفل ويتطور تدريجيا أخذا في التمييز والتخصيص والتنوع، فالصدق وغيره من الخصال الأخرى سلوك يكتسبه الطفل من الأبوين، فإذا حضنته في البيت جيدا تضمنه في المدرسة وخارج البيت مع الأصدقاء وكذا الزيارات العائلية، لذا عليك أن تعي دورك المنوط بك من خلال تفحص كل ما تقوم به من أفعال وأقوال، قد يكون الأبناء ضحية تصرفات تربوية غير صائبة، ما يؤدي إلى نتيجة عكسية، الصدق هو أحد ركائز البناء الثقافي السليم وأرقى مراتب الأخلاق . قال عبد الملك بن مروان حرصا على تربية ابنائه تربية إسلامية خالصة لمعلم أولاده ((علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن)) مجلة القبس أفريل 1966، إنه التزام بأخلاق هذه الأمة في المتابعة والتوجيه بما يطلبه كتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا الشريفة للتحلي بالقيم الأخلاقية الراقية، حتى يتطلع المربون لما لهذا الخلق من رفعة في إظهار معالم طريق التربية الرشيدة القائمة على الصدق والفهم وإبراز قيمة المعنى لجيل يميز بين هذا وذاك.
للعلم إنه قد تختلف التوجيهات بحسب السن، لكن عموما فهي قيمة رفيعة يجب تثبيتها حسب كل المراحل العمرية من خلال إنشاء بيئة خالية من آفة الكذب، مع تجنب المواقف التي تشجع على عدم الصدق ولو مزاحا، فهذا يسيء لصاحبه ويهز من صورته أمام الآخرين قال تعالى:{….فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم }[محمد آية 21].
فاغرس في الأبناء الصراحة والصدق والبعد عن الغموض والالتواء وتدارك الوضع وعالجه من خلال ما يلي:
1/ دوافع الكذب: كثيرة ومتنوعة نذكر منها البعض.
ا/ كثرة القمع ليحصل الطفل على العطف، والافلات من العقاب.
ب/ جلب الانتباه خوفا من فقدانه امتياز لا يحصل عليه.
ج/ الكذب نتيجة خوفه من ألا يحصل على درجات عالية ترضي الأولياء.
د/ تحميل الطفل فوق جهده تجبره على اتخاذ الكذب كوسيلة ويتخذه جزءا من حياته.
2 / القدوة: الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عن طريق القدوة .
ا / الالتزام بالوعود، حيث تفي بما تعد به الأبناء وإذا لم تستطع اعطي مبررا مشروعا، فالتبرير غير الصادق لا يبرر لك ما تريد .
ب/ العدل بين الأبناء في المعاملة من خلال تجديد الثقة بينك وبين أبنائك، من حكم الإمام سيدنا علي رضي الله عنه (( الصدق أخو العدل )).
ج/ تشخيص الصفة الذميمة وتحويلها إلى حميدة من خلال معالجة الكذب بخصلة الصدق .
د/ مخالفة ما تأمر به، وذلك من خلال قولك لأحد أبنائك قل للسائل عني أنني غير موجود وأنت في البيت، هذه الظاهرة تضعك أمامهم غير صادق.
3/ التشجيع وثمراته: الأبناء لن يفلحوا إذا ترعرعوا في أحضان ضغوطات أسرية هشة.
ا/ زرع الطمأنينة وإشاعة جو من الثقة في الأسرة تساعد الأبناء على تصحيح أخطائهم من خلال وسائل التربية المشروعة، مناقشة إشارة، ملاحظة، معاملة، أسوة، قصة.
ب/ طمئن الطفل إذا اعترف بالحقيقة بتخصيص مكافئة له جراء ذلك.
ج/ الابتعاد عن الأسلوب البذيء في التربية وعدم التشتيت بالأساليب السلبية، وردة الفعل القاسية بمجرد اكتشاف أكاذيبهم، باعتماد الحكمة والتعقل.
د/ لا تحرج الطفل بما يشكك في صدقه، تلقين الأطفال أن عاقبة الكذب سلبية، وميزة الصدق إيجابية من خلال ثواب الصدقين وعظمة المنزلة.
نقل الإمام الماوردي رحمه الله في أدبه عن أحد الشعراء قوله.
عود لسانك قول الصدق تحظ به… إن اللسان لما عودت معتاد.
موكل بتقاضي ما سننت له… في الخير والشر فانظر كيف ترتاد.