فتاوى

يجوز قتل الحيوانات الضارة ومنها الكلب العقور

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com/

 

الفتوى رقم:487

***السؤال***
قالت السائلة، في مكالمة هاتفية (و.ن.د) من غرداية، الجنوب الجزائري: إنها مربية الماشية، وتجمعها في زريبة، فتأتي بعض الكلاب الضالة، وتأكل الغنم وتفسد في الزريبة، قالت هل يجوز لها قتل الكلاب التي تهاجم الغنم في الزريبة؟ وقالت: اتصلت بمصالح البلدية وقالوا لها: إن ذلك ليس من مسؤوليتهم أو لايستطيعون فعل شيء. (حسب سؤالها) فماذا تفعل؟ قالت: وبالمناسبة هل يجوز وضع الدواء القاتل للنمل إذا دخل البيت؟

***الجواب***
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: نقول للسائلة: شكرا على التفكر والتدبر والاتصال بمصالح البلدية، وأنك لم تتسرعي في فعل المشتبهات، وها قد سألت، وهذا هو الصواب فالمسلم إذا اعترضته مشاكل فقهية أو قانونية يجهلها لايتسرع في اتخاذا القرار، وإنما يسأل ثم يلتزم بالشرع، ثم القانون الوضعي في باب الاجتهاد. ونقول لإخواننا المشرفين على مصالح البلدية أن القيام بتحقيق الأمن والسكينة للمواطنين على مستوى البلدية هو من مسؤولية رئيس البلدية وأعوانه. مسؤولية مباشرة، ولابد من معالجة هذا المشكل بشأن الحيوانات الضالة، التي تهاجم القرية والمواشي والمزارع. وعلى البلدية أن تمد يد المساعدة لهذه المواطنة، ولايقال للمواطن: عن حفظ الأمن بأنه ليس من مسؤوليتهم… والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال الله تعالى: ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ (الأنعام:38) قال القرطبي:﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ﴾ أَي: هم جَمَاعَاتٌ مِثْلكمْ في أن الله عز وجل خلقهم، وتكفل بأرزاقهم، فلا ينبغي أن تظلموهم، ولا تجاوزوا فيهم ما أمرتم به. و﴿دَابَّة﴾ تقع على جميع ما دب، وخص بالذكر ما في الأرض دون السماء لأنه الذي يعرفونه ويعاينونه. وقيل: هي أمثال لنا في التسبيح والدلالة، والمعنى: وما من دابة ولا طائر إلا وهو يسبح الله تعالى، ويدل على وحدانيته لو تأمل الكافرون. وقال أبو هريرة: هي أمثال لنا على معنى أنه يحشر البهائم غدا ويقتص للجماء من القرناء ثم يقول الله لها: كوني ترابا. وهذا اختيار الزجاج فإنه قال: ﴿إلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص، وقد دخل فيه معنى القول الأول أيضا. وقال سفيان بن عيينة: أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه، فمنهم من يعدو كالأسد، ومنهم من يشره كالخنزير، ومنهم من يعوي كالكلب} (6/420)…
ونقول للسائلة: يجوز لك أن تقتلي من اعتدى من الكلاب الضالة، وقت الاعتداء، ولا تسرفي في القتل. وقبل أن تفكري في القتل، حاولي تسييج المزرعة وتحصين الزريبة، وراجعي مرة أخرى البلدية، وقد يساعدونك إن شاء الله تعالى. قلت لك تقتلين المعتدي من الحيوانات لأن الشرع أباح قتل الحيوانات المؤذية. ففي الحديث: عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [خمس فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا.] (مسلم، كتاب الحج. رقم:1198) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: وقالت السائلة: هل يجوز قتل النمل بالدواء، النمل الذي يدخل البيوت ويفسد الطعام، وكذا الذباب، وسائر الحشرات.؟ قلت لك: يجوز لك أن تقتلي من اعتدى من الكلاب الضالة، وقت الاعتداء، ولا تسرفي في القتل. وكذلك النمل، يجوز إبعاد أو قتل ما يؤذي دون إسراف، ودون تعذيب مقصود، ودون استعمال الحرق بالنار. ففي الحديث. عن أبي هريرة، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:[إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَرَصَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ، أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ، تُسَبِّحُ] (ابن ماجة. كتاب الصيد، رقم: 3225) فيجوز قتل كل الحشرات المؤذية، كالناموس، والذباب، وغيرهما، والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: نقول لمن يملك كلبا للصيد أو لحراسة الماشية لايجوز له أن يطلقه وسط شوارع القرية بلارقيب، وأعود لأقول لإخواننا في مصالح البلدية إن عليهم مسؤولية أمن القرية والمدينة في كل مزارعها ودورها ومرافقها. عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم، لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها، الأسود البهيم، وما من قوم اتخذوا كلبا، إلا كلب ماشية، أو كلب صيد، أو كلب حرث، إلا نقص من أجورهم، كل يوم، قيراطان.] (ابن ماجة.كتاب الصيد.3205. البخاري:3324. ومسلم.1574) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com