المرأة و الأسرة

الحياة تسري بالتكامل الأسري

أ‌. آمنة فداني/

التوازن الأسري بين الأزواج ضرورة حتمية لنجاح حاضر ومستقبل الأبناء والأجيال التي تليها، فالعلاقة بينهما علاقة تكامل وظيفي كل في دائرة تخصصه لتصل للتوازن ثم الاستقرار قال تعالى {وما خلق الذكر والانثى * إن سعيكم لشتى}[الليل: 3-4].
إن تكامل الأسرة يستند على قواعد وأساسات يقوم عليها وذلك من خلال عمل منهجي موجه، فهي شروط حتمية لتحقيق ضمان سيرها بأبعادها القريبة والبعيدة، فهي المسؤولة عن حماية مسيرتها مسيرة التحدي في كل ما يواجهها من عقبات.
الأسر بخير ما ثبتوا وحافظوا على تكاملهم، فهذا الأخير لا يأتي بالصدفة والحظ، بل يخلق له مناخا لتنمو فيه الأفكار الراجحة للتطبيق العملي له، فالمقومات الضرورية الموصلة لهذا الأخير تكون عن طريق البناء العقدي المتين، الإحساس بالعزة والارتباط برسالة الإسلام في المنشط والمكره، الأمانة وتشمل القول والفعل، التعاون ويكون على الطاعات واجتناب المنهيات، الانسلاخ من الكبر وتحقيق التواضع، إذا تأملنا في كل تلك الفضائل المتمثلة في معاني الحياة وقيمتها لعرفنا أنها مفيدة ومقوية للتماسك في تأليف القلوب وجبر الخواطر، العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكامل يتضح من خلاله المعنى الحقيقي لمساهمة الاثنين في تواصل الأسرة، فالحياة الطبيعية قائمة على المزاوجة، الليل والنهار، الذكر والأنثى ..الخ.
قال العلامة ابن باديس عليه رحمة الله: (إن العناية بالرجل تستلزم العناية بالمرأة شقيقته في الخلقة والتكليف وشريكته في البيت والحياة). ابن باديس حياته وآثاره الدكتور عمار طالبي أطال الله في عمره .
إن رضا المولى تبارك وتعالى هو الأصل والمبتغى، ولا أظن أن هناك أرفع وأرقى من هذه العبارات التي خاطب بها رب العزة هذا التكامل قائلا: {وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21]. {…هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ..}[البقرة: 187].
إنه تشريع رباني له قيمة ومفاهيم وأسس ذات طابع إيجابي بين الضمير والعقل يرتفع بنا إلى المثالية الكاملة من فهم العدالة لقوانين السماء لأهل الأرض، يكشف مقدار الاندماج والحماية والطهر، فلكل عبادة من العبادات التي شرعها المولى تبارك وتعالى لعباده أجمل الأثر في تنظيم السلوك، فمن خلالها ينتصر الجانب الروحي الأسمى على الجانب المادي المفلس، وهكذا عندما تترابط الأجزاء وتتم الصياغة، فطبيعة سير الأسر مادام لها مصير مشترك وهدف واحد فإنها تحتاج أكثر من غيرها للأسلوب في أعلى مقاصده وأنبل معانيه نابعا عن وعي وإدراك لحماية ثباتها من خلال ترميم التصدعات وإصلاح الواجهات.
فما قيمة الحياة إذا عاشت الأسر دون مبادئ سديدة وأحكام رشيدة، فمستقبل كل هذا يتوقف تحقيقه على جهود الجميع، فالعبرة هي بيد الإنسان وعقل الإنسان.
• التكامل من أجل رفع مستوى الأسر إلى الإسلام والمساهمة في إزالة العثرات التي تعيقها فالحريصون على القدوة داخلها ينشدون دائما مزيدا من إضاءة الطريق.
• التكامل من أجل رفع التحديات المعاصرة لحاضر ومستقبل خال من معارك الجزئيات إدراكا لقضايا الأمة المهمة، من خلال ترتيب الأولويات لضرورات المرحلة.
• التكامل من خلال تعاون أفرادها لتعميق الاتفاق على الثوابت التي لا مجال للريب فيها من خلال تفقد الأساسات التي وضعت للبنايات والمرتكزات التي اعتمدت عليها حتى تستطيع أن تحدث التفاعل المطلوب.
• التكامل لا يمكن أن يتعثر وإن اعتراه اضطراب في مرحلة أو أخرى إذا ارتفع المستوى السلوكي والفكري بين افراده، فهو مجرد غبار على الزجاج سرعان ما ينقشع شيئا فشيئا ليعود لطبيعته.
• بيت يسود التكامل أفراده لهو البيت السعيد حقا وهو الخلية الصالحة التي تقدم كل ما هو مفيد ونافع لمجتمعها إنها قيمنا نسعى لها جميعا وأنت معنا من أجل تصدير هذه الركيزة لمن حوالينا حتى تعم الجميع.
قال شاعر الحكمة أبو الفتح البستي رحمه الله:
ازرع جميلا ولو في غير موضعه
فلا يضيع جميل أينما زرعا
إن الجميل وإن طال الزمان به
فليس يحصده إلا الذي زرعا

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com