في رحاب عالم الكتاب/ عبد القادر قلاتي
لا نتحدث -في الجزائر- عن عالم الكتاب إلاَّ فيما يتصل مباشرة بهذا العالم الفسيح، فنتحدث عنه عند الدخول المدرسي، وما يتبع ذلك من جدل حول تغيير المناهج الدراسية، والتأخر في طبعه وتوزيعه على المؤسسات التعليمية، ثمّ يكثر الحديث عنه -أيضا – خلال أيام الصالون الدولي للكتاب الذي يشكّل تظاهرة ثقافية مهمة تشهدها الجزائر كل ّ سنة، لكن سرعان ما يغيب الحديث عنه مع نهاية الأيام المخصصة له – أي الصالون الدولي للكتاب- فهذا حال الكتاب في بلادنا، فالجزائر لا تصنف في أي مرتبة من مراتب إنتاج الكتاب أو المقروئية، فلسنا دولة منتجة للكتاب، كما أننا لسنا من الشعوب المعروفة بالقراءة، هذا واقع لا يجب إنكاره بل يجب الاعتراف به، فنحن دولة تعداد سكانها تجاوز الأربعين مليونا، وعندما نتحدث عن الكتاب والمقروئية، نتحدث عن أرقام بسيطة تكاد أن تكون مهملة في هذا العالم الفسيح، إذا ما قورنا بغيرنا من دول العالم التي تعرف حركة واسعة في إنتاج الكتاب والمقروئية.
الصالون الدولي للكتاب عنوان بارز في عالم صناعة المعرفة، فهو في العالم المتقدم، الواجهة التي يتم من خلالها معرفة الجديد في مجال الفكر والعلم والمعرفة، فالجديد –في هذه المجالات- يعرف من خلال ما ينشر من كتب جديدة غالباً تظهر في المعارض الدولية للكتاب، وهي الفرصة التي ينتظرها القارئ والمتابع للشأن الثقافي عموماً، ومن خلال هذه التظاهرات يأخذ الكتاب مساره إلى القارئ والمتلقي، فيكون الجديد في عالم الكتاب هو الأبرز في هذه المعارض، بينما الأمر عندنا يختلف اختلافاً جذرياً، فالكتب التي شهدها الصالون الماضي هي نفسها –غالبا – التي تظهر في الصالون الجديد، بل أكثر من ذلك هناك عناوين مطبوعة منذ سنوات طويلة تجدها كلّ سنة تملأ الرفوف، وخصوصاً دور النشر المصرية واللبنانية، فيتحوّل الصالون إلى سوق كبيرة للبيع والشراء، فيغيب المعنى الثقافي والمعرفي لفكرة معرض الكتاب، ويترسخ عميقا البعد التجاري، الذي يفسد للفكرة الأساس بريقها، ولا يعود صالون الكتاب بكبير فائدة، سوى ما تجنيه الدار الناشرة للكتاب من فوائد مادية بحتة، والخاسر هو القارئ الذي ينتظر سنة كاملة ليقرأ الجديد.