مساهمات

«قضيـــة الـمرأة بيـن تحريــر الـمرأة والتمركز حــول الأنثـــى»

سيف الدين بن زعبار/

ما الذي دفع الفيلسوف الإسلامي عبد الوهاب المسيري رحمه الله إلى معاداة حركة ال Féminisme وتحرر الأنثى من الرجل والتاريخ والمجتمع، هل هي العقليّة الشرقية الرّجوليّة النرجسية والمُتملّكة؛ والتي انتهت_عبر التاريخ_باضطهادٍ واسعٍ للمرأةِ وسلبٍ لحقوقها كإنسانٍ يشاطر الرجل المجتمع والحقوق والواجبات؟ أم أنّه الخوف من تفوق المرأة_في حالِ مُنحت الفرصة_ على الرجل في جميع الميادين؛فتنقلب الآيةُ وقتذاك حتى يستحيلَ التابعُ متبوعا والمتبوعَ تابعا؟ثمّ حتّامَ هذا التوجس من الحركات_النبيلة_التحررية الإنسانية العالمية كحركة تحرير الأنثى؟ وعلامَ يتمّ رفضها لأنّها_فقط_ حركةٌ دخيلةٌ تَفَضّل بها علينا العالمُ الغربيّ تكرّما ومحبةً لإعادة الاعتبار إلى المرأة أمام الرجل والمجتمع والتاريخ؟ ثمّ إلى متى سيظلّ المجتمع الإسلاميّ متخلّفا رجعيا بانغلاقه على الغرب وانطوائه على نفسه ورفضه لكلّ ما تُصدره إلينا الفلسفة الغربية وفكرها؟

الندوةُ هذه المتمحورةُ حول فكر الفيلسوف عبد الوهاب المسيري في قضية الأنثى والذي أودعه كتابَهُ «قضية المرأة بين التحرير والتمركز حول الأنثى» أجابتنا عن هذه الأسئلة كلّها من خلال فصول الكتاب الثمانية، والتي لضيق الوقتلم نستطع أن نناقش منها إلاّ أربعةَ فصولٍ، في حين أرجأنا مناقشة الأربعة الباقية إلى الأسبوع القادم بحول الله…
الفصل الأول: «بين الإنسان والإنسان الطبيعيٌ»:
إنّ حركة التمركز حول الأنثى حركةٌ جديدة؛ لا باعتبار أنّ الأنثى لم تتحرك قبلُ عبر التاريخ بأية طريقة كانت لتطالب بحقوقها ولكن باعتبار المضامين الجديدة التي تحملها هذه الحركة الجديدة اليوم؛ فهي تندرجُ تحت حركات الحقوق الجديدة، وهذه الأخيرة من منتحات ما بعد الحداثة والمادية والعلمانية؛ العلمانيةُ القائلةُ بأن المبدأ المنظم للكون ليس منزها عنه ولا مفارقا له وإنّما من ينظّم الكونَ حالٌّ فيه، ماديٌّ منه؛ فالإنسانُ في النهاية محصولٌ ماديٌّ محض، ولقد مرت العلمنة بمتتالية خُماسية حددها المفكر عبد الوهاب المسيري كمايلي:
الإنسانية المشتركة/ الواحديّة الهيومانية: الإنسانباختلافه الفكري والجغرافي والديني سيد للكون ومركزٌ له ومتحكم فيه ومتجاوزٌ له
الواحدية الإمبريالية: ظهرت الثنائية العدائية (الأنا/ والآخر) وبدأت الحروب والرغبة في التسلط على الآخر والامتلاك…
الثنائية الصلبة: بين الإنسان والطبيعة؛ فتزاحم الاثنان وتقافزا لاحتلال مركز المركزيّة الكونية.
الواحدية الصلبة: حين تمكنت الطبيعة/ المادة من تحييد الإنسان عن المركز واحتوائها له؛ فكان جزءًا منها؛ لا يتجاوزها ولا يكونُ موجودا إلاّ في نطاقها.
الواحدية السائلة: حين تفقد الطبيعة مركزها ويصبحُ النسبيّ هو المُطلق الوحيد والتغيّر هو نقطة الثبات الوحيدة، فتتصاعد معدلات الحلول والتفكيك حتى يفقد كل شيء ملامحه…
الفصل02: المساواة والتسوية:
هدفت الفلسفة الغربية إلى تقويض مقولة الإنسان وتطويقه داخل إطارِ مادية محسوسة مقيتة؛ فسوّتهُ بكلّ شيء فيها؛ بالحيوان والنبات والأشياء…، ونبذت التاريخ ورفضته حتى طالبت بالانفتاح على التجريب غير المحدود؛ باعتبار العقل صفحة بيضاء ولوحا فارغاكما يقول جون لوك، كما دعت إلى تقديم الحقوق الفردية على المصلحة الجامعة وإلى فكرة الأقليات في المجتمع؛ حين يصبح هذا الأخير أقلياتٍ لا غالبيةَ فيه؛ فيفقدُ مرجعيته النهائية التي يستند إليها لتحديد مبادئه ونظامَهُ الواحد المشترك الذي ينظمه…
الفصل 03: «السياق الحضاري المعرفي لحركتي تحرير المرأة والتمركز حول الأنثى»
كما أسلفنا الذكر فإن حركات تحرير المرأة القديمة مختلفةٌ عنها حديثا؛ ومثالُ اختلاف هاتين الحركتين خلال الإنسانية المشتركة وغيرها من المراحل كالإمبريالية الفردية والثنائية الصلبة والواحدية الصلبة والواحدية السائلة واضح؛ فهي داخل منظومة الإنسانية المشتركة إنسانٌ فاعلٌ في المجتمع والتاريخ كالرجل؛ فهي فيها تدافع عن حقها الوظيفي وتضطلعُ بوظيفتها البناءة، وبحقها الأسريّ وحقّها كأمّ، أما في غيرها من المنظومات الأخرى فإنهم يحصرون المرأة في جانبٍ ماديّ جسماني وُسُليّ وسائليٍّ اقتصادي محض، ويُعيدون تعريف المرأة في إطارٍ جديد؛إطارٍ لا يقولُ بوجودها وفاعليّتها وتحقّقها إلاّ بتحقق شرطين أساسسين؛ عملها الخارجيّ من جهة والعودة بالمنفعة المادية من جهة أخرى؛ وهما شِقّا المرجعية المادي؛ الكمي والبراني الخارجي، وفي المقابل تراجع دور المرأة الداخليّ الأسريّ والكَيفيّ..
الفصل 04: «الواحدية الإمبريالية والثنائية الصلبة والواحدية الصلبة، والتمركز حول الأنثى»:
لم تكتفِ الفلسفة المادية بخلق ثنائية عدائية بين بني الإنسان (الأنا/الآخر) حتى دعت إلى ثنائيات تفكيكية هدامة أخرى تُفضي بالمجتمع إلى التمزق، ولأنّ الأسرة هي أول اللبنات في هيكل المجتمع فإن الفلسفة المادية طالت هذه اللبة فحاولت تقسيمها حين دعت إلى ثنائية عدائية تفكيكية أخرى (المرأة / الرجل)، إذ سعت إلى إثبات اضطهاد الرجل والجتمع والتاريخ للمرأة بشكلٍ شامل،فدعت إلى قراءة التاريخ مرة أخرى قراءةً تُثبت مظلومية المرأة، وبدأت بمصطلح التاريخ في ذاته ففككته وأعادت تسميته History؛ المكون من His الذي يعني هو، وstory الذي يعني قصته، فكان History بمعنى قصته، وهذابزعمهممن تجليات الباطرياركية/ المجتمعات الرجولية،فدعت إلى إعادة تسمية التاريخ بحيث يتوافق مع حقوق المرأة وتحررها، واقترحوا لذلك Herstory الذي يعني قصتها، وكذلك فعلوا بخصوص كلمة women حين قصدوا إلى إعادة كتابتها لتصير womyn؛ لأن الأولى تشتمل على men التي تعني الرجل؛وهذابزعمهمواحدةٌ من تجليات إمبريالية الرجل حتى لغويا وتسلطه على المرأة، كذلك بالنسبة للخالقسبحانه وتعالى عما يصفونقالوا بضرورة الابتعاد عن تذكيرِه في الخطاب والإشارةِ إليه بضمير المذكر، ولأنّ التفكيكية العدائية هذه تهدف إلى الفصل الكليّ بين الرجل والمرأة فإنّهم حاولوا تطبيع السُّحاق واللواط والشذوذ،حتى لقد قالت إحدى الداعيات إلى ال» Féminisme:
«If fiminism is the theory, lesbianisme is the practice
إذا كانت الفيمينيزم هي النظرية فالسُّحاق هو التطبيق!!!!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com