الأولويات.. بين العقدِ والعقيدة

أ. عاصم حمادي/
انتشر خبر خذلان اللاعب (هشام بوداوي) ذي الجنسية الجزائرية لقضية الأمة المحورية (القضية الفلسطينية) وتطبيعه مع الكيان الصهيوني، كان هذا إثر سفره إلى الأراضي المحتلة، لمشاركته في مباراة مع فريقه الفرنسي (نيس). -وعلينا أن ننوه أن أمثاله كثر في مجتمعنا ممن ينظر إلى التطبيع نظرة براغماتية مادية خالية من أي التزام قيَمي أو أخلاقي –
أكيد كلنا استنكر تصرفه لأنّنا ببساطة حاكمناه بخلفيتنا الفكرية والعقدية التي نشأنا عليها في أسرِنا ومحاضننا التربوية إذ لا تناقَش فيها أمور المبادئ بتاتا ويُخوّن كلّ من يستهين بها أو يستكين للصهاينة فعندنا (العقيدة أوّلا وآخرا).
ولكن المتتبع لردود الأفعال في مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ تعالي أصوات الكثيرين من الشباب ينادون بضرورة احترام قراره وتفهم موقفه وحجتهم أنه يرتبط (بعقد) بل هناك من جعله محل إشادة لاحترافيته… فلا ينبغي أن نعجب من هذا لأن في دين الماديات يصير (العقد أولى من العقيدة)
إذن الأولوية بين العقيدة والعقد تحكمها الخلفية الفكرية والأسس التي تربى عليها الشاب فيرجح إحداها على الأخرى حسب خلفيته فمن كانت تنشئته ماديّة محضة تدور رحاها حول الأكل والشرب واغتنام الفرص مهما كانت والسعي نحو المصلحة الدنيوية (بكل الطرق) وليس له أي بعد أخروي في سلوكاته أكيد لن يكون مآله إلا كَمآل هذا اللاعب التافه المطبّع ومن كانت تنشئته رسالية تغرس فيه قيَم الدين وأن الآخرة خير وأبقى وأن الانتماء للإسلام أسمى انتماء ونصرة قضايا الأمة شرف للناصر لا للمنصور والرجوع إلى الشرع في كل تفاصيل حياته يزيد من الرصيد الأخروي الغيبي فيحكم عليه إما شقي أو سعيد، من المستحيل أن يسلك من تربى على مثل هذه القيم سلوكا مماثلا.
ولقد شاهدنا في عصرنا هذا الكثير من الرياضيين الجزائريين أبناء أحياء شعبية رفضوا التطبيع وانسحبوا بكل عزة من نزالات ضد هذا الكيان الصهيوني الغاشم.
لا عجب.. لأن هذه الأحياء معروفة بجهود دعاتها وتكريس المظاهر الإسلامية فيها على غرار حي الحراش وباب الواد وبلوزداد ولا ننسى ما فعله بطل وهران (فتحي نورين) عندما انسحب من بطولة الجيدو لما أوقعته القرعة مع خصم صهيوني هذا الشاب الذي ترعرع في بيئة صلاح وقرآن بشهادة أهل وهران وهو أخو القارئ الشيخ (يوسف نورين) كان سلوكه وفقا لتنشئته هذا الحدث الذي استيقظ الجزائريون على وقعه ينبغي أن يلتقطه الدعاة والمربون ويستخرجوا منه ترياقا يطعّم الأجيال من سم سلوك الخونة والأنذال.
هنالك فقط تطفو في ذهن الجيل القادم أولوية العقيدة على العقد وإلّم تفعلوا فاعلموا أن بوداوي لن يكون وحده قال الله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]