اتجاهات

إن الله يدافــــــــع عن الذين آمنـــــــــوا

عبد العزيز كحيل/

الله غايتنا، وهو وليّنا وناصرنا وإليه ملجؤنا، نحبّه سبحانه وتعالى، نسبح بحمده ونلهج بذكره ونتفانى في حبّه، نقدم محابه على محابنا، ومباغضه هي مباغضنا، وفي حالات الضعف والخوف والتحدي العسير هو من يدافع عنا.
الله يدافع عنا: يا مسلم الله يدافع عنك، هو محاميك وحاميك، هو وليّك،لا يتخلى عنك، وإذا كان الله معك فمن يضرك؟ كنْ معه، أقبل عليه، جدد صلتك به ووثقها.
لا تبالِ بالحاسد والمتآمر والكاره لك، الله يحميك منهم إذا كنت مطيعا له، خائفا من عقابه، راجيا لعفوه ورحمته، بدل أن تقضي حياتك تقيم حسابات لهذا وذاك اهتمّ بعلاقتك بالله تعالى، تصالحْ مع كتابه وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم، اربط قلبك به لا بغيره، فإنه «كما لا يحب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك، العمل المشترك لا يقبله والقلب المشترك لا يقبل عليه» كما يقول ابن عطاء.
لا تعْطِه فضل وقتك بل وقتك كله، كن معه في محرابك و بيتك ومكان عملك وطريقك وحال فرحك وحزنك وجميع شأنك، وقبل كل هذا احرص على سلامة قلبك وطُهره، فهو محلّ نظر ربك ومقياس الصلاح وشرط التوفيق: «فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا»… علم ما في قلوبهم من إخلاص وصدق فتولى أمرهم نفسيا وماديا، جاءتهم السكينة والنصر… كن مثل هؤلاء الصحابة فهُم منارات الهدى ومصابيح الدجى، وإياك من قُطاع طريق الله، يغرونك للصد عنه، بعضهم باسم الحداثة وبعضهم باسم السلف… لا تُصغ إليهم واتبع المنهج النبوي القويم فليس بين الله وبينك شيخ ولا حاجب ولا وسيط…اشتغل بالدنيا واجعلها في يدك لا في قلبك، اشتغل بالسياسة والتجارة والأدب والفن والعمل النقابي والسياحة والاستكشاف واجعل كل ذلك لمرضاة الله وخدمة دينه قبل أي غرض آخر، واجعل مكانة خاصة للمسلمين في قلبك، أحبّهم وادعُ لهم ولو اختلفت معهم… هناك يدافع عنك فتنتصر في جميع قضاياك ثم تدخل الجنة.
كيف نتعامل مع الله؟ بما أن الله تعالى هو وليّنا وناصرنا والمدافع عنا فينبغي أن نحسن التعامل معه كأحسن وأرقى ما يكون تعامل العبد مع ربه الكريم، ذلك أّن للمؤمنين تعاملا حيّا واعيا مع ربّهم وهم بمقتضى إيمانهم بوَلايته، يُهرعون إليه كأفراد وكأمّة، يستقوون به من الضعف ويستنصرونه عند غلبة الظلم ويبثّون بين يديه أحزانهم وأشجانهم، مستحضرين صفات الربوبية والألوهية والوَلاية، فهو سبحانه وتعالى:
-ربّ قريب: لا يحتاج إلى المناداة، وإنما يناجيه المريض والمغلوب والعاجز عن الدفع عن نفسه فيسمع ويجيب:﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُو﴾(سورة المجادلة الآية 7).
-بابه مفتوح: لا يغلق في ليل ولا نهار، لا حاجب عليه ولا واسطة، لا يخضع من يطرقه إلى أيّ تشريفات أو بروتوكول، لا حاجة إلى رجل دين أو شفيع في الدنيا، إلا ما كان من عمل صالح وإنابة صادقة:﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ* فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ (سورة القمر الآيات من 10 إلى 13)، وحرف الفاء هنا يفيد الاستجابة الفورية، فما إن أقبل نوح عليه السلام على ربه بالشكوى المتذلّلة حتى فُتح الباب وأجيبت الدعوة، وهذا جدير ان يحدث مع أيّ مؤمن في أيّ زمان .
-ربّ قادر: يتّخذ المؤمنون الله تعالى وليّا لأنه صاحب القدرة التي لا حدّ لها ولا نهاية، فهو القادر والقدير، لا يعجزه شيء ولا أحد عن إمضاء إرادته وإنفاذ مشيئته، القوّة كلّها له، فإذا احتمى به المؤمن واستقوى به أمدّه بشيء منها وكان يده التي يبطش بها، وحينئذ ينتصر على القوّة الأرضية لأنها خفيفة الوزن ضئيلة أمام القوّة الربانية التي يغرف منها أولياء الله:﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ (سورة الأنعام الآية 18)،﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (سورة الذاريات الآية 58).
-ليس بغائب ولا بغافل: قد يعتمد الانسان على صاحب قوّة وسطوة وثروة ومنَعة لقضاء حاجاته المشروعة وغير المشروعة، وللإفلات من المحاسبة والعقاب، لكنّ هذا الذي يعتمد عليه قد يغيب وقد تضيع أسباب قوّته،وقد يموت فتتلاشى امتيازات صاحبه وحصانتُه وينقلب ذليلا مهزوما، أما المؤمنون فاعتمادهم على ربّ تفرّد بصفات الجمال والجلال والكمال، لا يغيّبه نوم عميق ولا خفيف، ولا تأخذه غفلة تشغله عن شأن جليل أو حقير من شؤون خلقه، هو مع الداعي المتضرّع بالإجابة ومع الظالم بالأخذ على يده والانتقام منه ولو بعد حين:
-﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ﴾ (سورة النمل الآية 62).
-﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ (سورة ابراهيم الآية 42).

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com