مديـــــر قنـــــاة الأنـــيــــس فــيــصــل بلجيــــلالي في حـــوار للـبصـائـر/ نمضــــي قُــــدمًـــا نحـــــو تحــقــيـــــق أهــــداف القــنـــــاة. واقـــع الإعــــلام الـمــرئــي يـعــيــش فــوضـــى كــبـيـــرة تحـتـاج إلــى تنــظــيـمـــه.
حاوره: ياسين مبروكي/
ما هو تقييكم لمشوار قناة الأنيس؟
-بسم الله الرحمن الرحيم بداية نشكركم على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار على جريدة البصائر العريقة والتي نعتبر الأنيس امتدادا لمسيرتها المنبثقة من فكر شيخ التنوير ابن باديس رحمة الله عليه.
أما عن مشوار قناة الأنيس.
فنحن منذ الانطلاقة في هذا المشروع سنة 2014 وبعد أكثر من 6 سنوات من إطلاقه يمكن القول أننا لم نصل إلى كل الأهداف مقارنة بالتوقعات المسطرة عبر خطتنا الاستراتيجية، لكن بالنظر لكمية العراقيل التي واجهتنا والتي تخص بيئة العمل عموما فيمكن القول أن بقاء القناة طوال هذه المدة على قيد الحياة يعتبر إنجازا في حد ذاته.
كيف وجدتم واقع الإعلام السمعي البصري في الجزائر؟
-الإعلام السمعي البصري في الأصل هو مرآة عاكسة لما هو موجود داخل البيئة التي ينشط فيها وبالتالي هو يعكس المضامين، وربما قد يسلط الضوء على بعض المناحي على حساب مناح أخرى وقد يضخم بعض الظواهر على حساب أخرى لكن في الأخير هو مرآة لما هو موجود في واقعه وحول محيطه.
وفي خضم الحديث عن خارطة الإعلام السمعي البصري، فأقل ما يمكن قوله أنها كانت مختلة ولم تكن متنوعة بما يكفي لتغطية شرائح واسعة بحجم بلد مثل الجزائر من حيث التنوع والموضوعاتية.
ما هي أهم العراقيل التي تواجهكم في سبيل تحقيق رؤية القناة وأهدافها؟
-العراقيل التي تواجهنا كثيرة للأسف والتي حالت دون تحقيق رؤية القناة وأهدافها القصيرة والمتوسطة المدى، وعلى رأس هذه العراقيل موضوع الاعتماد الذي لايزال مطلبا نسعى خلفه منذ تأسيس القناة من خلال تجديد الطلب من السلطات المعنية دون جدوى.
طبعا في الميدان نحن نقوم بعملنا بشكل طبيعي وبشكل عادي عموما، ومع تعاون الكثير من السلطات والإدارات وهذا شيء نثمنه رغم وجود عدم تكافؤ للفرص من ناحية التغطيات مقارنة ببعض القنوات.
الإعلام الإلكتروني في الجزائر بدأ هو الآخر يفرض نفسه في الساحة الإعلامية، ماهي خطتكم لولوج هذا المجال؟
-بالتأكيد الإعلام الإلكتروني مهم جدا بالنسبة لنا ونسعى للتوسع فيه أكثر لأنه وبخلاف الإعلام الفضائي صار الأول يمتلك أدوات قياس دقيقة جدا تمكننا من معرفة مدى التأثير ومدى الولوج إلى المتابعين والمستهلكين عموما، هذا ما جعلنا نتبنى منذ قرابة السنتين استراتيجية جديدة حول مواقع التواصل الاجتماعي والتي كانت داعمة للقناة الفضائية منذ انطلاقها بحيث تساهم في إعلام مواعيد البرامج وحتى التفاعل مع المتابعين فيما يخص اختيار الضيوف واختيار المواضيع، والآن نحاول أن ننسجم أكثر ونتأقلم مع التطورات التقنية، بعدما أصبح هناك إعلام خاص بالموبايل فحتى شكل المنشورات والفديوهات والصور أصبح أكثر ملائمة للموبايل ولمستعملي الموبايل الذين توجه غالبيتهم إلى التخلي عن مشاهدة التلفاز عموما وهي شريحة تستمر في التوسع والازدياد لذلك نحن نحاول مواكبة الطلب واستعمال كل منصة بما يليق بها من محتوى سوآء كان الإعلام الفضائي أو اليوتيوب أو الفيس بوك أو التويتر أو الإنستاغرام.
ضمن رؤية القناة نجد أنها قناة ذات بعد عربي، هل وصلتم إلى ذلك؟
-بطبيعة الحال القناة ولأنها تبث عبر النايلسات فمجال التغطية يشمل كل دول المغرب العربي والشرق الأوسط كما أننا وفي أغلب فترات وجودنا كنا نبث عبر عدة أقمار صناعية تغطي هذا النطاق بالإضافة إلى وجودنا على وسائل التواصل الاجتماعي هذا مكننا أيضا من التواصل والتفاعل والوصول إلى شرائح أخرى أكثر تنوعا في العالم العربي ولدينا متابعون من عدة دول عربية وإسلامية على غرار مصر والدول الخليجية وهذا بسبب اهتمامنا بقضايا الأمة عموما وبالشأن المغاربي بدرجة أخص ما يجعل متابعينا في المغرب العربي أكثر اقبالا، ومنذ قرابة الشهرين أصبح من الممكن متابعة برامجنا عبر العديد من الباقات التلفزيونية في دول أوروبا وأمريكا وكندا عن طريق ما يسمى الكابل وتطبيقات الهاتف الخاصة.
عرف برنامج “الترند الاقتصادي” رواجا واسعا في موسمه الأول، ما سر ذلك برأيك؟ وهل ستسعون إلى الاستثمار في برامج مماثلة؟
-بالنسبة لبرنامج التراند الاقتصادي فهو برنامج نوعي حقق نسب مشاهدات عالية نظرا لعدة نقاط: أهمها شكله المتميز بحيث جاء في قالب يجمع بين الدقة في المعلومات والخفة في الطرح بالإضافة إلى الأداء المتميز لمقدمه عبد الرحيم عبد اللاوي.
لاحظنا في الفترة الأخيرة اهتمامكم بالأنشطة الجوارية ونقل مشاكل المواطنين في مختلف الولايات عكس الفترة الأولى، هل هي استراتيجية جديدة في الوصول إلى المشاهد؟
– هو واجب إعلامي قبل أن يتحول إلى استراتيجية لابد منها، لأن جمهور هذه القناة صار جزءا من أسرة الأنيس وعلاقتنا بالأسرة الجزائرية تطورت إلى حد رأينا فيه وجوب رفع انشغالات الناس وعيش مشاكلهم، دون أن نحيد عن خطنا الافتتاحي الذي يهدف بدرجة أسمى إلى الجانب التربوي من خلال المحتوى الهادف.
ذكرتم في لقاء سابق بأنكم ستعتمدون على الكفاءات الجزائرية، سواء الصحفيين أو التقنيين، كيف ترون آداء الطاقم البشري للقناة؟
– مما يؤسف له بحق هو أن التكوين الجامعي في مجال الإعلام وفي كثير من المجالات الأخرى ضعيف وغير متماش مع متطلبات سوق العمل لذلك فعلى سبيل المثال اضطررنا طوال هذه السنوات لتوظيف العديد من الشباب العصامي أو الذي درس في تخصصات أخرى لأن الجامعة لا تكون مواهب تقنية مثل الانفوغراف أو المونتير أو الديكوريست ،،،الخ
برأيك لماذا يعيش الإعلام في الجزائر فوضى الإشهار، ولماذا تحولت بعض القنوات إلى قنوات إشهارية أكثر منها إخبارية أو عامة؟
– الفوضى التي يعيشها الإعلام على غرار قطاعات أخرى ما هي إلا تحصيل حاصل ونتيجة حتمية للفوضى السياسية التي كانت تعيشها البلاد في زمن العصابة، والتي يصعب ترتيبها رغم الجهود المبذولة لحد الساعة، أما عن تحول بعض القنوات إلى الإشهار على حساب المنتوج الإعلامي المطالبة به، فراجع إلى عدة أسباب من بينها الوضع المالي الصعب للمؤسسات الإعلامية بالإضافة إلى فقدان الضمير المهني والاحترافية المهنية وهذا راجع إلى الفوضى التي تحدثتم عنها سابقا.
بالحديث عن الإشهار، ما هو موقع قناة الأنيس من هذا المجال؟
-على غرار نقطة الاعتماد هناك نقاط أخرى أهمها نقطة الإشهار الذي يعتبر أحد أكبر العوائق والتحديات الناتجة عن عدم اعتمادنا بصفة رسمية وهذا ما نتلقاه كل مرة كتحفظ في التعاون التجاري من طرف العديد من المؤسسات العمومية والخاصة, وهذا العائق لازال يسبب لنا بطبيعة الحال عجزا مستديما يحول دون تحقيق رؤية القناة، مع العلم أن قناة الأنيس لم تتعامل قط مع المؤسسة الوطنية للإشهار ولم تحصل على أي دعم من أي جهة رسمية.
ماهي خطتكم للحفاظ على المرجعية الدينية للجزائر؟ وهل تفكرون في إعداد برامج تفاعلية مع المشاهد بخصوص الفتاوى الدينية والقضايا المعاصرة؟
-تحرص القناة منذ تأسيسها على إبراز الكفاءات الوطنية المحلية في الجانب التربوي والدعوي والأكاديمي بكل تخصصاته، ومن خلال هذه الطاقات بقيت القناة حريصة على إبراز مكونات ومقومات الهوية خاصة مع الموجة الإعلامية العالمية التي عبثت كثيرا بأفكار الجيل الناشئ.
أما عن برامج الفتاوى والبرامج الدينية فلطالما كانت تنال حصة الأسد ولازالت تنتج بعناية خاصة مهتمة بمتابعة الأحداث والتحولات الاجتماعية الطارئة بالمجتمع الجزائري عبر طرق تفاعلية من خلال البث المباشر على الصفحة وأهمها برنامج الجواب الشافي الذي مر من خلاله كوكبة من العلماء، وقد انتقلنا إلى مواقع التواصل الاجتماعي عبر برامج تزاوج بين الشأن الاجتماعي والديني مثل برنامج من الواقع مع الداعية الشاب تاج الإسلام بن يربح.
بماذا تعدون المشاهد الجزائري والعربي في قادم الأيام؟
– مردودنا الإعلامي في قادم الأيام مرهون بما تخفيه تقلبات الساحة السياسية والإعلامية في المستقبل والتي نتوقع أنها ستتيح لنا مساحة أكبر عما كان وستقدم الدعم الأكثر لنصل إلى ما نصبو إليه من رؤية ترقى لتحقيق رغبات المشاهدين عامة والأسرة الجزائرية بدرجة أخص.
كلمة أخيرة لقراء البصائر؟
-نحن واثقون أن جمهور البصائر لا يختلف إطلاقا عن جمهور الأنيس الذي نحسبه جمهورا من النخب الراقية والأسر المحافظة، لهذا لانفرق بين قراء البصائر ومشاهدي الأنيس الذين نعتبرهم جزءا لا يتجزأ من هذه الروافد الإعلامية المنتمية إلى الحاضنة الشعبية الأصيلة، والتي نعتز بها ونفخر بمتابعتها، وليس أمامنا في هذه السانحة سوى أن نطلب منهم مواصلة الدعم عبر المتابعة والنصح والصبر على تقصيرنا، وليكن قراء البصائر على يقين أن الإعلام الهادف لايزال صامدا مع أمثالهم وبأمثالهم ولأجل أمثالهم.