التحالف العربي الصهيوني يهدد العالم (2)
أ. محمد الحسن أكيلال/
حلف الرياض بدل حلف بغداد
في عام 1955 أوعزت الإدارة الأمريكية لبريطانيا العظمى لتأسيس حلف مكمل للحلف الأطلسي يكون مركزه في بغداد ويضم كلا من تركيا وإيران وباكستان والعراق ليشكل جبهة أمامية ضد حلف «وارسو»، المعسكر الشيوعي.
لم يدم الحلف طويلا، إذ سرعان ما قامت ثورة في العراق أسقطت نظام الحكم الذي كان يديره «نوري السعيد» وخلفه المناضل «عبد الكريم قاسم» -رحمهما الله-.
كأن التاريخ يعيد نفسه و لكنه دون الاستفادة من دروس الماضي، لقد قال البطل الفيتنامي، الجنرال «جياب»: «الاستعمار تلميذ غبي لا يحفظ الدروس»، فالاستعمار واحد لأن النزعة الاستعمارية واحدة، فرق واحد بين حلف بغداد وحلف الرياض، هو أن الأول يتكون من دول إسلامية والثاني من دول عربية ودولة عبرية واحدة.
فارق آخر استثنائي وهو الأهم هو فارق مستوى ذكاء حكام الدول العربية المكونة لحلف الرياض و حكام «تل أبيب».
o ذكاء الحكام العرب ذكاء عكسي حسب مصطلح «فرويد» لأنهم اعتقدوا خطأ بأن الدولة العبرية ستضمن لهم الحماية من الدولة الشقيقة إيران إذا ما وقع صدام عسكري يسعون إلى حدوثه بكل الوسائل.
o ذكاء هؤلاء جعلهم يجهلون كل الجهل بأن الحلف لم يؤسس لخدمة مصالح بلدانهم والدفاع عنها، لكنه أسس مثل سلفه «حلف بغداد» أو كخط أمامي في مواجهة الصين الشعبية وروسيا.
o ذكاء هؤلاء صور لهم أن الرياض باعتبارها مركزه هي القطب للإقليم في حين أن القطب هو «تل أبيب» باعتبارها الأقوى عسكريا وأمنيا وتكنولوجيا واقتصاديا.
o الأخطر ما في غباءهم أنهم لم يعرفوا و لم يدركوا بأنهم هم حماة الدولة العبرية بتطبيعهم معها وليس العكس.
«بايدن» يعيد كل شيء في الخليج إلى وضعه السابق
بعد سنوات من الجفاء بين الثلاثي الخليجي السعودية والإمارات والبحرين وقطر التي وصلت العلاقة معها إلى حد التفكير في غزوها لولا تدخل تركيا وبناء قاعدة عسكرية فيها، ها هي العلاقات تعود إلى أحسن مما كانت عليه بعد خوف الجميع من وصول السيد «جو بايدن» إلى الرئاسة في بلاده.
هكذا و بأقصى سرعة تمت المصالحة بوساطة كويتية كالسابق رغم أنها لم تثمر قبل الآن، لقد أصبحت الكويت الأقل ثراء وقوة بمثابة سقيفة بني ساعدة في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، حظ الكويت أن تقود ولو رمزيا أو شكليا لأن القيادة الفعلية للمملكة العتيدة التي يفكر ولي عهدها «محمد بن سلمان» في بناء مدينة جديدة هي «نيوم»، بينو – جديدة و م – الحرف الأول من اسم المدينة.
إنها قمة الولع بالمهانة وإدمان التملق والتزلف للجبروت والغطرسة الإمبريالية والصهيونية العالمية حتى وهي في آخر عهدها وبداية أفول نجمها حسب كل الأعراض والمؤشرات على دنو أجلها.
بمجرد تأكد نتائج الانتخابات الأمريكية تداعت كل تلك الأنظمة المتاجرة بالإسلام وطيبة سرائر المسلمين، بما في ذلك تركيا التي يدعي حاكمها الجديد تملصه من العلمانية وإعلان نفسه خليفة جديدة للدولة العثمانية الجديدة بالوعود بضعفها حتى ولو استلزم الأمر الدخول في حروب لا أول لها ولا آخر في الاتجاهات الأربعة.
إنه زمن الدولة العبرية ومملكة سليمان كما حلم بها المؤسسون العتاة لها ولو أن حكامها الفعليون حاليا يشعرون في قرارات نفوسهم أن ذلك بعيد المنال بعد أن عادت الحياة للمقاومة.
فدول الخليج ومصر والأردن على اتساع رقعة الجغرافيا التي يتوزعون عليها لكنهم تنقصهم الروح التي تشبثت وما تزال شعوبهم بها، وهم يعلمون جيدا رغم تجاهلهم لصرخاتها الغاضبة الرافضة لهم ولأسيادهم في أمريكا وأوروبا الحلف الأطلسي الذي يسعون إلى توسيعه ليشمل غرب آسيا وإفريقيا.
في أمريكا بدأ السود والملونون بتحطيم تماثيل غلاة المستعمرين المستعبدين، وفي فرنسا أيضا خلال السنوات المقبلة، ستزول مملكة سليمان عن قريب وستحقق أحلام الفينيقيين الكنعانيين في كل البحر الأبيض المتوسط.