موقــــف و خـــاطـــــرة

شيــخ الصحــــوة الإسلامية عمــــر العــربــــاوي

الشيخ نــور الدين رزيق */

{وَمَا شَهِدْنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَٰفِظِينَ}(يوسف/81).
الشيخ عمر العرباوي رحمه الله أول من علمنا الفقه المقارن وكان في حلقاته يرجح المسألة الفقهية بالأدلة الشرعية قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وفي نهاية الحلقة يكلف أحد الطلبة بكتابة الدرس على الصبورة ويبقى أسبوعا لا يمحى حتى يقيد الطلبة ما كُتب وتعم الفائدة (في زمن لا تجد فيه كتابا دينيا يباع) كل هذا في مصلى (الجَرْدي) الذي لا تستوعب مساحته 50 فردا ولكنه جامعة تعلمنا فيه شتى علوم الشريعة والعقيدة النقية الصحيحة على منهج علماء الاصلاح ابن باديس والابراهيمي والعقبي والميلي عليهم رحمة الله جميعا ثم فتح الله تعالى بمواصلة المسيرة بمسجد الشافعي بالحراش بخطبه ودروسه المميزة، وكان يعود طلبته على ارتقاء المنبر تكوينا لهم لتحمل مسؤولية الدعوة، جعل الشيخ مسجد الشافعي منارة وملتقى الدعاة اسبوعا كاملا؛ دروس للشيخ والشيخ عبد اللطيف سلطاني والشيخ احمد سحنون والشيخ سماتي..وغيرهم، ما أسعد تلك الأيام في عهد طغت فيه الايديولوجية الاشتراكية وحملات التطوع الشبانية المختلطة (volantariat) ذات التوجه الالحادي والتشكيك في عقيدة الامة.
وكأن الزمان اليوم استدار بعودة موجة الالحاد ومحاربة ثوابت الدين ومنها سّنة نبينا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام.
فهل من شيخ فقيه مرب كالشيخ عمر العرباوي رحمه الله يحي الدعوة ويجمع شمل الأمة؟!.
لمحة تاريخية:
ولد الشيخ عمر العرباوي سنة 1907م بمنطقة أولاد سيدي عامر ببلدية سيدي عيسى بولاية المسيلة الجزائرية.
بدأ الشيخ تعليمه على يد والده صالح بن عبدالكريم وبعض المشايخ، فحفظ القرآن وعمره 15 سنة، درس في زاوية سيدي المهدي (ولاية البليدة) علوم القرآن وأحكامه وأصول الفقه، ولمّا أتمّ تعليمه شرع في إعطاء الدروس لطلبة مدينة البليدة، إنتقل بعدها إلى بئر خادم حيث أسّس هناك مدرسة لتعليم مبادئ الإسلام واللغة العربية.
كان تواصل مع الشيخ الطيب العقبي رحمه الله وتأثّر بحركته الإصلاحية، ثم أصبح عضوا نشطا في جمعية العلماء المسلمين، علّم في مدارس العاصمة وأعطى دروسا في الوعظ والإرشاد في مساجد باب الواد وبلكور إلى سنة 1955.
اعتقلته السلطات الاستعمارية وسجن بالبرواقية ففتح مدرسة يعلّم المسجونين اللغة العربية والعلوم الشرعية، وبقي هناك مدّة 3 سنوات حيث نقل بعدها إلى معتقل «بوسوّي» أين التقى بالشيخ أحمد سحنون والشيخ مصباح، اقتيد بعدها إلى معتقل «أركول» فبقي هناك حتّى أواخر سنة 1961 حيث أفرج عنه، وبقي تحت الإقامة الجبرية حتّى عهد الاستقلال.
انخرط في صفوف المعلمين وواصل مهمة الوعظ والإرشاد بمساجد العاصمة وضواحيها إلى غاية 1967، انتقل بعدها إلى الحراش فاستقرّ بها وركّز إصلاحه في هذه الفترة على تكوين الشباب وغرس العقيدة الإسلامية السليمة، وتوجيههم توجيها صالحا إلى سنة 1975.
بعد تقاعده تفرغ للكتابة فألف: كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد والإعتصام بالإسلام، وواصل الوعظ والإرشاد في المساجد وكان له موقف مشهود سنة 1977 إذ منع عرض مسرحية «محمد خذ حقيبتك» لكاتب ياسين الطاعنة في الدين الاسلام، وكرّر هذا الموقف سنة 1980 بالجزائر «المسرح الوطني الجزائري».
أدّى الشيخ العرباوي رحمه الله فريضة الحج واعتمر مرات عديدة، وكانت له جلسات ولقاءات مع شيوخ ودعاة من مختلف أنحاء العالم الاسلامي.
توفي الشيخ عمر العرباوي صبيحة يوم الأحد 02/12/1984 وقد شيع يوم الإثنين بمقبرة سيدي رزين بطريق براقي في جنازة مشهودة حضرها عشرات الآلاف.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com