قضايا و آراء

إلى أين نسير؟ وماذا ينتظرنا من مصير…؟/ بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي

لا أحد يجادل في أن العرب والمسلمين دولا وشعوبا، بالنظر إلى الأحداث التي توالت عليهم، وتلك التي لا يزالون يعيشون وقائعها حتى الساعة، قد أفقدتهم اتجاههم، وما عادوا يدركون إلى أين يسيرون، وإلى أي اتجاه يقصدون، ولا أحد يجادل أن معظم الدول العربية والإسلامية قد انفلت زمام المبادرة من بين يديها، ولم تعد تملك السيطرة على سياساتها الداخلية والخارجية، وأن قراراتها باتت موجهة ومفروضة عليها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولم تعد قادرة على فرض إرادتها وإملاء شروطها داخليا أو خارجيا، وأصبح الخارج وما يمثله من لوبيات داخلية تسهر على خدمة مصالحه ورعايتها، هم الذين يتحكمون في الأمور ويقررون بدل السلطة، فالعراق تتنازع إرادته كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وسوريا خضع النظام فيها لإملاءات إيران وروسيا وتركيا، واليمن والسعودية يخوضان حربا بالوكالة نيابة عن أمريكا وإيران، والسودان المقسم هو ضحية الصراع الأمريكي الصيني على ساحته، ومصر تتصارع على ساحتها دول الخليج، كما تؤثر على سياساتها الداخلية والخارجية إسرائيل، وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ليست بأفضل حال مما يجري في المشرق، إذ أن أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وإن كانت أقل سوءا مما هو عليه حالها في المشرق، فإنها غير محصنة ويمكن لها في أية لحظة أن تسوء أكثر فأكثر، وتغدو أسوأ مما هي عليه في المشرق، والكل يعلم أن الحكومات في دول شمال إفريقيا، تسيير شؤونها يوما بيوم، وهذا معناه أنها لم تعد قادرة على التخطيط للمستقبل، وعدم امتلاكها لتلك القدرة، يعني من وجه آخر أنها لم تعد تمتلك أدوات التخطيط والتنفيذ، ولذلك هي لم تفعل، وهي لم تفعل لا من باب الزهد فيه ولكن بسبب العجز والقصور.

وبديهي أن من لا يملك القدرة على التخطيط، لا يملك القدرة على تحديد مستقبله، والإعداد له، والمساهمة في بنائه، على النحو الذي يطمح إليه ويريده ويتمناه، وتنتقل هذه القدرة إلى غيره، فهو الذي يتولاه بدلا عنه، وليس له هو أن يقبل أو يرفض، بل لا يملك إلى أن يقبل ما يعرض عليه ناسبه ذلك أم لم يناسبه.

وهذا لا يعني أن الدول العربية وشعوبها لا تستطيع أن تخر ج من هذا النفق الذي يبدو أنه مسدود وغير منفذ، بل هناك إمكانية للإفلات من هذا الشَّرَك، وذلك يتطلب من أنظمتها أن تراجع سياساتها في تسيير شؤون شعوبها، وأن تضع حدا لأسباب الصراع والحرب بينها، وأن لا تسمح للغير، أن يتخذ منها أداة لتصفية حساباته مع الأخرى، وأن يجعل من أوطانها ساحات لمعاركه، ومن شعوبها وقودا لحروبه.

إنه لم يعد خافيا على أحد من الناس أن معظم الحروب التي تدور رحاها في بعض بلداننا العربية إنما هي حروب بالوكالة، وإلا كيف نفسر اقتتال السودانيين في دارفور؟ أو اقتتال الليبيين فيما بينهم؟ أو اقتتال الأكراد والعراقيين؟ أو اقتتال السعوديين واليمنيين؟ أليست تلك الحروب والمعارك تخدم مصالح الغير الذي لا يريد لنا خيرا؟ ولا يريد لنا أن نعرف أين نسير، وكيف نحدد المستقبل والمصير…

 

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com