حديث في السياسة

“أخرجوهم إنهم يتطهرون”/ تهامي مجوري

 

في الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن امرأة تدعى هند عياري، نشرت رواية في سنة 2016، بعنوان “اخترت أن أكون حرة”، تروي فيها تجربة ذاتية، بأنها كانت سلفية وقررت أن تتحرر، ومن بين ما ذكرت في هذه الرواية، أنها تعرضت لاعتداء جنسي من طرف مثقف مسلم أطلقت عليه اسم “الزبير” لتذكر بعد ذلك أن هذا “الزبير” في الرواية هو المفكر الإسلامي  السويسري الجنسية الأستاذ طارق رمضان. الواقعة كما تقول المدعية وقعت في سنة 2012.

هكذا بكل بساطة، امرأة كانت سلفية قررت أن تتحرر، ولكنها قبل أن تقرر التحرر تعرضت لعملية اغتصاب، ومغتصبها أستاذ محاضر في أكثر من جامعة بالعالم،  ومؤسس مركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر، وله جدالاته وحواراته وحتى صراعاته مع المؤسسات الغربية –الأكاديمية والثقافية والسياسية- ومن أوجه هذه الصراعات أنه حُرِم تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو في طريقه إلى الجامعة وليس لتجمعات جماهيرية أو مراكز إسلامية أو مساجد..، كما اقتحمت مجموعة من الشابات “فيمين” “عريانات” وهو في محاضرة بإحدى القاعات في فرنسا، كما كانت له جولات مع مثقفين فرنسيين وغير فرنسيين…، كلها تفيد أن الرجل غير مرغوب فيه لأنه يحرج القوم.

ولكن باعتبار أن الرجل حفيد الشيخ حسن البنا، رحمه الله، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ووالده الشيخ سعيد رمضان الذي سحبت منه الجنسية المصرية، واللاجئ السياسي بسويسرا منذ خمسينيات القرن الماضي، يراد للأستاذ طارق أن يعاقب بدلا من جده ووالده والجماعة التي ينتميان لها، وينتقم منه هو أيضا لأنه الند الذي يهدد استقرار الفكر الأوروبي، الشاب الذي تربى في أوروبا ويعرفها كما يعرف نفسه وجيبه، . والوقت الآن مناسب لذلك في هذا الجو المحموم بالتحريض على كل ما له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين على المستوى العربي والإسلامي، وعلى كل ما هو إسلامي في الغرب عموما، سواء من طرف جماعات الإسلاموفوبيا، أو من طرف الذين خافوا على بلادهم من هذا البعبع الذي صوروه لهم كتوجه لا تسامح له من غيره من الملل والنحل.

وإلا لماذا لم تكشف السيد هند عن هذا الاعتداء في حينه أي قبل 5 سنوات..؟

قيل أنها خافت، وهذا سبب مشروع..، لكن من حقق لها الأمن من الخوف اليوم حتى تتحدى وتكشف عما كانت تخاف من كشفه؟

وعلى فرض أن ما قالت قد حصل، لماذا لم ترفع دعوى قضائية للإقتصاص من الرجل؟ وماذا يفيد إشاعة أمر وقع قبل 5 سنوات، إن لم تكن سمعة الرجل هي المقصودة بالتشويه؟

إن من الأساليب القذرة المستعملة في الصراعات بين الخصوم السياسيين من الأحزاب وجماعات وجمعيات المجتمع المدني من المفكرين والمثقفين في الغرب، استدعاء التهم الأخلاقية، في تصفية حساباتهم وإزاحات بعضهم بعضا، وفي محاولات تغلب بعضهم على بعض؛ لأن التهمة الأخلاقية تنعكس سلبا على الموقف من المتهم بسرعة فائقة، بقطع النظر عن صحة الادعاء أو عدم صحته، ذلك أن ميدان المعركة لا يسمح بالتحقق والـتأكد من التهم، وانتقلت هذه الأساليب بكل أسف إلى كل العالم بسبب الهيمنة الغربية على الكرة الأرضية.

والجانب الأخلاقي في حياة الإنسان كما هو معلوم لا ينبغي أن يشيع منه إلا ما كان إيجابيا؛ لأن ما فيه من مفاسد لا تليق إشاعته إنسانيا؛ بل هي من الأمور التي ينبغي سترها على مستوى الأفراد، ولذلك اعتبر الإسلام إشاعة الفاحشة في المؤمنين من الجرائم، والجهر بالمعصية من الكبائر، كما اعتبرتها المنظومة الغربية من الأمور الخاصة التي لا تدان بها الشخصيات العمومية؛ لأنها متعلقة بالحياة الخاصة.

ومهما يكن من أمر إشاعة الأخلاق السيئة وسترها، فإن المشكلة والطامة الكبرى عندما تكون القضية ترويجا لأكاذيب وليس لحقائق، أو شُبَه لتشويه سمعة خصم أو منافس سياسي أو حتى عدو، لا لشيء إلا للتأثير على شعبيته وأتباعه المتأثرين به والمتعاطفين معه.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com