الطاقات المعطلة….والمسؤولية الشرعية/ حسن خليفة

حسن خليفة
سيظل موضوع “الطاقات المعطّلة ” أحد أكثر الموضوعات أهمية من حيث وُجوب الاهتمام به ـ شرعا وواقعا ـ…، سواء في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أوفي سواها من الجمعيات والهيئات الإسلامية الاجتماعية والدعوية والخيرية؛ لأنه مفتاح لتحقيق الأهداف الكثيرة المعطّلة حتى الآن، وعلى رأس تلك الأهداف :تفعيل الوجود الدعوي ـ الإيماني في أرض الواقع ، وتجميع أهل الخير والفضل والخبرة والعلم فيما لا اختلاف فيه بينهم، وهي مسألة تعنيهم جميعا دون استثناء، وأي تعثّر وتأخر فيها سينالهم أثمها دون ريب، وتلحقهم العقوبة بأي شكل كان، لأن في تعطّلها وتعطيلها سوء وخسارة ،وتأخر في بناء معمار الدعوة الذي يحتاج إلى الكل .وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
إن من ملامح القوة في الاهتمام بـالموضوع الخاص بتفعيل الطاقات المعطلة، العمل على تجميعها لتتشارك همّ العمل الدعوي ـ الخيري الذي سيُسلم بعد حين إلى تحقيق الانطلاقة الحقيقية الكبيرة في مجال ردّ الاعتبار للعمل لله تعالى، عن طريق الدعوة والتمكين للدين الذي هو العاصم الوحيد من أي مشكلات ومعضلات واختلالات واهتزازات في الحاضر والمستقبل، كما كان الدين هو الحاضن في الماضي، ونعني هنا بالذات:.الدين الحقّ، الدين القيّم، الدين الوسطي الجليل الرائع، الدين بما هو محضن عظيم للمسلمين أفرادا ومجتمعات، في أي وقت وفي أي مكان .يجد الجميع فيه أنفسهم على أحسن وأفضل ما يكون الوجود: كرامة، وتعففا، ورحمة، وتعاونا وتكاملا وقوة.
إنني أنظر بشيء كبير من الحسرة إلى هذه الجموع الكبيرة من “المتقاعدين” و”المتقاعدات ” (وهم إسم كريه حقيقة من حيث دلالته على “القعود”والتعب ونهاية المشوار وغيرها من الدلالات السلبية، فيما يحسُن أن ننظر إلى الجانب الإيجابي الحقيقي في هؤلاء ،رجالا ونساء، وهو: النضج، والخبرة، والتفرّع، والتخفف من أعباء العمل الرسمي للانخراط في الأعمال الخيرية والإصلاحية….
إنني أنظر بحسرة إلى هذه الجموع وهي تأوي إلى ما يشبه الفراغ، وقد صارت إلى التقاعد دون عمل تقريبا، ودون اهتمام بها من أكثر من جهة ، سواء من جهة الدولة ذاتها التي ينبغي أن تستفيد من “خبراتهم” ـخاصة منهم ذوي الكفاءة والاقتدار ـ .أومن الجهات الأخرى ومنها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين؛ حيث ينبغي أن تلتقط هؤلاء وتعهد إليهم بما برعوا فيه وأتقنوه في مساراتهم المهنية والعملية، وتعمل على الاستفادة منهم كل الاستفادة، ولا بأس أن يكون ذلك بمكافآت يستعين بها هؤلاء لمواجهة الغلاء الفاجر الفاحش وظروف الحياة التي عسّرها الأشرار بسوء تدبيرهم وحوّلوا بلدا غنيا بالغ الغنى إلى بلد يكاد يتكفّف، لا يحسن سوى الاستيراد في كل حال حديثي عن الطاقات المعطّلة وهي كثيرة ومتنوعة وعظيمة الخير، وفي مجالات مختلفة :تربوية،قانونية، علمية…لمَ لا نطرق هذا الباب ونعمل على الاستفادة من هذه الطاقات ، على اختلاف في مواقعها وتوجهاتها واهتماماتها .قد يتساءل متسائل :ولكن كيف؟
هنا يتوجّب أن أقول: إننا في حاجة إلى مدارسة القضية وتقليبها على وجوهها لإيجاد أفضل السبل لاستيعاب تلك الطاقات، في مختلف المناطق، وفي مختلف التخصصات.هل يكون ذلك بلقاء علمي متخصص؟ هل يكون بتفقّهم وزيارتهم والتواصل معهم مع أقرانهم ومن يعرفونهم؟ هل بوسائل تواصل أخرى…؟ ما ينفع في تحقيق هذا الأمر كله طيب وإيجابي ولكنني متأكد من النتائج المثمرة والباهرة ؛حيث إن ذلك سيصبّ ـ في نهر الدعوة الجاري الصافي ـ وسيعين على إعادة ترتيب بعض الأمور ،والاهتمام أكثر فأكثر بما هو أفضل وأبقى …الدعوة إلى الله تعالى والتربية الإيمانية للمجتمع والانخراط في صياغة مستقبل نكون فيه أقرب إلى الله تعالى وأكثر صلاحا واستقامة.
الطاقات المعطّلة موضوع كبير لأبناء الإصلاح والصلاح والإسلام والدعوة..فهل تجد هذه الكلمات آذانا صاغيات وهل يمكن أن نفكر في أسبوع للدعوة إلى الله يكون مكسبا للمجتمع الجزائري برمته، نستعيد فيه الريادة في الدعوة إلى الخير .وذلك هو موضوع الشعاع القادم بحول الله..أسبوع من أجل الدعوة إلى الله…في الجزائر.