المرأة و الأسرة

النقطـــــــــة الغــــامضــــة فـــي الحــــوار الـــزوجــــــــي

يقول الدكتور المترجم لمقال البروفسور غروهول: «كثيراً ما واجهتني في حياتي المهنية مواقف لأزواج يشتكون من نقطة واحدة» زوجي لا يستمع، زوجتي لا تستمع»، فهل هذا ناجم عن انتشار آفة الصمم بين الأزواج؟ بالطبع لا، فالمشكلة لا تكمن في حاسة السمع، وإنما في ما هو أبعد من ذلك. يأتي الرجل إليّ ويجلس على الكرسي شاكياً من أنه لا يستطيع إيصال فكرته في خضم الحوار الزوجي العاصف، لأن زوجته، ببساطة، لا تتوقف عن مقاطعته. وحتى إن لم تفعل، فإنها في الواقع لا تمضي وقتها في الاستماع، وإنما في التحضير لمرافعتها التالية، التي عادة ما لا تكون مبنيةً على حجة الطرف الآخر، بقدر ما هي مبنية على «المونولوج» الداخلي الذي يدور في ذهنها أثناء الحوار. هل قلت حواراً؟ آسف لذلك، فما أشير إليه لا ينطبق عليه وصف حوار. يمكنك أن تسميه ما تشاء إلا أن يكون حواراً! بدأت كلامي مدافعاً عن الرجل، ولكني لا أقصد ذلك، فما ينطبق على آدم، ينسحب في الواقع على حواء، وربما بالمقدار نفسه نسبياً. المهم أن هذه الثغرة، أو النقطة الغامضة في الحوار الزوجي، هي المسؤولة عن الكثير من فرص التفاهم الضائعة. وهي المسؤولة بالتالي عن قسم كبير من المشكلات التي يعانيها الأزواج في عالم اليوم، حيث يكثر السامعون، ويقل المستمعون، وحيث يكثر من يدّعون الحوار، ويقل المتحاورون الحقيقيون. هناك شيء من شخصيتي في ذلك! إن مهارة الاستماع ليست أمراً طبيعياً ولا غريزياً، وهي لا تأتي عفو الخاطر. كما أننا ننشأ في هذه الحياة، وقد تعلمنا التواصل مع الآخرين بوسائل مختلفة وبطرق متفاوتة. وهذا الاختلاف إنما ينشأ عن عوامل عديدة يأتي العامل الوراثي في مقدمتها. ومن تلك العوامل أيضاً العامل الوراثي في الاختلافات بين الجنسين، وهو عامل مهم للغاية، لكنه يوصف بالعامل «السهل»، إذ من اليسير الاعتماد عليه لإطلاق التعميمات من قبيل: «إنها تقضي جلَّ وقتها في الثرثرة على الهاتف، ولكنها لا تحسن الحديث معي لبضع دقائق»، أو «إنه يفضل التفرج على المباريات ونشرات الأخبار على الحديث معي»، أو «إن لديه الاستعداد لقضاء الكثير من وقته مع أصدقائه، أما معي فهو مقتصد وبخيل». وسواء أكانت تلك المزاعم صحيحة أم مبالغاً فيها فنحن ننظر إليها وإلى أمثالها، ثم نقول في قرارة أنفسنا «بالفعل، هنالك شيء من شخصيتي في ذلك». وهذا طبيعي؛ فالعديد من الرجال يفضلون قضاء الوقت مع أصدقائهم، على الخروج للعشاء مع زوجاتهم، وهنالك نساء يفضلن الثرثرة مع صديقاتهن، على الحديث لنصف ساعة مع أزواجهن. انتهى كلامه.
إن بين السمع و الاستماع مسافة كبيرة نستطيع أن نشبهها بالشخص الذي عنده إرادة والشخص الذي لا إرادة له…فإن اجتياز هذه المسافة تُعد ضرورية من أجل التواصل بين شخص وآخر، فما بالك بالتواصل بين الزوجين..
أمال السائحي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com